إن صَح ما جاء في الورقة الأمريكية التي كشفت عنها صحيفة القدس مؤخراً، فان ذلك يعني أننا عُدنا إلى الوراء عشرين عاما، اذبان تعنت نتنياهو أمام الرئيس الراحل ياسر عرفات وعدم التزامه باتفاق أوسلو وتطبيق اتفاق "واي ريفر" بإعطاء الفلسطينيين أراضيهم في الضفة الغربية، هذه الورقة التي كشفت بعض تفاصيلها صحيفة القدس، جاءت كالصعقة على آذان الفلسطينيين الذين يترقبون دورا أمريكيا أكثر من ذلك يخدم عملية السلام وإقامة الدولة الفلسطينية على أساس "حل الدولتين " وليس طرحا سياسيا عقيما سبق وانه جربه الفلسطينيين وهو الحكم الذاتي.

تلك المقترحات التي جاءت بعد أكثر من عشرين زيارة لمبعوثي الرئيس الأمريكي للمنطقة "كوشنير وجرينبلات"، جاءت متناسقة ومتناغمة مع الرواية الإسرائيلية لحل القضية الفلسطينية وهي ترمي إلي تصفية ما تبقى من وجود وكيان فلسطيني على الأرض، وهي أيضا تأتي من اجل إنقاذ مستقبل حكومة نتنياهو من الانهيار بعد تهم الفساد التي وجهتها الشرطة الإسرائيلية له ولزوجته، الغريب في أمر المقترحات أن حكومة نتنياهو ستوافق عليها والأغرب من ذلك هو ما عبر عنه الرئيس ترامب بأنه أرسل إلي الشرق الأوسط "فريقا موهوبا"، للحوار لتحقيق السلام.

لا تبدو المقترحات الأمريكية بالون اختبار تسعى الإدارة الأمريكية إلي إلقاءه أمام الرئيس عباس قبيل توجهه إلي الأمم المتحدة أواخر الشهر الحالي لإلقاء خطابا تاريخيا وهاما ربما يتخلله طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة ، وربما تُحال ملفات الاستيطان لمحكمة الجنايات الدولية، وربما يُفكر بحّل السلطة الفلسطينية وإحالة عملها وموظفيها لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة المحافل الدولية والتي تحضي باعتراف عربي ودولي .

منذ القمة العربية في بيروت عام 2002 والتي أقرت مبادرة السلام العربية، والعرب يتخذون موقفا واضحا من دولة الاحتلال الإسرائيلي تطبيع العلاقات بعد الوصول إلي حل القضية الفلسطينية وفقا لحدود العام 1976م، وما دون ذلك فلا يمكن التطرق للحديث عن علاقات عربية أو فلسطينية مع اسرائيل.

هذه الورقة الأمريكية تحمل العديد من المخاطر على مستقبل القضية الفلسطينية وهذا يتطلب منا نحن الفلسطينيين جهدا دبلوماسيا عربيا ودوليا وإقليميا لشرح مخاطر تلك الورقة على مستقبل الدولة الفلسطينية وربما تتخذ السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس خطوة جريئة بضرورة انعقاد مؤتمر دولي للسلام تحت رعاية الأمم المتحدة من اجل حل القضية الفلسطينية وفقا للقواعد والقوانين الدولية وليس وفقا لرؤية نتنياهو الاستيطانية  .

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد