أراضي الضفة الغربية والتي تمثل 21% من مساحة فلسطين , تتعرض لهجة إستيطانية شرسة متأصلة في السياسة الصهيونية ولها أبعاد دينية وإقتصادية وأمنية , لذلك حرصت كافة الحكومات الصهيونية سواء اليمينية منها أو اليسارية على إستمرار الإستيطان في الضفة الغربية, رغم مخالفة الإستيطان للقرارات والقوانين الدولية , الا أن كيان الإحتلال كعادته يضرب بعرض الحائط كل القرارات الدولية مستنداً بذلك إلى الإدارة الأمريكية حليفته الإستراتيجية وشريكته في الإحتلال , ولا يخفى على أحد أن الإستيطان الصهيوني في الضفة توسع وإزدادت وتيرته في زمن أوسلو إلى أضعاف مضاعفة , حيث يتجاوز عدد المستوطنين الآن في الضفة الغربية سبعمائة ألف نسمة حسب آخر الإحصائيات , ولا غرابة في ذلك حيث أن حالة الهدوء على جبهة الضفة وإستمرار التنسيق الأمني كأحد مقومات وجود السلطة الفلسطينية , ساهم في توفير الأمن والإستقرار للهجمة الصهيونية الاستيطانية بالضفة .

في السياسة والإعلام الصهيونيان ,مصطلح " يهودا والسامرة " هو السائد في الحديث عن الضفة الغربية , في محاولة لإيجاد رابط ديني تاريخي لتبرير سياسات الإستيطان التي تستهدف أراضي وجبال وتلال الضفة المحتلة , وبذلك يحقق العدو فوائد جمة من عمليات الإستيطان , حيث يسطر على مصادر المياه ومساحات زراعية شاسعة كما في منطقة الأغوار , وكما يوفر الإستيطان أفضلية عسكرية وأمنية كحاجز دفاعي ميداني أولي , عن منطقة الساحل الفلسطيني حيث مركز الكيان الصهيوني , وتساهم أيضا في إفشال ومنع قيام أي كيان فلسطيني متماسك ومترابط يتطور مستقبلاً , كقاعدة إنطلاق نحو تحرير أراضي فلسطينية جديدة .

حكومة الإحتلال تنفذ مخططاتها بلا توقف أو تردد , وتسعى إلى الإنتقال سريعاً لملف تهويد الضفة المحتلة , الحكومة الصهيونية تصدر قراراتها بالتوسع الإستيطاني وتطرح مناقصات البناء لمئات البؤر الاستيطانية  وتنشئ كتل إستيطانية ضخمة أشبه بمدن, وهي بذلك تمعن في طمس حل الدولتين , الوهم الذي لازال يتعلق به ساسة فريق التسوية , ويأتي قرار كتلة حزب الليكود اليميني الصهيوني -الممسك بمقاليد الحكم في الكيان الصهيوني - برفض السيادة الصهيونية على الضفة الغربية , لتكون الصورة أكثر وضوحاً بأن الإحتلال يواصل مخططاته دون مرعاة لأي إعتبار وأن عملية التسوية أصبحت خلف ظهره , بعد أن داستها منذ سنوات جرافات الإستيطان في الضفة ومعاول التهويد في القدس , وقذائف الموت والحصار في قطاع غزة , في إستهداف لوجود شعبنا ومحاولة طمس الهوية والتاريخ الفلسطيني على هذه الأرض , متسلحاً بالدعم الامريكي والهرولة العربية الرسمية للتطبيع , وإنعدام الرؤية السياسية الفلسطينية الموحدة لمقاومة هذا المخطط العدواني والإحلالي الصهيوني .

بعد قرار ترامب وقرار الليكود , وتعنت الحكومة الصهيونية ورفضها لأي حلول سياسية , ماذا تبقى أمام قيادة السلطة الفلسطينية من خيارات ؟ , فبعد أن أسقطت خيار المقاومة من أجندتها , وقمعت كل مقاوم فرداً أو فصيلاً , حفاظاً على بقاء السلطة التي تتغذي من حبل التنسيق الأمني, وتمسكها بعملية التسوية الميتة , حالها كحال من يطلب العون ويستنجد بالقبور, في حين تتعرض القضية الفلسطينية لخطر داهم , أليس من الواجب طرح خيار المواجهة الشاملة والمقاومة المستمرة للإستيطان في الضفة الغربية , ومن الممكن أن تستند السلطة ففي مقاومتها للإستيطان بالقرارات الدولية التي تجرم الإستيطان وترفضه , ويصبح من الضرورات الوطنية وحفاظاً على الوحدة الفلسطينية في هذه المرحلة الخطيرة , أن تتوقف السلطة بالمطلق وإلى غير رجعة عن التنسيق الأمني مع كيان الإحتلال .

 مع إنسداد الأفق السياسي وفشل عملية التسوية , يصبح التباطؤ في العودة للخيارات الوطنية المجمع عليها وفي مقدمتها ثنائية الوحدة والمقاومة , من قبيل الإستسلام لواقع الإحتلال ومخططاته , وهذا السلوك لم يمارسه فلسطيني في أي زمن ولن يمارسه , وهو يعلن في كل ساعة المتمسك بحقه ووطنه , ويعلن الجهوزية دوما لتقديم عظيم التضحيات في سبيل دحر الإحتلال وتحرير الوطن .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد