من جديد تتوجه فلسطين إلى مجلس الأمن الدولي بهدف توفير الحماية الدولية لشعبنا الذي لا يزال يتعرض لاعتداءات وحشية متكررة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، سواء لجهة استمرار عمليات قتل متعمّد للمتظاهرين السلميين في قطاع غزة والتي أدت إلى استشهاد العشرات من المواطنين وجرح الآلاف منهم، أو لجهة اتباع الاحتلال لسياسة تهويد العاصمة الفلسطينية القدس واتساع الاستيطان في الضفة الغربية، بالتوازي مع حملات الاعتقال اليومية، الأمر الذي يفرض على المجتمع الدولي تطبيق قوانينه التي يتم خرقها من قبل سلطات الاحتلال بشكل متكرر وبلا مبالاة يقع ضحيتها المزيد من الشهداء وابتلاع الأرض الفلسطينية.


أواخر آذار عام 2005، انضمت فلسطين رسمياً إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وسرعان ما قامت  بإحالة عدة ملفات إلى هذه المحكمة، بهدف إنهاء حالة عدم المساءلة والإفلات من العقاب من قبل القتلة الإسرائيليين، ولا تزال المحكمة تجري تحقيقاً مبدئياً في جرائم الاحتلال على اختلاف أشكالها وفقاً للملفات العديدة التي تقدمت بها فلسطين، ومن دون أن تبرح «التحقيقات المبدئية» زمانها للانتقال إلى مستوى متقدم ب فتح أبواب المحكمة لاستقبال القتلة الإسرائيليين.


وفي سياق مواز، يدعو الأمين العام للأمم المتحدة إلى تشكيل لجنة تحقيق بمجازر قوات الاحتلال في قطاع غزة على خلفية الحراك الشعبي السلمي في مسيرة العودة ، إلاّ أن السيد غوتيرس، ظل عند دعواته المتكررة هذه من دون أن يخطو خطوة عملية باتجاه تشكيل لجنة تحقيق دولية، بينما كان الأمين العام السابق بان كي مون قد سارع إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية إثر الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة أواخر العام 2014، حول الهجمات الإسرائيلية على منشآت الأمم المتحدة التعليمية والطبية، في وقت يسد المفوض السامي أذنيه ويغلق عينيه عما يجري من اختراق لحقوق الإنسان الفلسطيني على يد الاحتلال الإسرائيلي.


بعض منظمات حقوق الإنسان دعت دولة الاحتلال إلى إجراء تحقيقات بشأن سقوط أعداد متزايدة من الشهداء والجرحى جراء عمليات القتل الإسرائيلية الأخيرة، هذه المنظمات تتجاهل حقيقة أن هذه العمليات تجري أساساً وفقاً للقوانين الإسرائيلية، ولم تلاحظ هذه المنظمات أن من أحيلوا إلى المحاكمة من الجنود والضباط الإسرائيليين على خلفية عمليات القتل هذه، تمت تبرئتهم في الغالب، وفي بعض الحالات عقوبات متساهلة للغاية، حتى مع وجود حقائق ووثائق تدين هؤلاء. الأمثلة لا تعد ولا تحصى في هذا الاطار، خاصة عندما تعتمد المحاكم أقوال الجنود والضباط كشهود أكثر من كونهم مدانين ومتهمين!


إسرائيل لا تدير ظهرها للقوانين الدولية فحسب، بل هي تطالب بتغييرها وتعديلها بما يتوافق مع رؤيتها، وهي الرؤية التي تمارسها علناً، كما حدث قبل انطلاق مسيرة العودة الكبرى عندما أعلنت إسرائيل على لسان وزير حربها وعدد من كبار القادة العسكريين عن سلسلة خطوات ستلجأ إليها لقتل النشطاء الفلسطينيين المسلحين، فأعلنت عن نشر قناصة على طول الحدود مشيرة إلى أن لديهم أوامر بالقتل، وقد مارست هذه القوات هذه الأوامر، ما أدى إلى سقوط أعداد متزايدة من الشهداء والجرحى.


حسب الصحافي البريطاني «بن وايت» فان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أصدر تعليماته للهيئات الحكومية والحقوقية والقضائية لشن حملة عالمية بهدف تعديل «قوانين الحرب الدولية» وذلك في أيلول 2009، بعد ذلك بسنوات قليلة وتحديداً في العام 2015، تحدث رئيس الأركان الإسرائيلي السابق، بيني غانتس عن الحاجة إلى تحديث قوانين الحرب واللوائح وفق الحقائق الحالية.


ولا يستغرب الكاتب في مقالته التي نشرها مؤخراً في موقع «ميدل ايست آي» ادعاء قوات الاحتلال أن أعمالها غير القانونية تتماشى مع القانون، في تحدٍّ صارخ ومعلن لأسس ومقومات القانون الدولي، وينقل الكاتب عن رئيس سابق في قسم القانون الدولي في مكتب المدعي العام العسكري الإسرائيلي، أن العالم سيتقبل الرؤية الإسرائيلية في حال استمرار تأكيدها بشكل دائم، فالقانون الدولي يتطور ـ حسب رأيه ـ من خلال الانتهاكات!


Hanihabib272@hotmail.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد