شكراً للكويت، الشعب والدولة، لديمقراطيتها وانتخاباتها وحصيلتها البرلمانية، برلمان منتخب من شعب متفوق يُعبر عن ضميره، ونتاج ضميره مرزوق الغانم الذي أعاد لنا كعرب كرامة الموقف، وحقيقة الشعور، والانحياز القومي لعدالة قضية الفلسطينيين، وليس هذا وحسب، بل عمل نواب الكويت ومعهم وفود البرلمانات العربية على تحديد من هو العدو الحقيقي للعرب ولأمنهم وتطلعاتهم ويحتل أراضي ثلاثة بلدان عربية، انه العدو الاسرائيلي وبرنامجه الاستعماري التوسعي، ولذلك تم طرد نوابه باسم الكويت والعرب والمسلمين والمسيحيين، من مؤتمر البرلمانيين الدولي في سانت بطرسبورغ الروسية يوم 17/10/2017 .
هذا هو الرد الطبيعي السوي العادل في التعامل مع قادة عدونا القومي ورموز مشروعه الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، وهذه هي السياسة التي يجب أن تُتبع في مناهضة كل ما يُمثل الدولة الصهيونية المثقلة بالجرائم والانتهاكات بحق فلسطين وباقي العرب، وقد سجل الكويتيون هذه المبادرة لأنهم ينتمون لدولة تتفوق على سائر البلدان العربية أنه لم يُسجل عليها، لهذا الوقت، لا أمير، ولا حكومة، ولا برلمان أي مظهر من مظاهر تطبيع العلاقات مع عدونا القومي، وهو نهج يجب أن يُسجل للكويت بامتياز، وأن يُعمم على باقي بلدان الخليج العربي وكافة العرب حتى أولئك الذين راهنوا على امكانية التعايش وحُسن الجوار مع هذا المشروع الاستعماري الممعن بالخراب والدمار والتوسع والعنصرية وأن يبقى منبوذاً معزولاً كما كان نظام جنوب افريقيا العنصري البائد.
وها هم القائمون على مؤتمر "الأردن هو فلسطين" قد قدموا لنا النموذج الفاقع في التعامل الاسرائيلي مع الأردن، قدموا حقيقة السياسة الاسرائيلية الكامنة نحو الأردن الدولة والشعب، في أنهم لا يحترمون معاهدة أو صداقة أو حُسن جوار، وممن ؟ من أحزاب الائتلاف لحكومة نتنياهو، الليكود ومن معه، أثبتوا تطلعاتهم كما هو تاريخهم، أي أن أحزاب الحكومة هم الذين فكروا ودعموا ونفذوا فكرة المؤتمر الأردني الصهيوني في القدس المحتلة .
لم يكتف برنامجهم ومشروعهم بطرد وتشريد نصف الشعب العربي الفلسطيني من المسلمين والمسيحيين خارج وطنه، يعيش أغلبيتهم في مخيمات البؤس والشقاء لدى البلدان العربية المجاورة لفلسطين والمحيطة بها، لا همّ لهم ولا أمل ولا تطلع الا بالعودة الى اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبئر السبع واستعادة بيوتهم وأملاكهم فيها ومنها وعليها، فالعدو لم يكتف بطردهم ولكنه لازال متطرفاً في رفض الشرعية الدولية ومتعجرفاً متعالياً على قرارات الأمم المتحدة الدالة والمطالبة بحق عودة هؤلاء اللاجئين الى بيوتهم التي شردوا منها.
وليس هذا وحسب، بل يعمل على التخلص من الجزء الآخر المتبقي على أرض وطنه فلسطين، ويتخذ كل الاجراءات والسياسات التي تجعل من الأرض الفلسطينية طاردة لأهلها وكلتا السياستين الأولى في رفض عودة اللاجئين والثانية في العمل على تشريد ما تبقى من الفلسطينيين الى خارج وطنهم تتصادم مع المصالح الوطنية والقومية والدينية الأردنية في المس بمصالح شعب شقيق وحياته ومقدساته، ولم يكتف بما يفعله بالشعب الفلسطيني الذي بقي ممسكاً بتراثه الوطني صامداً على أرضه رغم كل الظروف القاسية والصعبة لمن هو مقيم في وطنه وممسكاً القسم الآخر اللاجئ منه بحقه في العودة الى وطن مدنه وقراه، ولكنه تجاوز ذلك ليعمل على المساس المباشر بالأمن الوطني الأردني وبالهوية الوطنية الأردنية وبالمصالح الوطنية العليا للدولة وللشعب الأردنيين، بما قام به ودعوته لاقامة الدولة الفلسطينية ليس على أرض فلسطين، بل في الأردن وعلى حساب الأردنيين وهويتهم وكرامتهم، من خلال شعار المؤتمر واسمه ومضمونه : الأردن هو فلسطين، فهو يريد تكريس خارطة اسرائيل ونقل الفلسطينيين الى الأردن على حساب هويته وشعبه .
لقد أيقظ مؤتمر "الأردن هو فلسطين" المارد الأردني فينا، لأن البعض منا، من ضيقي الأفق كان يتوهم أن المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي مكتف باحتلال فلسطين وفرض الدولة اليهودية عليها بما استطاع به من جلب يهود أجانب الى بلادنا، وأنه لم يعد لديه تطلعات عدوانية خارج حدوده المائية ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط، فاذا به يقوم بما قام به من ترتيب وفبركة مؤتمر "الأردن هو فلسطين".
مؤتمر الأردن هو فلسطين، أيقظ الحس الأمني فينا، ووضع المرآة أمامنا لنرى حقيقة ما يواجهنا من أخطار قائمة ومحتملة من قبل المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، سواء بطرد الفلسطينيين وترحيلهم من وطنهم وبلدهم وعن ممتلكاتهم ليكونوا عبئاً أمنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً على الأردن والأردنيين، وجعل الأردن وطناً بديلاً لهم عن فلسطين .
صحيح أن الأردنيين والفلسطينيين أشقاء، ومن قومية واحدة كعرب، ومسلمين ومسيحيين، يدينون بالولاء لهذا التراث المشترك ويتطلعون لمستقبل مشترك، ولكن لمستقبل فيه الأمن والاستقرار والندية والاحترام والتكافؤ بين الأشقاء، لأن ما يجري في عروقهم، وما تنتجه عقولهم وما تصيغه مصالحهم يصب في مجرى واحد، مجرى التصادم مع مشروع الاحتلال الاستعماري التوسعي القائم على حساب الفلسطينيين، كما هو على حساب الأردنيين، ولهذا سنقف مع شعب فلسطين الصامد ومع حركته السياسية الباسلة لمواجهة مخططات مشاريعه العدوانية التوسعية الاسرائيلية ولدينا ثقة كبيرة على دحرها لأنها على باطل، ونحن على حق وقضايانا عادلة، ومطالبنا مشروعة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية