على الرغم من التهليل الإسرائيلي للضربة الثلاثية الأميركية والفرنسية والبريطانية على سورية وإعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، دعمه الكامل للضربات، إلا أن عدد من المحللين الإسرائيليين كان لهم رأيا مغايراً وأظهروا تباينًا في مواقفهم وتحليلاتهم من جدية الضربة وأن التصعيد في خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لا يتناسب وحجم الضربة، وأن ثقلها لم يتجاوز المستوى السياسي، نظرًا لكونها أميركية فرنسية بريطانية مشتركة.


وأقل من التوقعات وأنه لم تكن هناك رغبة حقيقية لتغيير الوضع في سورية، أو حتى إسقاط الأسد، أو إضعاف النظام السوري، ولم يطمح الغرب، سوى بعقوبة رمزية، تختار بعناية، من دون أخذ أية مخاطرة قد تؤدي إلى مواجهة مع الروس.


إسرائيل متوجسة من الضربة ونتائجها وأبعادها السياسية وتأثيرها على المصالح الإسرائيلية، واعتبارهم ان الضربة هي عملية عسكرية محدودة، فقد تناولت الصحف الاسرائيلية خلال اليومين الماضيين تحليلات لكبار الكتاب والمحليين في الصحف الاسرائيلية الذين رؤوا أن إدارة ترامب قد تكتفي بهذه الضربات قبل بدء سحب القوات الأميركية من الأراضي السورية، ما يثير مخاوف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وأن تجد إسرائيل نفسها في مواجهة مباشرة ومنفردة مع الإيرانيين، الذين يسعون إلى تواجد عسكري وتمركز موّسع في سورية، إضافة إلى دعم حزب الله بالأسلحة والخبرات.


وعبرت تحليلات الكتاب عن خشية وقلق من النتائج الحقيقية وانعكاسها على إسرائيل ووضعها الاستراتيجي وكانت أقل مما كان ممكنا ومما توقعته إسرائيل، وأن مخاوف واشنطن من موسكو جعلت الهجوم على سورية محدودا، طالما لا يوجد أي تهديد حقيقي على نظام الرئيس بشار الأسد، فإنه سيواصل استخدام السلاح الكيماوي، وبالنتيجة فإن أسباب القلق، تظل قائمة في إسرائيل. ووفقا لما ذكره المحلل العسكري لموقع صحيفة “يديعوت أحرونوت”، رون بن يشاي، في مقاله الذي نشر اول أمس السبت حيث قال أن الضربة التي أعلن عنها وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، لم تستهدف سوى منظومة السلاح الكيماوي. وهي “أقل بكثير مما كان ممكنا، وكان يجب فعله، و”الأهداف التي قصفت بالتأكيد لا تهدد بقاء النظام، ولا قدرته على مواصلة حملة النصر على المتمردين.


وكتب المحلل العسكري في الصحيفة ذاتها “يديعوت أحرونوت”، أليكس فيشمان، أنه “بالنسبة لإسرائيل، ما حدث لن يحسن وضعها الإستراتيجي، وبقيت إسرائيل في نفس المواجهة المتصاعدة مع إيران، كما انه لم يضعف نظام الأسد بسبب الضربة الثلاثية. على العكس من ذلك، فإن الهجوم أدى فقط إلى تأكيد الالتزامات الروسية تجاه نظام الأسد، واليوم يتحدث الروس بالفعل عن بيعه أنظمة متقدمة مضادة للطائرات، على غرار طرازي S-300 وS-400، الأمر الذي قد يجعل من الصعب على القوات الجوية الإسرائيلية العمل في عمق سورية”.


واضاف فيشمان “أن الضربة التي سارع الرئيس الأميركي بالإعلان عنها عقب تواتر الأنباء عن الهجوم الكيميائي في مدينة دوما، جاءت استجابة للردود الفعل الجماهيرية العاصفة، في كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، وكذلك تماشيًا مع التهديدات التي أطلقتها تلك الدول بتدخل عسكري إذا ما استخدمت الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في سورية، ما لم يبق خيارًا للدول سوى تنفيذ ضربة عسكرية، وأن الحسابات والتوازنات، والتداخل الروسي فرض على الغرب التروي وإجراء حسابات دقيقة للأهداف، ما أدى إلى “ضربة متواضعة بالحجم والأبعاد والتبعات”.


وقال محلل الشؤون العربية في صحيفة “هآرتس”، بروفسيور تسفي بارئيل، إنه إذا حاولت روسيا منع القوات الجوية الإسرائيلية من التحليق بحرية في الأجواء السورية، فإنها بذلك ترسل رسالة مزدوجة، الأولى إلى واشنطن بصفتها راعيًا لإسرائيل، والأخرى لإسرائيل كمعتدية للاحتكار والسيطرة العسكرية الروسية في سورية.


وأضاف بارئيل، إن إسراع وزير الدفاع الأميركي، بالإعلان أن الضربة على أهداف في سورية جاءت “لمرة واحدة فقط”، وهدفها إرسال رسالة قوية إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد، وإعلان البنتاغون “السريع”، كذلك، أن الضربة العسكرية في سورية انتهت، يشيان بأن الدول الغربية اضطرت إلى أن تبعث رسالة لنظام الأسد كجزء من التزامها في منع انتشار استخدام الأسلحة غير التقليدية، الكيماوية في هذه الحالة، على الرغم من أن معظم الضحايا المدنيين في سورية سقطوا بأسلحة تقليدية.


واعتبر بارئيل أن الضربة لا تمثل تغيرًا بالإستراتيجية الأميركية بالشأن السوري، إذ أن الإدارة ماضية بما عبّر عنه ترامب مؤخرًا، بسحب القوات العسكرية الأميركية من المناطق السورية، إضافة لعدم الرغبة الأميركية في الدخول بدهاليز الحل السياسي، والمفاوضات التي ترعاها كل من روسيا وإيران وتركيا بين المعارضة وممثلي النظام.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد