سيادة الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين..


الأخوات والإخوة أعضاء المجلس المركزي..


أغلب الظن أن هذه الدورة ستكون الدورة الأهم والأخطر والتي ربما ستكون نقطة تحول كبيرة في مسيرة العمل الوطني الفلسطيني.


فإما أن يتوه المجلس في دهاليز «البحث» عن مخارج مؤقتة لبعض مظاهر «الأزمة» الراهنة أو ينبري هذا المجلس ليؤسس لمرحلة كفاحية جديدة، باعتبار أن مرحلة كاملة قد انتهت تماماً، ولم يعد منها سوى تراكم كبير في تبعاتها وارتداداتها، وهو تراكم ثقيل ومؤلم وله جوانب مأساوية في بعض المظاهر والجوانب والنتائج.


ومع أن هذه الدورة بالذات وفي ضوء كل التطورات والأحداث التي شهدتها القضية الوطنية مطالبة بجردة حساب جادة ومسؤولة لكامل المرحلة السابقة، إلاّ أن الأهم من ذلك (إذا كانت هذه الجردة صعبة ومحرجة) أن تحدد هذه الدورة بالذات نقاط القوة والضعف في الحالة الوطنية، لكي تكون المرحلة القادمة والجديدة واضحة المعالم على الأقل في رؤية نقاط القوة والضعف، وأبرز التحديات والفرص والإمكانيات.


وإذا كان صعباً إن لم نقل مستحيلاً على شعب يخوض غمار معركة وطنية طويلة، شرسة وصعبة ومكلفة كما هي معركة التحرر والاستقلال الوطني الفلسطيني بدون تصفية المرحلة السابقة، فإن دورة المجلس المركزي هذه هي الجهة المخولة قبل غيرها بالتصدي لهذه المهمة الوطنية الكبيرة طالما أننا لسنا على أبواب عقد دورة جديدة للمجلس الوطني الفلسطيني، وطالما أن دورة المجلس المركزي أصبحت واقعاً مقراً ومتفقاً عليه.


بات واضحاً ان التحالف الأميركي الإسرائيلي في مرحلة الترامبية قد وضع على جدول أعماله المباشر تصفية وتدمير أسس وركائز القضية الوطنية بدءاً من القدس ومروراً بالحدود وانتهاءً بقضية اللاجئين، وكل ما يتفرع عن هذه القضايا من إجراءات وقوانين وتشريعات وسياسات.


يستند هذا التحالف في المرحلة الترامبية إلى معطيات عربية وإقليمية يعتبرها مواتية، وإلى وضع دولي ما زال دون مستوى الانتقال إلى التصدي الفاعل لهذا التحالف، إضافةً إلى استناده قبل كل ذلك إلى هشاشة الوضع الداخلي واستمرار الانقسام. وعلى ضوء ذلك كله فإن أهم نقاط قوة الموقف الفلسطيني تتمثل في الآتي:


بات مؤكداً أن الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية ودخول الجميع إليها وتفعيل دورها ومؤسساتها لم يعد مسألة قابلة للتأجيل أو المماطلة، ذلك أن السلطة الوطنية بكل ما لها من أهمية ودور وبكل ما يمكن أن يهدد وجودها أو يقلص من دورها ومكانتها وإمكانياتها لم تعد موضوعياً في وضع يمكنها من مجابهة سياسات التحالف الأميركي الإسرائيلي وإجراءاته.


وهذه هي نقطة القوة الأولى.


أما الثانية، فهي ربط موضوع الاعتراف ربطاً محكماً وعضوياً باعتراف إسرائيلي بشكل مباشر وواضح بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران والقدس الشرقية عاصمتها والاعتراف بالقرار 194 كقاعدة وأساس لحل قضية اللاجئين. وفي هذا الإطار يمكن للمجلس المركزي أن يودع لدى أمين عام الأمم المتحدة وكذلك مجلس الأمن والجمعية العامة وثيقة تؤكد على تمسكنا بالسلام على قاعدة الاعتراف الإسرائيلي بحقوقنا الوطنية.


والنقطة الثالثة في قوة الموقف الفلسطيني هي الاستعداد الشعبي والجاهزية الوطنية لكفاح منظم وطويل، سلمي وديمقراطي مسنود بسياسات تنموية تعزز من الصمود الوطني وتدرأ مخاطر الحصار المالي وتعيد الثقة بين مختلف التيارات والقوى والأحزاب الوطنية.


وأما النقطة الرابعة، فهي إنهاء الانقسام وإصلاح النظام السياسي، بحيث يتم الوصول إلى نظام سياسي ديمقراطي تشاركي تكون فيه القرارات حصيلة الموقف الوطني الشامل بما في ذلك المفاوضات والأمن الداخلي وأية خيارات سياسية وميدانية.


والخامسة، هي تصاعد وتزايد مستوى الدعم الدولي شعبياً وكذلك رسمياً، ما يعطي لنا فرصاً كبيرة بملاحقة الاحتلال والاستيطان وكل سياسات الاحتلال في كافة المنابر الدولية ولدى كل مؤسسات القانون الدولي.


السيد الرئيس،


الأخوات والإخوة،


لا قيمة إطلاقاً لكل ما يقومون به وكل ما يعلنون عنه إذا قال الشعب الفلسطيني كلمته، وإذا ما رفض محاولاتهم وتصدى لها.


ولا قيمة لأي تخاذل عربي أو إقليمي إذا نهض الموقف الفلسطيني لمجابهة هذه المحاولات.


وإذا كانت إسرائيل تستند إلى الإدارة الأميركية الجديدة، في العمل على تصفية حقوقنا الوطنية فإننا نستند إلى ما هو أقوى من الدعم الأميركي في إحباط هذه المحاولة.


وبقدر ما نتمسك بالشرعية الدولية والقانون الدولي فإن فلسطين ستكون قادرة على المجابهة استناداً إلى عالم كامل، في حين أن خرق القانون الدولي من قبل التحالف الأميركي الإسرائيلي هو مقتل مؤكد إذا عرف الشعب الفلسطيني كيف يدير هذه المعركة.


سيادة الرئيس، الإخوة والأخوات..
هم أرادوها بداية لتصفية القضية فإذا بها نهاية لأحلامهم، فقد عادت قضية القدس إلى صدر الأحداث، وستعود قضية العودة إلى واجهة المشهد في غضون أسابيع وأشهر قليلة.
الشعب الفلسطيني هو الجهة الوحيدة في هذا العالم الذي يملك قرار السلام في هذه المنطقة، وعلى الشعب الفلسطيني أن يعرف كيف يعيد للسلام اعتباره بأن يهزم مرةً وربما إلى الأبد محاولات فرض الاستسلام عليه.


دورة المجلس المركزي تتحمل مسؤولية تاريخية، وعلينا أن نحولها إلى دورة للنهوض والاستنهاض الوطني وهذا هو عنوان فشل وهزيمة هذا الحلف الشرّير.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد