الهيئة المستقلة تنظم جلسة لنقاش الأزمة المالية في الجامعات العامة
رام الله / سوا/ أكد رؤساء جامعات وأكاديميون ومختصون على ضرورة إيجاد جسم مستقل يتولى إدارة قطاع التعليم العالي كأساس لحوكمة هذا القطاع، وأجمعوا على أهمية إشراك كافة القطاعات ذات العلاقة في النقاش الدائر حول مسودة مشروع قرار بقانون بشأن التعليم العالي، والتريث في إصدار قانون جديد بشأنه، انطلاقاً من أهمية التخطيط الجيد لهذا القطاع الحيوي، مطالبين بتفعيل دور مجلس التعليم العالي، وإعطائه الاستقلالية والصلاحيات، والامتناع عن منح تراخيص لجامعات جديدة، مشددين على أن التعليم حق تكفله القوانين، وعلى دولة فلسطين إعمال هذا الحق وضمان التمتع به.
جاءت هذه التوصيات خلال جلسة نظمتها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان لنقاش تقرير أعدته بعنوان (الحق في التعليم والأزمة المالية في الجامعات الفلسطينية العامة)، يلخص أهم أسباب الأزمة المالية التي تعاني منها الجامعات العامة، ويهدف إلى الوقوف على هذه الأسباب التي تؤثر بشكل سلبي على إعمال الحق في التعليم بسماته الأساسية، ويقترح آليات وسياسات تساهم بالتخفيف من حدة هذه الأزمة إلى أقصى حدٍ ممكن.
وأشار الدكتور عمار الدويك مدير عام الهيئة إلى أن اهتمام الهيئة بهذا الشأن، يأتي في ظل استمرار الأزمة المالية في هذه الجامعات، وانعكاس هذا الأمر بشكل سلبي على الحق في التعليم المكفول في القانون الأساسي الفلسطيني، وفي المنظومة الدولية لحقوق الإنسان التي انضمت إليها دولة فلسطين.
من جهته، قدم الباحث القانوني في الهيئة طاهر المصري عرضاً لمسودة التقرير، مبيناً أن أهمية هذا النقاش تكمن في إيجاد سبل تحد من الأزمة التي تعصف بالجامعات العامة، وتضع إداراتها أمام خيارات صعبة في الموائمة ما بين الحفاظ على جودة التعليم وأهدافه، ونقله من خدمة واجبة على الدولة باعتبارها حقا من حقوق الإنسان إلى مجرد سلعة متاحة للقادر على شرائها، مما يتنافى مع الالتزامات التي ترتبت على دولة فلسطين بعد انضمامها إلى مجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والتي تحتم عليها كفالة الحق في التعليم وإتاحته للجميع.
وتطرق الأستاذ الدكتور عبد اللطيف أبو حجلة رئيس جامعة بيرزيت إلى الدور المهم للجامعات الفلسطينية العامة التي نشأت تحت الاحتلال في تعزيز صمود الشباب على أرضهم من خلال توفير التعليم لهم، مطالباً الحكومة بتحمل مسؤولية الحفاظ على هذا الإرث والمكاسب الوطنية والاقتصادية التي حققتها هذه الجامعات، مشيداً بقدرتها رغم الأزمة المالية على تقديم تعليم جيد يفوق في جودته التعليم في العديد من الدول العربية.
وأكد الدكتور أمجد برهم رئيس مجلس اتحاد نقابات أساتذة وموظفي الجامعات الفلسطينية، على ضرورة عمل وزارة التربية والتعليم العالي بشكل جدي للمساهمة في إخراج الجامعات من أزمتها لأنها هي صاحبة الاختصاص، فلا يعقل أن تقف الوزارة بطريقة حيادية تجاه ما تعانيه هذه الجامعات، مُحذراً من أن أي خلل في العملية التعليمية سيؤثر على كل مفردات المجتمع الفلسطيني ككل. داعياً إلى إعادة التفكير في كيفية إدارة صندوق إقراض الطلبة، وآلية توزيع القروض.
ومن جانبه أوضح الدكتور أنور زكريا الوكيل المساعد لشؤون التعليم العالي أن الحكومة ملتزمة بالوقوف إلى جانب الجامعات الفلسطينية، وأن ما تقدمه الحكومة للجامعات العامة يأتي في إطار المساهمة بهدف تطوير الأداء وليس لدفع رواتب العاملين، وأن الحكومة لا يمكن لها أن تتحمل وحدها مسؤولية الجامعات العامة فهذا أمر بحاجة إلى أن يتشارك به جميع الأطراف ذات العلاقة. متسائلاً في الوقت ذاته كيف للجامعات العامة أن يكون لديها عجز مالي في حين أن الجامعات الخاصة لا تعاني من هذا العجز رغم تشابه الظروف، ومؤكداً على ضرورة قيام الجامعات كافة بنشر موازناتها التفصيلية.
ويُقدم التقرير ملامح استراتيجية وطنية توازن ما بين الحق في التعليم والاستدامة المالية للجامعات، مبيناً أن مسؤوليتها لابد أن تكون جماعية تتشارك فيها كل من الحكومة والجامعات والقطاع الخاص. ويعرض التقرير نماذج عربية وعالمية في تمويل التعليم الجامعي للاستفادة منها، وبخاصة أن هناك تجارب عربية وعالمية يمكن موائمتها فلسطينيا والاستفادة منها، مع الإشارة إلى أن مفهوم الجامعات العامة لا يوجد إلا في فلسطين بسبب الوضع الخاص الناجم عن نشأتها في وجود الاحتلال.