2014/12/03
34-TRIAL-
يكاد يكون اللقاء الأخير الذي عقده رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وزير ماليته ورئيس حزب "ييش عتيد" يائير لبيد ، والذي بدلاً من ان يؤدي الى المصالحة بينهما انتهي بانفجار واتهامات متبادلة، القشة التي قصمت ظهر البعير فيما يتعلق بموضوع الانتخابات المبكرة، وكل التقديرات تشير الى تقديم موعد الانتخابات وانتهاء ولاية حكومة نتنياهو و ائتلافه الذي لم يكمل العامين بعد.
في لقاء الرجلين وضع نتنياهو شروطاً على لبيد تنفيذها لاستمرار الحكومة منها ما يسميه وقف التامر على الحكومة وخاصة في موضوع توجيه الانتقادات على البناء في القدس وحول العلاقة مع الادارة الأميركية ،وتحويل مبلغ ستة مليارات شيكل لدعم موازنة الأمن للتدريبات والتسليح، وتحويل الموازنة المطلوبة لنقل قواعد الجيش الى الجنوب، ودعم قانون القومية اليهودية على أساس ما اقترحه نتنياهو، وتجميد خطة لبيد الاقتصادية القائمة على
قانون صفر بالمائة ضريبة قيمة مضافة، وتقديم حلول لمشكلة الإسكان وخيارات لخفض غلاء المعيشة. وعملياً اتهم نتنياهو لبيد بالعمل والتآمر ضد الحكومة، بينما اتهم الأخير نتنياهو بالكذب والتراجع عن مواقف سابقة وخاصة بدعم قانون صفر ضريبة. وهكذا اتسعت الهوة بين الاثنين وفسر موقف نتنياهو بانه ذاهب للصدام وليس للحل، بينما يقول المقربون منه ان لبيد أهانه .
وعلى ما يبدو قرر نتنياهو الذهاب نحو انتخابات مبكرة لانه أدرك ان الزمن ليس في صالحه اذا استمرت هذه الحكومة التي يمكن القول عنها انها فاشلة بامتياز في كل ما عملت باستثاء البناء في المستوطنات وخلق عوائق ومبررات للتوتر. فهي فشلت في العملية السياسية وأدى موقفها الى احراج الادارة الأميركية بل وتدهورت العلاقة بين واشنطن و حكومة نتنياهو بصورة لم يسبق لها مثيل في السنوات الاخيرة. وهذا دفع الفلسطينيين الى الذهاب الى الامم المتحدة مما زاد في عزلة اسرائيل، وحقق للقضية الفلسطينية مكاسب مهمة آخذة في الازدياد. ولا يمكن لهذه الحكومة ان تدعي النجاح على المستوى الأمني بعد الفشل في حرب غزة وبعد الإخفاقات المتتالية في احتواء التوتر وردود الفعل الفلسطينية في القدس المحتلة. كما ان الوضع الاقتصادي حدث ولا حرج ، فالفجوة بين الطبقات تتسع وكل وعود وزير المالية للطبقة الوسطى تبخرت مع ازدياد موازنة الجيش والإنفاق الهائل على البناء في المستوطنات والاهتمام بمطالب وحاجات المستوطنين. ولا يوجد جهة في اسرائيل يمكنها مدح اداء الحكومة واعتبارها حكومة ناجحة ، وبدون شك يتحمل نتنياهو المسؤولية عن هذا. ومحاولة الذهاب لانتخابات مبكرة وسيلة للتخلص من هذه المسؤولية .
المعارضة الإسرائيلية الممثلة في حزب (العمل ) وحركته "ميرتس" و"شاس" تريد التسريع في اجراء الانتخابات وعلى ما يبدو ستقوم "ميرتس" و"العمل" بتقديم مقترح للكنيست يقضي بحلها و الذهاب لانتخابات مبكرة. و بالتأكيد ستدعم الأحزاب العربية مثل هذا المقترح وقد ينال الأغلبية اذا توافقت أطراف الحكومة على الانتخابات. وهذا على الأغلب هو التوجه العام.
الكثير من المحللين يشكون في إمكانية ان يحقق نتنياهو اي انتصار حتى لو ركب حصان القومية المتطرفة، فهذا القانون الذي يعتبر السبب الرئيس في فك عقد الحكومة لا يعني الكثير بالنسبة للجمهور، وعدا ذلك هناك تهديدات حقيقة لنتنياهو من موشي كحلون الذي شكل حزباً جديداً سيحصل على غالبية اصواته من ناخبي "الليكود"، وحزب (البيت اليهودي) يبدو انه في الطريق للتفكك وعودة كتلتي (الاتحاد الوطني) و"المفدال"للواجهة من جديد كحركتين منفصلتين. واستطلاعات الرأي التي اجريت في الفترات السابقة قد لا تنطبق على واقع الانتخابات الواقعية. وهناك من يأملون على فشل حكومة اليمين ان تنزاح الخارطة السياسية مرة جديدة نحو الوسط واليسار، ولكن هذا الجزء منها لم يخرج زعيماً يمكن الإشارة اليه يكون قادراً على توحيد اليسار والوسط في حكومة واحدة وتولي القيادة.
على كل الأحوال اذا ذهب الإسرائيليون الى الانتخابات فهذه فرصة لنا للتأثير في مجراها،طبعاً ليس من خلال التدخل المباشر من قبيل دعوة الناخبين لاختيار فريق بعينه لان الجمهور الاسرائيلي لن يقبل مثل هذا التدخل، ولكن يمكننا حث الجماهير الفلسطينية في اسرائيل على المشاركة بكثافة في الانتخاب وحث الأحزاب العربية على التوحد في قائمة او قائمتين على الأكثر . والتأثير يمكن ان يكون في حضور فلسطيني أكثف في وسائل الاعلام الإسرائيلية وتذكير جمهور الناخبين بوجود الصراع ، وتوجيه رسائل سلام واضحة للإسرائيليين تقول :اننا جاهزون لحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران وان المشكلة في عدم وجود شريك إسرائيلي ، ويفضل اجراء لقاءات واسعة بين شخصيات قيادية فلسطينية وقطاعات من الإسرائيليين لشرح الوضع الراهن والموقف الفلسطيني، وهذا بالمناسبة ليس تطبيعاً بل انه كفاح مطلوب لتغيير او تعديل مواقف الإسرائيليين ،وهذا مهم علنا ننجح في التأثير على هذه الساحة المهمة.
108
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية