انتهت جلسة مجلس الأمن التي عقدت بدعوة من دولة الكويت حول المجزرة التي ارتكبها الاحتلال ضد مسيرة العودة ، على الحدود مع قطاع غزة ، انتهت من دون الاتفاق بين أعضاء المجلس على بيان مشترك، إسرائيل وبريطانيا والولايات المتحدة، ومن خلال مندوبيهم في المنظمة الدولية أعربوا عن «أسفهم» لعقد الاجتماع في وقت متزامن مع أعياد الفصح اليهودي، هذه الأعياد التي لم يراع الإسرائيليون خلالها ارتكاب مجزرة بحق المواطنين الفلسطينيين المسالمين، مع ذلك لم يتردد الأمين العام للأمم المتحدة في الدعوة إلى تحقيق دولي مستقل، سرعان ما رفضته إسرائيل على لسان المتحدث باسم رئيس الحكومة نتنياهو، عندما أجاب على سؤال بهذا الشأن من قبل إذاعة B.B.C، بقوله: «الأمور واضحة.. هناك معتدون على أمننا، قمنا بالدفاع عن أنفسنا وأطلقنا النار عليهم، الأمر بسيط، وليس بحاجة إلى أي تحقيق!».
بالعودة إلى سبعين عاماً خلت، يتخذ مجلس الأمن قراراً بالرقم 69 لعام 1949، يعتبر فيه «إسرائيل دولة محبة للسلام وقادرة وعازمة على تنفيذ الالتزامات التي يتضمنها ميثاق الأمم المتحدة، وبناءً على ذلك يوصي الجمعية العامة بقبول إسرائيل لعضوية الأمم المتحدة» تبنى المجلس هذا القرار بتسعة أصوات مقابل صوت ضده (مصر) وامتناع المملكة المتحدة عن التصويت! وفقاً لهذا القرار، فإن عضوية إسرائيل في المنظمة الدولية ترتكز على مبدأين: السلام والالتزام بتنفيذ القرارات، والآن ومن جديد، تؤكد الدولة العبرية أن أياً من هذه المبادئ والمعايير لا ينسجم مع سلوكها الدموي تجاه الشعب الفلسطيني، التي استباحت أرضه ووطنه، وها هي تسفك دماء أبنائه المسالمين.
مع ذلك، فلدى اسرائيل المزيد من الوقاحة السياسية كي تتنافس لنيل مقعد لها كعضو غير دائم في مجلس الأمن نهاية العام الجاري، حيث ستجري اجتماعات الجمعية العامة لهذا الشأن في حزيران المقبل، لكي تتنافس مع كل من ألمانيا وبلجيكا، ومن المعروف أن انتخابات عضوية غير دائمة في مجلس الأمن تتم في اطار هيئات رئاسية إقليمية، وكانت إسرائيل منذ عام 1949، وحتى العام 2000 تنتمي إلى المجموعة الآسيوية والتي تضم أغلبية عربية والتي عارضت على الدوام تمثيلها في مجلس الأمن، لكن في العام 2000 وافقت الأمم المتحدة على نقل إسرائيل إلى مجموعة «غرب أوروبا ودول أخرى» وتتمتع بمقعدين غير دائمين في مجلس الأمن.
مساعٍ إسرائيلية ـ أميركية محمومة لكي تفوز إسرائيل في التنافس على أحد مقاعد مجلس الأمن، الزيارات المنظمة من قبل القيادات الإسرائيلية وعلى رأسها، رئيس الحكومة في الشهور الأخيرة، لدول عديدة في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، هدفت فيما هدفت اليه، إلى حث هذه الدول إلى تعديل موقفها التقليدي المؤيد للقضية الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ووجدت القيادات الإسرائيلية في الدعم الأميركي المتزايد اثر وصول ترامب إلى البيت الأبيض، واستخدام «السلاح المالي» لإقناع هذه الدول بالتصويت لصالح إسرائيل، دافعاً لكي تحاول اسرائيل نيل مقعد لها في مجلس الأمن، التصويت الأخير بالمجلس حول قرار أميركا بالاعتراف ب القدس عاصمة لإسرائيل، ثم التصويت على عدة قرارات في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد على عدم نجاح المسعى الإسرائيلي ـ الأميركي، حتى الآن على الأقل.
من هنا انتقلت الضغوط الأميركية ـ الإسرائيلية لكي تفوز الدولة العبرية بمقعد غير دائم في مجلس الأمن بداية العام القادم، إلى الساحة الأوروبية نفسها، حيث أن إسرائيل باتت في إطار هذه المجموعة كما أشرنا، فقد ادعى ريتشارد غرينبل المرشح لمنصب السفير الأميركي لدى ألمانيا، أن الولايات المتحدة كانت قد توصلت إلى اتفاقية مع دول أوروبية غربية، في تسعينات القرن الماضي بالسماح لإسرائيل بالترشح لمقعد غير دائم في مجلس الأمن بدون منافسة، داعياً ألمانيا إلى الالتزام بهذه الاتفاقية، مشيراً إلى أن إسرائيل انتظرت 19 سنة، لذلك تطلب الولايات المتحدة من أوروبا أن تفي بتعهدها، سارع دبلوماسيون ألمان إلى نفي وجود مثل هذه الاتفاقية، خاصة وأن إسرائيل لم تكن في تسعينات القرن الماضي في اطار المجموعة الإقليمية الأوروبية!
عوضاً عن ذلك، تقول ألمانيا على لسان وزير خارجيتها الجديد، رداً على انتقادات مجموعات محافظة أميركية مؤيدة لإسرائيل، إن ألمانيا في موقع جيد للخدمة في مجلس الأمن، حيث أنها ثاني أكبر مساهم في ميزانية قوات الأمم المتحدة وأنها لعبت دوراً هاماً في مهام الإغاثة الإنسانية وقضايا التغير المناخي، علماً أن المانيا كانت عضواً غير دائم في مجلس الأمن في عامي 2011 ـ 2012، مع ذلك فهي ترى أنها جديرة بنيل مقعد غير دائم في مجلس الأمن مع بداية العام القادم.
يقال إن إسرائيل قد تعيد النظر بأمر ترشيحها لهذا المقعد بعد أن فقدت الأمل في الحصول عليه، إلاّ أن ذلك قد يكون في إطار التحايل والخداع، لكي تتخلى المنظومة العربية عن جهودها داخل الجمعية العامة لمنع إسرائيل من الترشح، علماً أن المعركة الدبلوماسية العربية إزاء هذا الترشح قد بدأت أكثر تنظيماً واستهدافاً لمنع إسرائيل من الحصول على هذا المقعد!


Hanihabib272@hotmail.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد