تحولت ذكرى استشهاد الزعيم الراحل ياسر عرفات لمناسبة وطنية وفتحاوية في كل عام تسعى من خلالها حركة فتح لتنظيم صفوفها وترتيب أورقها وتجديد حضورها في الشارع الفلسطيني عبر تنظيم العديد من الفعاليات المسيرات الجماهيرية سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة أو بالشتات، لأن استشهاد الزعيم الراحل ياسر عرفات محطة وطنية لا يمكن أن تمر عليها الحركة مرور الكرام.

خلال سنوات الانقسام المريرة لم تقم حركة فتح مهرجان ذكرى استشهاد أبو عمار في غزة سوى مرة واحدة جرت عقب الانقسام مباشرة، وحدث خلالها أحداث دامية نتيجة الصدامات التي وقعت بين الجماهير الفتحاوية وشرطة حركة حماس ، ومن ثم منعت حركة حماس لدواعي أمنية إقامة أي مهرجانات كبيرة، فاختصرت الحركة تخليد ذكرى زعيمها الراحل على أنشطة غير مركزية، مثل معارض الصور والتراث، والفن التشكيلي، ولكن مع انطلاقة قطار المصالحة الفلسطينية وبعد حل حركة حماس اللجنة الإدارية وتمكين حكومة التوافق الوطني من القيام بدورها في غزة، وفي ظل الأجواء الإيجابية التي سادت خلال الأسابيع الماضية قررت حركة فتح إقامة مهرجان مركزي في ساحة السرايا لتخليد ذكرى استشهاد الشهيد ياسر عرفات مفجر الثورة وصانع الحلم الفلسطيني.

وجاء المهرجان كما خططا له واحتشدت الجماهير الغفيرة التي جاءت من كل مناطق قطاع غزة  لكي تملأ ساحة السرايا والشوارع الفرعية في مشهد رهيب، احتشاد الجماهيري الفتحاوية بهذا الكم قد أرسل عدة رسائل لكل الجهات المحلية والإقليمية والدولية، من هذه الرسائل السياسية أن المهرجان والحشد الجماهيري اسقط محاولة اظاهر أن حركة فتح منقسمة على نفسها بين تيارات فكرية وسياسية، فهذا الحشد الكبير اسقط مشاريع شخصية وإقليمية لإظهار أن الحركة منقسمة، وبالتالي لم يعد مجال للحديث عن وجود تيارات أو انشقاقات داخل حركة فتح، فالمهرجان اسقط كل تلك المحاولات،  على المستوى الوطني أيضا ارسال الحشد الجماهيري الكبير رسالة قوية لكل القوى الفلسطينية أن فتح متمسكة بالثوابت التي من أجلها استشهد ياسر عرفات، وأن  جماهير الحركة الغفيرة ملتفة حول الرئيس عباس وقيادة الحركة، إضافة إلى أن المهرجان أرسل رسالة لإسرائيل والمجتمع الدولي أن حركة فتح مازالت الأكثر جماهيرية والأكثر شعبية على الساحة الفلسطينية وأن مشروعها السياسي هو الأكثر مقبولاً على الساحة الفلسطينية وأن قيادتها تمثل الشارع الفلسطيني.

لا شك أن مهرجان ذكرى الشهيد ياسر عرفات الذي حمل عنوان الدولة والوحدة الوطنية قد حمل عدة رسائل سياسية كان أهمها إصرار حركة فتح على ربط الدولة الفلسطينية بالوحدة الوطنية، كرسالة للجميع تقول أن طريق الحرية والاستقلال لأبد أن يمر عبر الوحدة الوطنية التي تسير في الاتجاه الصحيح، وهذا يتطلب مزيد من التضحيات السياسية والحزبية من الجميع في سبيل الوصول لحلم الدولة والوحدة، إضافة إلى أن المهرجان والحشد الجماهيري قد أوصل رسالة للقيادة الفلسطينية والرئيس عباس تقول أن غزة تنتظر منكم الكثير، فهي رغم الجراح والألم والمعاناة خرجت لكي تقول لا للانقسام لا للمعاناة لا لاستمرار الوضع الراهن.

لقد حمل مهرجان الدولة والوحدة الوطنية رسائل كثيرة لكل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، ولكن أهم تلك الرسائل، الرسالة التي أسقطت محاولات إظهار حركة فتح على أنها حركة منقسمة  خاصةً بعد هذا الكم الهائل من الجماهير التي خرجت تلبي نداء الواجب الوطني والتنظيمي، بعد ما حاول البعض إظهار الحركة على إنها حركة منقسمة على نفسها، لكن رغم فنهاك الكثير من التحديات التي تقف أمام الحركة وفي مقدمتها الاستمرار في المصالحة في ظل الصعوبات المحلية والإقليمية والدولية، التي يجب على الحركة تجاوزها في سبيل الوصول لحلم الدولة والوحدة الوطنية.

 

 

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد