بعد انتشار هوس النحافة: هل يرفض المجتمع الشخص البدين؟؟

38-TRIAL- غزة - محمد حسنين غزة/ سوا/ ازداد اهتمام المجتمع الفلسطيني بالشكل الخارجي للجسم بشكل ملحوظ، خاصة الاناث اللواتي يتلهفن الى الرشاقة ومتابعة الموضة، فأصبح الجسم الطبيعي والصحي قبل عقدين من الزمن مرفوض لجيل اليوم. اثر ذلك على اصحاب الاوزان الكبيرة طبيعيا او بسبب مرض معين بنظرة سلبية من بعض الناس محاطة بالشفقة رغم تميز كثير منهم في مجالاتهم او في حياتهم الاجتماعية اكثر من اقرانهم النحفاء. وباتت النحافة مطلب كل فتاة وبعض الشباب مواكبة للموضة، حيث غزتهم قوانين للجسم المثالي مبنية على قواعد لا تراعي البناء السليم لكل فرد، فيلتحقون بمراكز اللياقة والرجيم ويتبعون البرامج الغذائية القاسية على الجسم وصحته لإرضاء النفس او المجتمع الذي لا يعجبه العجب.
شعور بالنقص "سعاد" فتاة في مقتبل العمر كفل لها وزنها البالغ 90 كيلو غرام عيشة مملوءة بالتعاسة رغم تظاهرها بالسعادة، فحلمها منذ طفولتها بجسم نحيل لم بتحقق بسبب خلل وراثي. معاناة مستمرة منذ الصغر ومحاولات على مدار السنين لتخفيف الوزن باءت جميعها بالفشل فبالرغم من شخصيتها القوية وتفوقها بين زميلاتها، تشعر سعاد بنقص ونظرة شفقة ممن حولها تزعجها على مدار الوقت. والدة سعاد قالت ان ابنتها تعاني من مشاكل في جسمها، صنفها الاطباء بانه مرض وراثي بعد سنين من محاولات معالجتها بالأدوية و الرياضة والوصفات الطبية والشعبية منها ما كان بفائدة لمدة بسيطة وتعود المشكلة بعدها بشكل اعنف. وذكرت الوالدة انها يئست من ايجاد طريقة لمساعدتها وتدعو لها دائما بتحقيق حلمها وبالتوفيق في حياتها وان تكون مثل رفيقاتها برشاقتهن وتأمل بأن يكشف المستقبل عن حل لمشاكلها. بدورها استنكرت العشرينية نادين  (22عاما) ذات الجسم الممتلئ نظرة المجتمع السلبية للشخص السمين حيث قالت أن البدانة ليست عيبا ولا يجب ان يُنظر لأحد حسب حجمه بل باحترامه وأخلاقه.  وقالت "لو كان الشخص قادرا على تخفيف وزنه لما قبل بوزنه "ولكن ما باليد حيلة وانا راضية عن جسمي رغم اني بدينة بعض الشيء". واكدت على ان جسمها متناسق ودائم الحيوية والنشاط، لا تكل من الحركة وتتمتع بصحة جيدة فالبدانة لم تكن يوما عائق لها عن اداء اعمالها على عكس بعض زميلاتها النحيفات اللاتي يشكين من المرض دائما وقد قتلهن الخمول. وذكرت نادين انها تمر في بعض المواقف المحرجة من معايرة واستهزاء او نصائح زائدة عن اللزوم من الناس الذين يربطون موضوع البدانة بالزواج وان الشباب يرفضون الفتاة الممتلئة لافته الى انها التحقت بمركز للرياضة والرجيم ولكن دون فائدة تذكر وشددت على انها واثقة من نفسها وجسمها ولا تهتم بالكلام رغم جرحه لمشاعرها. وصول لدرجة الهوس الامر لم يقتصر على ظاهرة البدانة الملحوظة بل انتقل عند كثير من الفتيات العاديات الى درجة الهوس فحرمن انفسهن الطعام وارتدن مراكز اللياقة ليصلن الى جسم نحيل جدا مثل ما يشاهدن في القنوات الفضائية ولتناسبهن الملابس الضيقة التي غزت الاسواق. فالمرأة التي كانت في ماضٍ قريب تعتبر المرغوبة اصبحت اليوم بدينة رغم انها صحية ونشيطة وتقوم بكل شيء بخفة وحيوية وتحمل المسئولية بكل ثقة. والغريب ان بعض المحال التجارية الغت استيراد وبيع القياسات الكبيرة واكتفت بالاحجام الصغيرة الامر الذي لاحظه اصحاب الاجسام الممتلئة من الجنسين وخلت بعضها ايضا من تشكيلات جميلة وعصرية تناسب ذوقهم حيث اقتصرت الموضة في الملابس ايضا على النحفاء. معاناة مزدوجة توقف المواطن احمد ذو الـ110 كيلوغرام على الطريق يستوقف سيارة توصله الى بيته بعد انتهاء دوام عمله، مبديا استغرابه من بعض السائقين الذين يتجنبون ايصاله او حتى سؤاله عن مكان ذهابه رغم ان المكان الذي يقصده مشهور ومعظم السيارات تمر به. وابدى أحمد انزعاجه من هذا التصرف السيئ معتبرا ان هذا تمييز وأضاف هل وزني الزائد سيكسر السيارة ام اني اركب بالمجان؟ وفسر سائق الاجرة ابو محمد نادي تصرف بعض السائقين بهذه الطريقة مع الركاب من ذوي الوزن الثقيل لانهم يحتاجون وقتا للصعود والنزول من السيارة وتخوفا من ان يسكر الكرسي بحكم الحجم الكبير فيتجنبون اخذهم كسبا للوقت وحرصا على السيارة وتخفيفا للحمل. وأضاف نادي انهم في اوقات الازمات يتجنبون ايضا اخذ الاحجام المتوسطة ليتمكنوا من تحميل عدد اكبر من الركاب وهذا ما اكده حسين حيث وصف تلك الفترة بالمعاناة ويضطر الى دفع اجار راكبين اثنين حتى يغري السائق لنقله مؤكدا رفضه لهذا التعامل السخيف في مثل تلك المواقف. البدانة ليست عيبا البدانة قد تكون طبيعية او نتيجة مرض وعوامل وراثية او بسبب التغذية وفق ما قاله الدكتور وليد شبير استاذ علم الاجتماع المشارك في الجامعة الاسلامية وأضاف انه امر طبيعي في بنية البشر فلا يجب ان ينظر للشخص البدين من منطلق مختلف عن الانسان النحيف. وذكر الدكتور ان السمين قد يتصف بصفات افضل كالذكاء والفكاهة والتفوق منوها الي ان البدانة في الماضي من صفات وجاهة القوم ويتقدم البدين الجماعة في الزيارات والاجتماعات وكان الرجال يرغبون المرأة الممتلئة ايضا. وأشار شبير الى ان هذا الامر طبيعي جدا ولا يجب الا ينظر بشكل سلبي للشخص البدين مشددا على ضرورة ان يتابع الانسان نفسه لان السمنة خطرة على الانسان وتسبب له الامراض ولا اعتراض على خلق الله. وقال الدكتور درداح الشاعر استاذ علم النفس المساعد في جامعة الاقصى ان البدانة ليست عيبا وان النحافة ليست ميزة فكم من بدين خفيف الظل وكم من نحيف لا يطاق وان متابعة الناس للكسم لا يغيره بل يؤثر في صاحبه. واكد الشاعر على ضرورة وثوق الشخص بنفسه وبجسمه وان لا يهتم لكلام الناس فالشخصية ليست بوزنها انما بفكرها وأخلاقها وتوجهاتها منوها الي ضرورة تغير الافكار السلبية الموجودة في عقول البعض من المجتمع حول البدانة وتحويلها الى افكار ايجابية.



56
اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد