مجلة بريطانية: غزة كومة نفايات بشرية والجميع يتجاهلها
ادعت مجلة إيكونومست البريطانية ان غزة كومة نفايات بشرية يفضل الجميع تجاهلها فلا اسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية يرغبون بتحمل المسؤولية عنها ، فيما يخرج السم أحياناً من خلال الصواريخ التي تقوم الى حرب وعندها يجبر العالم على تركيز انتباهه عليها.
وعقلت المحلة في افتتاحيتها على أحداث الأسبوع الأخير من الاحتجاجات قرب السياج الحدودي في غزة ومقتل أعداد من الفلسطينيين وجرح الآلاف ، وهي وإن حمّلت إسرائيل مسؤولية القتل باعتبارها الطرف الأقوى لكنها حملت مصر والفلسطينيين في غزة والسلطة الوطنية المسؤولية أيضاً.
وهذا ما حدث يوم 14 أيار/مايو عندما تجمع عشرات الألوف قرب السياج الحدودي في غزة وهددوا بالعودة إلى أراضي أجدادهم التي خسروها بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948.
وفي شاشة سريالية مقسمومة إلى نصفين كان رئيس الوزراء الإسرائيلي مغتبطاً بافتتاح السفارة الأمريكية في القدس ووصفه بـ يوم عظيم للسلام.
وأضافت أن الكثير من الدول شجبت إسرائيل واستدعت بعضها دبلوماسييها فيما حمل آخرون الرئيس دونالد ترامب المسؤولية من خلال نقله السفارة من تل أبيب إلى القدس. وبالتأكيد فمن الصواب تحميل إسرائيل المسؤولية، الطرف الأقوى، والتزامها بالمعايير العالية. إلا أن الاطراف الفلسطينية تتحمل المسؤولية، رغم كونها ضعيفة. وبعد سبعة عقود من إنشاء إسرائيل كديمقراطية مزدهرة فهناك طرق مثلى لحل النزاع الابدي بدون سفك الدماء الأبدي».
وتبدو المجلة متحفظة في تحميلها المسؤولية لإسرائيل حيث تقول: «من حق كل دولة الدفاع عن حدودها وبالحكم على الأعداء فلربما أفرط الجيش في استخدام القوة المفرطة. ولكن النتيجة المؤكدة تحتاج إلى تقييم مستقل لما حدث. فقد استخدم الإسرائيليون وسائل غير فتاكة مثل الغاز المسيل للدموع الذي كان يلقى من الطائرات بدون طيار، لكن القناصة بدأوا بالعمل فماذا تغير؟» تجيب المجلة أن «عدداً غير معروف من مهاجمي حماس انغمسوا بين المحتجين وحاولوا اختراق السياج. وطبيعة التهديد الذي يمثلونه تعتمد على التفاصيل».
سجن كبير
وتضيف أن المسألة السياسة مهمة أيضاً، فالسياج ما بين غزة وإسرائيل ليس مجرد حدود عادية، فغزة هي سجن كبير وليست دولة، فمساحتها لا تتجاوز 365 كيلومتراً مربعاً ويعيش فيها مليونا نسمة وتعتبر من أكثر المناطق إزدحاما وبؤساً على وجه البسيطة. فهي تعاني من نقص الأدوية والكهرباء والماء وبقية الحاجيات الأساسية، فمياه الحنفيات ليست صالحة للشرب ويتم ضخ مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى البحر. وفي غزة أعلى معدلات البطالة في العالم، 44% ومشاهد الحرب الثلاث بين حماس وإسرائيل منذ عام 2007 جعلت القطاع على حافة الإنفجار.
وتحمل المجلة مسؤولية هذه التراجيديا كل الأطراف. وتصر إسرائيل على أن غزة ليست مشكلتها، خاصة أنها انسحبت منها عام 2005 مع أنها لا تزال تسيطر عليه من الجو والبر والبحر. وأي مزارع يقترب على مسافة 300 متر من السياج عرضة للرصاص الإسرائيلي. وتفرض إسرائيل القيود على دخول البضائع ولا تسمح إلا لعدد قليل من مواطني القطاع الخروج للعلاج الصحي. وطالما حذر الجنرالات من انهيار الاقتصاد في غزة، ويتجاهل نتنياهو تحذيراتهم دائمًا.
وتساهم مصر في حالة البؤس، فلم ت فتح معبر رفح الذي يعد شريان الخروج الثاني للقطاع، للمسافرين والبضائع إلا 17 يوماً خلال الشهور الأربعة الأولى من هذا العام. وتتحمل حركة فتح التي تدير السلطة الوطنية في الضفة الغربية جزءًا من المسؤولية خاصة أنها رفضت دفع الرواتب لعمال الخدمة المدنية في القطاع وحددت من نقل المواد الأساسية بما في ذلك حليب الأطفال والأدوية وخفضت من دفع فواتير الكهرباء لإسرائيل.
وحملت الصحيفة حركة حماس معظم المسؤولية لأنها دمرت اتفاقية أوسلو، من خلال حملة العمليات التفجيرية في نهاية التسعينات من القرن الماضي وبداية القرن الحالي.
وبعد طردها إسرائيل من غزة فازت في الانتخابات العامة وبعد حرب قصيرة طردت فتح من القطاع عام 2007. وأساءت حكم القطاع وأثبتت أنها فاسدة وقمعية وعاجزة. وقامت بتخزين السلاح في الأماكن المدنية بما في ذلك المدارس والمساجد بشكل جعلها عرضة للأهداف، كما استخدمت الإسمنت المفترض أن يذهب لمشاريع البناء لحفر الأنفاق.
لا تريد الحكم!
واعترفت حماس أنها لا تريد الحكم عندما تخلت عن إدارة القطاع للسلطة الوطنية العام الماضي إلا أن اتفاقية المصالحة انهارت بعد رفض حماس التخلي عن سلاحها.
وتقول المجلة إن مصر وإسرائيل والسلطة الوطنية لا يمكنها سجن الفلسطينيين في غزة على أمل أن يثوروا ويتخلصوا من حكم حماس، فهذا لن يحدث. وفقط عندما يشعر الغزيون بالحرية فعندها قد يفكرون بالتخلص من حكامهم. ويمكن عمل الكثير لتخفيف معاناة الغزيين بدون تعريض أمن إسرائيل للخطر.
ولا يوجد حل دائم للوضع بدون التوصل لتسوية القضية. ورفض نتنياهو الدولة الفلسطينية وواصل بناء المستوطنات على الأراضي المحتلة. ومن الصعب إقناع الإسرائيليين بتغيير مواقفهم. فاقتصادهم مزدهر واعتقد نتنياهو أنه بـ»إدارة» الصراع لا حله فسيكون قادرا على منع العنف بدون تقديم أي شيء للفلسطينيين. وعندما يندلع العنف تتعرض صورة إسرائيل للتشويه وليس بشكل كبير، فلديها إدارة ترامب للدفاع عنها. وعلاقتها مع الدول العربية التي تريد إقامة تحالف ضد إيران في أحسن حالاتها. ومن الخطأ أن تتوقف إسرائيل البحث عن صفقة فيما عرض ترامب القدس للخطر. ولكن الفلسطينيين بخلافاتهم سهلوا المهمة على إسرائيل، فهم موزعون بين فتح العاجزة عن تقديم السلام وحماس الرافضة له. وهم بحاجة لقيادة. ويجب على فتح تجديد نفسها عبر الانتخابات.
وعلى حماس الاعتراف بأن الصواريخ تضر بحلم الدولة الفلسطينية أكثر مما تضر بإسرائيل. ورغم حديث قادة حماس عن اللاعنف إلا أنهم رفضوا التخلي عن المقاومة المسلحة، ولا يريدون التخلي عن سلاحهم او دعم حل الدولتين. ويتحدثون بغموض عن هدنة طويلة. إلا انهم لو تخلوا عن السلاح لفتحوا الباب امام تقارب مع فتح. ولو دعموا العملية السلمية واعترفوا بحق إسرائيل في الوجود لكشفوا عن عدم استعدادها للسماح بدولة فلسطينية. وفي النهاية تقول إن على الفلسطينيين تبني السلمية والتظاهر بدون عنف. وإقناع إسرائيل بأن احتجاجاتهم لن تؤثر على أمنها.