فلسطين بدون عقوبة الإعدام
بقلم: جيمس هينين، رئيس مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة
يحتفل العالم اليوم، العاشر من تشرين الأول/أكتوبر 2017، باليوم العالمي الخامس عشر لمناهضة عقوبة الإعدام.
إن عدد متزايد من الدول في جميع أنحاء العالم قد قالوا "لا" لعقوبة الإعدام، فهذه العقوبة القصوى هي واحدة من أعظم العقوبات المهينة للبشر، وللحق في الحياة في آن واحد، إن أخذ حياة أخرى كإنتقام يقلل منا جميعاً مهما كانت الجريمة المرتكبة همجية، وسيكون من العار أن يدان شخص بشكل خاطىء في جريمة ثم يتم إعدامه.
وحتى اليوم، ألغت الغالبية العظمى من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، 141 دولة من أصل 193 دولة، عقوبة الإعدام رسمياً أو قررت عملياً عدم تطبيقها. وعلى الرغم من الاتجاه نحو إلغاء عقوبة الإعدام خلال السنوات العشرين الماضية، إلا أن التطورات في هذا المجال غير مشجعة، حيث أن العدد الإجمالي لعمليات الإعدام قد ازداد في العالم خلال العامين المنصرمين.
لا زالت فلسطين محتفظة بعقوبة الإعدام في نظامها القانوني، إلا أن الرئيس محمود عباس يتبع سياسة عدم المصادقة على أي حكم بالإعدام صادر عن المحاكم الفلسطينية. وبما أن مصادقة الرئيس مطلوبة قبل تنفيذ أي حكم بالإعدام وفقاً للقانون الأساسي المعدل لعام 2003، فإن هذه الممارسة يفترض أنها تنشئ بحكم الأمر الواقع وقفاً اختيارياً لعقوبة الإعدام، ويستحق الرئيس الثناء على هذا الموقف. وعلى الرغم من ذلك، فإننا نعلم أن تنفيذ عمليات الإعدام ممكن ولا زال ينفذ في فلسطين، ولا سيما في غزة . وهي اجراءات غير قانونية، ونحن في الأمم المتحدة ندين عمليات الإعدام تلك عندما تنفّذ.
إذا، ما الذي نواجهه أمامنا؟ عقوبة الإعدام لا تزال مسموحة بموجب القانون الدولي في عدد محدود جداً من الحالات، حيث لا يسمح باستخدام هذه العقوبة إلا في أشد الجرائم خطورة، والتي تتضمن جرائم قتل متعمدة. كما وأن عقوبة الإعدام غير مسموح بتطبيقها على الأطفال والنساء الحوامل وأولئك الذين يعانون من إعاقة في القدرات العقلية. كما يجب أن يمنح الحق بطلب العفو بعد الإدانة، ولعل الأهم من ذلك هو ألا يصدر حكم الإعدام إلا بعد محاكمة تتسم بالإنصاف والعدل التام.
تعارض المفوضية السامية لحقوق الإنسان سياسة استخدام عقوبة الإعدام في جميع الظروف، حتى في الحالات التي يسمح فيها بذلك بموجب القانون الدولي، كما وتدعو المفوضية أيضا إلى الإلغاء العالمي لهذه العقوبة، كما دعت لذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عشر سنوات في قرارها 62/149. ولكن لماذا نفعل هذا؟ أولاً، نحن ندرك أنه ينبغي معاقبة الناس على جرائمهم، وبلا شك فإن للضحايا ولأسرهم الحق في ذلك، وكلما اشتدت خطورة الجريمة كلما تطلب ذلك عقوبة أشد، ولكن عمليات الإعدام ليست هي الحل. إذ ترى المفوضية في عقوبة الإعدام إنكاراً لمجموعة من حقوق الإنسان؛ كالعذاب الذي تسببه للأفراد المحكوم عليهم بالإعدام وعائلاتهم، والألم والمعاناة التي تسببها مختلف أشكال الإعدام، واستحالة تصحيح الإدانة الخاطئة، إضافة إلى حقيقة أن الإعدام هو فعل انتقامي وليس عقابي، كما وأنه لا يهدف إلى إعادة تأهيل الشخص مرتكب الجريمة كما يقتضي القانون الدولي.
في هذا اليوم الرمزي، يدعو مكتبنا دولة فلسطين إلى اتخاذ خطوات ملموسة في سبيل وقف تنفيذ عمليات الإعدام في فلسطين، ونحث على وجه التحديد إلى اعتماد وقفاً اختيارياً رسمياً لتنفيذ عقوبة الإعدام، سوف تكون هذه خطوة فورية وملموسة لحماية حق الفلسطينيين في الحياة، ومن شأن هذه الخطوة أن تمهد الطريق أمام مصادقة دولة فلسطين مستقبلاً على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومن خلال انضمامها إلى الـ 85 دولة أخرى التي صادقت على البروتوكول الاختياري الثاني، سوف تلغي فلسطين بشكل دائم عقوبة الإعدام، وسوف تحمي حق جميع الفلسطينيين في الحياة.