كلما اقترب موعد الرابع عشر من ايار الذكرى الـ 70 للنكبة وهو يوم الزحف نحو الحدود الفاصلة بين قطاع غزة وفلسطين التاريخية اضع يدي على قلبي حيث يزداد خفقانا واشعر برهبة وخوف شديدان، ويذكرني بدورات العدوان الاسرائيلية على القطاع وهمجية الاحتلال الاسرائيلي والجرائم التي ارتكبها، وهذا ليس تهبيط من عزيمة واصرار الشباب والفصائل الفلسطينية على التقدم والزحف في مسيرة العودة الكبرى.
الخوف ليس شخصي فالمقاومة حق للفلسطينيين بكافة اشكالها وهناك شبه اجماع  بين الفصائل الفلسطينية على مسيرات العودة، غير ان ما يجري ليس فعلا وطنينا وحدويا بامتياز فهناك خلاف فلسطيني على اليات المقاومة الشعبية التي انطلقت منذ الـ 30 من اذار الماضي، ومسيرات العودة انحصرت في قطاع غزة ولم تمتد الى باقي المناطق الفلسطينية المحتلة او حتى مع الدول العربية المجاورة الاردن ولبنان وسورية المثخنة بالقتل وتشريد اللاجئين الفلسطينين الذي كان من الممكن ان يشاركوا في مسيرات العودة.
كما ان مسيرات العودة لم تعد الشعار الاول عندما انطلقت بل اصبح الشعار مسيرات العودة وكسر الحصار ويترجم الشعار بشكل يومي من خلال تصريحات قيادة حركة حماس المتكررة وترجمها بالأمس المسؤول الاول عن الحركة يحيى السنوار الذي قال:  إن "الشباب الذي حوصر في غزة على مدار 11 عامًا صنع العجائب بمسيرات العودة خلال الأسابيع الماضية وسيصنعها في الأيام المقبلة". أن "من يظن أنها ثورة جياع أو محاصرين فهو واهم،  وفي كل مرة يتدخل الشباب والشابات ليعيدوا التوازن للقضية الفلسطينية وإعادتها لمربعها الأصيل". قلنا لهم أن كل قوى الدنيا لن تُعيد النمر المفترس إلى القفص مجددًا ومن يحاول ذلك سيفتك به هذا النمر قلنا إننا في حماس والفصائل سنكون جنبًا إلى جنب مع هذا النمر".  
وهذا ما يدفعنا الى الحديث عن التقديرات الاسرائيلية التي تتحدث منذ فترة ان شهر ايار هو الاخطر على اسرائيل منذ العام 1967، وانه يحمل تهديدات الانفجار الكبير مع ايران خاصة بعد الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي والموقف المايع لروسيا ودول الاتحاد الاوروبي وخشية اسرائيل من مسيرات العودة وتمددها للضفة الغربية وغيرها من المناطق واحتفالات نقل السفارة الامريكية للقدس. 
اسرائيل تحدثت اليوم ان الجيش الإسرائيلي نفذ أحد أكبر العمليات الجوية في العقود الأخيرة ردا على صواريخ انطلقت من سورية تجاه اسرائيل وأعتقد ان هذا رسالة لغزة ايضا، وهذا يأتي في اطار التوتر المستمر بين ايران واسرائيل منذ اشهر ويأتي في اطار التقديرات الاسرائيلية السابقة لكن التقديرات ايضا تقول ان الامور تحت السيطرة حتى الان طالما ان المعركة مستمرة على الارض السورية وليس الايرانية.
 ربما ما يجري بين اسرائيل وايران على الارض السورية لا يقلقني كثيرا على الرغم من حال القهر والانفسام العربي وما يجري في سورية التي اصبحت ملعبا للصراعات الدولية وفجور الغطرسة والتغول الاسرائيلي  واستباحتها للأراضي السورية بذريعة منع التواجد الايراني في سورية والتي تعتبره ليس خطرا استراتيجيا انما خطر وجودي، والتماهي ما بين نتنياهو وترامب لتحذيرات والتقديرات الاسرائيلية التي تقول ان شهر ايار هو  الاخطر على اسرائيل منذ خمسين عاماً، وقد يحدث الانفجار.
وهنا يثار السؤال: كيف سيكون رد الفعل الاسرائيلي على مسيرات العودة في ظل التقديرات وما يجري وانهيار مقومات الردع التقليدي وقواعد الاشتباك والرد المختلف؟ وهذا دافع اكبر للحذر والخوف وما يجري في ساحتنا الداخلية والتقديرات والسياسات غير العاقلة منذ 11 عاما على الانقسام وقبل وبعد انعقاد المجلس الوطني ومخرجاته التي لم تعبر عن الكل الفلسطيني ولم تغير من الحال شيئ انما عمقت ازمات الفلسطينيين، والنتائج تعبر عن حال التيه والتمسك بالقديم وعدم ادراك خطورة الاوضاع الدولية والاقليمية، والحذر من ما يجري على الارض السورية وانفجار حرب ولفت الانتباه الى هناك وكذلك استغلال مسيرات العودة والزحف نحو الحدود وما قد ترتكبه اسرائيل من جرائم وممارسات لقمع الحراك الشعبي وجعل تلك الجرائم كحدث في سلم اولويات العالم.
في غياب الاجماع الوطني حول الزحف وسيناريوهات الاحتلال وكيفية التعامل معها  ورأينا القمع الاسرائيلي، وهي لن تسمح باقتحام عشرات الألاف في ظل الاختلاف والسيناريوهات حول ان الاعداد غير مضمونة حتى الان، ايضا غياب القيادة الميدانية في مشاغلة الجنود الاسرائيليين على الحدود والآليات والأدوات المستخدمة والرد الاسرائيلي عليها، وجرأة الشباب وحماوة الصدور غير العادية في اقتحام الحدود أكثر من مرة وقص السلك تثير الفخر، لكنها تثير  الخوف فهي غير محسوبة حول الزحف واعداده وحماوة صدور الشباب والدم يثير الناس وما يدفعهم للزحف.
اعتقادي ان اسرائيل لن تسمح لذا الموضع خطير اكثر ما يتنامى الى مسامعي بانه لا يوجد اجماع حتى الان على كيفية الزحف نحو الحدود ولم يحسم بشكل نهائي وايضا البعض يعتقد ان الزحف سيحرك الشارع العربي فهذا تعويل وتقدير خاطئ وفي غير محله، فمسيرات العودة مستمرة منذ نحو شهر ونصف وسقط نحو 41 شهيدا والالاف الجرحى ولم تتحرك مظاهرة واحدة في ما تبقى من الوطن، والعرب كل مشغول بنفسه ومصالحة واصطفافهم، لذا الحذر والانتباه من ما تخطط له اسرائيل والحالة الفلسطينية التي تشبه الى حد كبير تلك التي عشناها قبل وبعد النكبة واغتصاب فلسطين.
وعليه فالدعوة ضرورية الى تبني رؤية وطنية للقوى المشاركة في مسيرات العودة لتضع السيناريو الافضل لكيفية انطلاقتها في يوم النكبة كي لا ندفع اثمان اكبر وتثبيت وتعزيز حقوقنا الوطنية المشروعة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد