صحيفة: مقترح سري خليجي لتطوير العلاقة مع إسرائيل مقابل تجميد الاستيطان وتحسين ظروف غزة
رام الله / سوا/ كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عما قالت انه مقترح سري لدول الخليج تعرب بموجبه هذه الدول عن استعدادها لاتخاذ خطوات ملموسة باتجاه التطبيع مع اسرائيل اذا ما أظهرت تل أبيب استعدادا لمحادثات سلام جادة مع الفلسطينيين، وجمدت الاستيطان وسمحت بعلاقات تجارية مع قطاع غزة . وفقا لما أوردته صحيفة القدس المحلية.
وقالت صحيفة القدس أن المحادثات التي سيجريها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو ، خلال زيارته للمنطقة الأسبوع القادم، بعد زيارة السعودية وحضور القمة الخليجية والقمة العربية الإسلامية الأميركية في الرياض، ستكون حاسمة في ما يتعلق بالخطوات التي ستتخذها الإدارة الأميركية بشأن المساعي التي يقوم بها ترامب بهدف التوصل الى سلام شامل في المنطقة ، او ما يطلق عليه الرئيس الأميركي " الصفقة العظمى".
وأضافت الصحيفة، نقلا عن مصادر مطلعة في واشنطن أن ترامب يريد الاستماع الى أجوبة اسرائيلية واضحة ردا على الاستعداد العربى لتحقيق السلام وتطبيع العلاقات مع اسرائيل إذا ما أعربت الأخيرة عن استعدادها لإنهاء الإحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية بموجب مبادرة السلام العربية.
هذا وفي تطور لافت كشفت القناة الثانية، في التلفزيون الإسرائيلي الليلة الماضية عن وجود بوادر أزمة دبلوماسية بين أميركا وإسرائيل على خلفية الاستعدادات القائمة لاستقبال الرئيس ترامب، مشيرةً إلى أن الوفد الأميركي رفض اقتراحا إسرائيليا بزيارة الرئيس لحائط البراق، حيث اعتبر الطاقم الأميركي المنطقة تقع تحت السيادة الفلسطينية ولا سلطة لإسرائيل عليها، وأن زيارة ترامب للمكان ستكون له وحده دون مرافقة أي مسؤول إسرائيلي.
ووفقا لنفس المصدر فإن حالة من الصدمة انتابت الطاقم الإسرائيلي الذي قال أنه لن يقدم أي دعم لزيارة ترامب للمكان، مشيرةً إلى أن مكتب نتنياهو طلب إيضاحات رسمية من أميركا حول الخلاف على اعتبار المنطقة فلسطينية.
وأشارت القناة إلى أن الطاقم الأميركي الذي يعد لزيارة ترامب واصل امس زيارته لحائط البراق ولكنيسة القيامة بعد أن طلب من الطاقم الإسرائيلي الانسحاب من المكان.
من جهة ثانية كشفت مصادر اسرائيلية امس، أن مسؤولا كبيراً في الإدارة الأميركية وعدداً من الأوساط الرسمية أكدوا لشبكة «سي،ان،ان» أن مسؤولين كبار في وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين وأجهزة مخابرات يحثون البيت الأبيض على عدم الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ويحذرون من أن قراراً كهذا سيقوض مسيرة السلام، ويقود الى نتائج خطيرة واسعة النطاق في المنطقة جميعها.
هذا ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين مطلعين على الاقتراح الخليجي قولهم أن المقترحات تتضمن انشاء خطوط اتصالات مباشرة بين اسرائيل وعدد من الدول العربية والسماح للطائرات الإسرائيلية بالتحليق في أجواء دول الخليج، ورفع القيود التجارية عن بعض المواد المستوردة، وفي وقت لاحق منح تأشيرات للفرق الرياضية الإسرائيلية أو الوفود التجارية للمشاركة في مناسبات في الدول العربية، فضلاً عن سعي الدول الخليجية إلى دمج إسرائيل أكثر في الهيئات التجارية والاقتصادية بالمنطقة.
وأضافت المصادر ان دول الخليج تطالب نتنياهو بالمقابل القيام بخطوات ملموسة لدفع عملية السلام قدما مع الفلسطينيين ، بما في ذلك وقف بناء المستوطنات في مناطق معينة من الضفة الغربية، والسماح بتجارة أكثر حرية مع قطاع غزة والتقدم بعرض سلام جاد في المحادثات مع الجانب الفلسطيني .
وقالت المصادر إن موقف الدول العربية الموثّق في وثيقة سرية يتشاركها العديد من دول الخليج يهدف في جزء منه إلى الاصطفاف إلى جانب ترامب، الذي أعلن رغبته في العمل مع دول الخليج على التوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط، مضيفة أن السعودية والإمارات العربية المتحدة أبلغتا الولايات المتحدة وإسرائيل باستعدادهما لاتخاذ مثل هذه الخطوات.
وقالت الصحيفة الأميركية ان مكتب نتنياهو رفض التعليق على المعلومات التي كشفتها غداة لقاء ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان بالرئيس الأميركي.
وتؤكد المبادرة الخليجية وفق نفس المصادر التحسن الكبير في العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج خلال السنوات الماضية نتيجة القلق المشترك من إيران و"داعش". وفي هذا الإطار نقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤول عربي رفيع على صلة بالوثيقة قوله "لم نعد نرى إسرائيل كعدو، إنما كفرصة محتملة".
وأشارت "وول ستريت جورنال" في تقريرها إلى "زيارات سرية " قام بها مسؤولون إسرائيليون إلى دول الخليج وتحديداً الإمارات العربية المتحدة. ونقلت عن وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس وصفه العلاقات الإسرائيلية الخليجية بأنها أشبه بـ"ثورة في الشرق الأوسط".
وقال شتاينتس، الذي كان زار بنفسه أبو ظبي العام الماضي لافتتاح بعثة دبلوماسية إسرائيلية تابعة لوكالة دولية معنية بالطاقة المتجددة، إن شركات التكنولوجيا الإسرائيلية تزود السعودية والإمارات بمعدات ذات تقنية عالية لا سيما في مجال الاستخبارات من أجل "مساعدة الحكومات العربية المعتدلة على حماية نفسها" على حدّ تعبيره.
و تحدثت "وول ستريت جورنال" عن عقد وقعته شركة "فيرينت سيستم" الإسرائيلية لـ "الأمن الالكتروني" ومقرّها نيويورك مع الإمارات عام 2014 بقيمة تفوق 100 مليون دولار من أجل تتبع جميع البيانات والاتصالات على شبكتي الاتصالات التابعتين للدولة وفق ما نقلت الصحيفة عن مصدرين مطلعين على عمليات الشركة.
كما كشفت الصحيفة أن مجموعة "ان اس او" التكنولوجية الإسرائيلية باعت برنامج مراقبة للإمارات المتحدة.
ورفضت الشركتان التعليق على معلومات "وول ستريت جورنال" التي أشارت إلى أنه بمعزل عن هذا الجانب فإن الإسرائيليين يفضّلون سلوك مسار أكثر علانية في العلاقة مع دول الخليج وتعميق الروابط الاقتصادية والتجارية.
ونقلت عن مساعد لوزير النقل والاستخبارات الإسرائيلية، يسرائيل كاتس، أن الأخير عرض في الأسابيع الماضية على البيت الأبيض تطوير العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي.
وتتضمن رؤية كاتس إقامة مرفأ في غزة وشبكة تصل بين مرفأ حيفا والسعودية والخليج من خلال الأردن بما يشبه سكة حديد الحجاز التي كانت تربط دمشق بالمدينة المنورة.
وقال تشاغاي تزوريل، مدير عام وزارة الاستخبارات الإسرائيلية، عن العلاقة مع دول الخليج: "هناك فجوة بين ما هو مطروح فوق الطاولة وبين ما هو تحتها. والجميع يفهم أنَّه حين تنظر في المدى البعيد، فإنَّك تجد أنَّه ستكون هناك علاقاتٌ أعمق في المجالات المدنية: في الطاقة، والمياه، والزراعة، والطب، والنقل".
ويتشكك القادة العرب والفلسطينيون في أنَّ نتنياهو مستعدٌ لتبنّي عملية السلام. ففي الأيام الأخيرة، زاد أعضاء حكومته الضغط على ترامب لنقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهي خطوة حذَّر القادة العرب من أنَّها ستفجِّر الأوضاع في بلدانهم وفي الأراضي الفلسطينية.
وقال سفير منظمة التحرير في واشنطن، حسام زملط، للصحيفة الأميركية "إنَّنا لا نمانع إقامة علاقات بين إسرائيل والعالم العربي، لكن هل هذا هو المدخل للسلام أم أنَّه عائقٌ أمامه؟".
وحسب الصحيفة الأميركية فإن مسؤولين مُنخرِطين في القضايا الأمنية من كلٍّ من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والشرق الأوسط، أبلغوا أن كلّاً من إسرائيل ودول الخليج قد رفعت بالفعل وتيرة تبادل المعلومات الاستخباراتية سراً، لاسيَّما تلك التي تُركِّز على شحنات الأسلحة الإيرانية إلى ميليشياتها الوكيلة المُقاتِلة في اليمن وسوريا، في حين نفت إيران إمداد الحوثيين بالأسلحة.
كما أجرى بعض المسؤولين الإسرائيليين عدداً من الرحلات السرية إلى الخليج العربي، وخصوصاً إلى الإمارات، على الرغم من عدم وجود علاقاتٍ دبلوماسية رسمية، كما ذكرت "وول ستريت جورنال".
ووفقاً لمسؤولين أميركيين سابقين، قُرِعَت أجراس الخطر في إسرائيل العام الماضي، حين بدأت سفينةٌ إيرانية تتعقَّبها أجهزة الأمن الإسرائيلية في الإبحار باتجاه الساحل اليمني. وأشارت الاستخبارات الإسرائيلية إلى أنَّها كانت مُحمَّلة بالأسلحة والإمدادات الأخرى للحوثيين.
وقال مسؤولون أميركيون وأوروبيون إنَّ كلاً من إسرائيل والإمارات والسعودية قد زادت، وبصورةٍ كبيرة، دعمها لمصر في معركتها ضد داعش والميليشيات التابعة للقاعدة في سيناء.
وبحسب مسؤولين أميركيين وعرب وإسرائيليين، تتشارك إسرائيل المعلومات التي تحصل عليها من الطائرات بدون طيَّار وعملائها البشريين مع القاهرة، في حين قدَّمت الإمارات والسعودية مليارات الدولارات كمساعداتٍ لحكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي، كما ذكرت الصحيفة الأميركية.
وخلصت الصحيفة الأميركية الى ان "من شأن خطوات بناء الثقة التي تبحثها السعودية والإمارات ودول الخليج الأخرى أن تجري بصورةٍ تدريجية إذا ما اتَّخذت إسرائيل خطواتٍ مماثلة لتحسين العلاقات مع الفلسطينيين". ونقلت عن مسؤولين عرب قولهم إنَّهم يتفهَّمون أنَّه من غير المُرجَّح التوصُّل إلى اتفاق سلامٍ رسمي بين إسرائيل والفلسطينيين في المستقبل القريب. لكنَّهم أكَّدوا أن على إسرائيل إظهار حسن النية من أجل الحصول على مزايا دبلوماسية، بحسب الصحيفة الأميركية.
وقال مسؤولون إسرائيليون إنَّهم مستعدون للمشاركة في عملية سلامٍ تضم البيت الأبيض. لكنَّ قدرة نتنياهو على تقديم تنازلات إلى الفلسطينيين محدودة، لأنَّ الكثيرين من أعضاء تحالفه اليميني لا يرغبون في رؤية إقامة دولةٍ فلسطينية.
وفي آذار الماضي، وخلال القمة العربية في عمَّان، أعادت نحو 22 دولة عربية، من بينها دول الخليج، التأكيدَ على دعمها لحل الدولتين في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وكذلك دعمها لمبادرة السلام العربية التي طرحتها السعودية في عام 2002.
من ناحية اخرى كشف موقع «ويللا» الاخباري العبري أن مسؤولين كبار في وزارتي الخارجية والدفاع الاميركيتين وأجهزة المخابرات حثوا البيت الأبيض على عدم الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وتضاف تحذيرات المسؤولين الكبار في البيت الأبيض الى تحذيرات دبلوماسيين من دول الخليج العربي ومن مصادر عربية أجرت أحاديث مع الرئيس الأميركي ترامب ومع مستشاريه في البيت الأبيض.
ولم يتوصل ترامب بعد الى قرار، كما أكد مصدران في البيت الأبيض. ويدرسون في محيط الرئيس الأميركي إصدار بيان أقل الزاماً، يشكل رؤية الولايات المتحدة المستقبلية للقدس كعاصمة لإسرائيل بدون إتخاذ خطوات عملية فورية، وسيمكن هذا البيان ترامب من إعفاء نفسه من تعهداته خلال الانتخابات.
وفي تطور آخر تجاهل السفير الأميركي دافيد فريدمان، امس، التصريحات التي أطلقها الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين خلال حفل تقديم أوراقه سفيرا لدى تل أبيب، بشأن ضرورة نقل السفارة إلى القدس.
وقال ريفلين أمام فريدمان "يجب على أميركا والعالم بأكمله أن يعترف بأن القدس عاصمة لإسرائيل .. لقد حان الوقت لذلك".
ولم يبد فريدمان خلال كلمته عقب انتهاء كلمة ريفلين أي اهتمام بما جاء فيها، وأعرب فقط عن فخره بالعمل في السفارة الأميركية بإسرائيل. مشيرا في كلمته لزيارة الرئيس دونالد ترامب المرتقبة والتي اعتبرها تزكيةً له.
وفي ذات السياق، ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، أن السفير الأميركي تراجع عن البحث على فيلا لكي يسكن فيها بالقدس، وقرر الاستقرار في مدينة هرتسيليا في نطاق "لواء تل أبيب الكبرى".