مخطئ من يتجاهل ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي. مخطئ بحق نفسه وبحق عائلته الصغيرة ومجتمعه من ينظر لما يعبر عنه الشباب على أنه ترّهات أو نزوات أو مجر تنفيسات لحالات احتقان فردية. المسؤول على المستوى الوطني، كما المسؤول في فصيل، أو الباحث أو الشخصيات الاعتبارية ورجال الأعمال، كلهم لا يحسنون إدارة مسؤولياتهم وأعمالهم، والقيام بواجباتهم، إن هم تجاهلوا ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي هذه المواقع ليست لعبة يلجأ إليها العاطلون عن العمل وهم بمئات الآلاف، خصوصاً من الشباب الذين يدّعي الكل أنه يعول عليهم في بناء المستقبل.
على مواقع التواصل الاجتماعي، ستجد المفكر والمثقف والسياسي والناشط الاجتماعي، ورجل الأعمال، وستجد، أيضاً، الشباب والشابات على تنوعهم وتعدد مشاربهم وتجاربهم.
تعودنا على المسؤول الذي يكتفي بقراءة ملخصات التقارير التي يقدمها المعاونون، والمستشارون، والمفلترون من الأجهزة الأمنية وهذه في الغالب تركز اهتمامها على النقد الذي يتعلق بالمسؤول شخصياً، أو أنه مدرج على قائمة المعارضين المحرضين. المسؤول دائماً مشغول بما هو أكبر وأهم مما يعبر عن حالة الرأي العام، والخوف الأكبر دائماً مصدره المعارضة الكبيرة، الطامحة في الاستحواذ على المسؤولية.
أي ديمقراطية هذه التي تدّعيها المسؤوليات الوطنية الكبرى، التي تكرر ما دأبت عليه الأنظمة السياسية العربية التي اعتاشت، واستدامت، وقمعت شعوبها ومعارضيها، بحجم وتحت غطاء القضية الفلسطينية، أو حين استبدلتها بقضايا وأولويات أخرى؟ كل يتذرع بالقضايا الكبرى، التحرر من الاحتلال، المشروع الوطني، المصالحة، المقاومة، المعركة السياسية والدبلوماسية، المقاومة الشعبية، الاستيطان، القدس .. المسؤول يشعر أنه يكبر مع الادعاء بالانشغال في القضايا الكبرى، وفي التفكير بإنجازات، تغطي حالة العجز والضعف والتشرذم. لماذا يدعي المسؤول كل الوقت أنه ديمقراطي، ويسعى وراء الاحتكام لصناديق الاقتراع، والعودة إلى سلطة الشعب، وهو عملياً يفعل كل ما يبعد عنه الشعب؟
في الحقيقة وعلى أرض الواقع، يتقيد المسؤول بما يخدم حزبه أو فصيله أو جماعته، أو برنامجه، وما تبقى من فائض اهتمام، يتبدد خلف الشعارات الكبرى. الشعب الفلسطيني ليس معروفا عنه أنه متميز في اختراع النكتة الشعبية المعبرة، فهذه معروفة أنها من اختصاص الشعب المصري تاريخياً. الشعب المنكوب باحتلال عنصري من نوع خاص، غارق حتى أذنيه في ثقافة التحرير والثقافة الوطنية، والتكافل، والمقاومة، وغارق، أيضاً، في الأحزان، بسبب حجم الضحايا من الأسرى والجرحى، والشهداء، والمنكوبين والفقراء والمشرّدين، ومنكوب الشعب الفلسطيني في أشكال تعامل الأشقاء العرب مع المواطن الفلسطيني، الذي لم تتبدل نظرة هؤلاء له على أنه فيروس ينبغي محاصرته وإذلاله، وإهانة كرامته الوطنية والشخصية. كنموذج فقط لتاريخ ممتد من التعامل اللاإنساني مع الفلسطيني في بلاد العرب، تقرر قطر السماح لثمانين دولة عربية وأجنبية دخول البلاد بدون تأشيرة، ويتم استثناء الفلسطيني من بين تلك الدول. ومع ذلك لا تكف قطر عن العزف والغناء على أوتار دعم الشعب الفلسطيني وقضيته.
ما يجري على معبر رفح حين يتم فتحه في الاتجاهين من معاملة غير آدمية للفلسطيني، دليل آخر، لا يعرف إلاّ الله سببه. ومع أنه من النادر جداً أن يرد اسم فلسطيني منخرط في العمليات الإرهابية التي تضرب في أماكن مختلفة من العالم.
الشعب الفلسطيني تفوّق على شقيقه المصري في إبداع النكتة السياسية المعبرة جداً جداً، والتي تشير إلى اهتمامات الرأي العام واتجاهاته، لكن المسؤول إذن من طين وأخرى من عجين فهو لا يسمع إلاّ صدى صوته. بمن سيحارب المسؤول الفلسطيني الذي يكد ليل نهار من أجل التحرير ومن أجل تحقيق إنجاز؟
إن مراقبة ما يجري من بوستات وشهادات على مواقع التواصل الاجتماعي يقول بالفم الملآن إن سياسة وسلوك المسؤول السياسي الفلسطيني، تساهم في تقويض عوامل الصمود وهي الحد الأدنى الذي يمكن أن يغفر للمسؤول عجزه وفشله.
كنت أتمنّى أن تتضمن مقالتي هذه بعض أهم القفشات والتعليقات التي قرأتها على مواقع التواصل، لكن هذه تحتاج إلى دراسة أو بحث معمّق، فلقد تجاوزت أهميتها مجرد تداول بعضها. الإنجازات مؤجلة لكن الشعب باق وعليه التعويل في تحقيق الاستقلال والتحرر الوطني، وإن بعد حين. من يخسر شعبه لا أمل له في أن يكسب الآخرين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية