ردود أفعال قادة الاحتلال على إضراب الأسرى أخذت تأخذ منحى هستيرياً، بدءاً بوزير المواصلات والاستخبارات يسرائيل كاتس الذي يدعو لتنفيذ عقوبة الإعدام بحق الأسرى، مروراً بوزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان الذي يتمنى أن يُضرب جميع الأسرى ومعهم الشيخ رائد صلاح ليلاقوا مصير الثوار الإيرلنديين الذي قضوا في السجون البريطانية في عهد رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت ثاتشر، ويتمنى الموت للأسرى جميعهم وحتى المتضامنين معهم، وصولاً إلى وزير الأمن الداخلي الذي يطالب بتصعيد الاعتداءات بحق الأسرى المضربين، بل وأمر بإنشاء مستشفى ميداني حتى لا يتمكن المضربون من تلقي العلاج في المستشفيات الإسرائيلية، وليس انتهاء بنتنياهو، الذي يشدد على ألا تنازل لمن وصفهم بالإرهابيين، أما أولئك المحسوبون على يمين الوسط مثل تسيبي ليفني فقد ذهبوا إلى تصعيد حدة الاعتداءات بحق الأسرى.
في الوقت نفسه، جندت الصحافة الإسرائيلية جميع كتابها دون استثناء للهجوم على الأسرى، فيما سلطات الاحتلال بدأت بحملة علاقات عامة في الخارج من أجل تأكيد نظرتها العنصرية تجاه الأسرى، والتي لا ترى فيهم سوى مجموعة من الإرهابيين.
على الصعيد الفلسطيني، عكس الانقسام الفلسطيني نفسه على إضراب الأسرى.. ففي غزة لا مسيرات ولا وقفات تضامنية إلا بموافقة " حماس "، وما تعتبره لا يتماشى مع سياساتها فإنها تمنعه بالقوة.
في الضفة، لا يزال الفعل الجماهيري دون الحد المطلوب، بمعنى أن فعاليات إسناد الأسرى يجب أن تسبق الأحداث داخل سجون الاحتلال.
سلطات الاحتلال تتحسّب بشكل كبير إلى ما تسميه تدهوراً أمنياً خطيراً في الأراضي الفلسطينية قد يؤدي إلى مواجهات واسعة... وهي لا ترغب بها.
كثير من المؤسسات والفعاليات الوطنية والإسلامية لا تزال تراقب وتترقب تطورات الوضع وكيف سيكون شكل الإضراب وتأثيره على الأسرى خلال الأيام المقبلة.
البعض في السلطة يرى أن الوقت غير مناسب للإضراب، وكثير من أحاديث المكاتب يركز على أننا أمام استحقاقات سياسية كبرى وضغوط عربية ودولية هائلة، ولا نريد أن ندخل في دوامة أخرى ربما ستؤثر على مجمل مجريات الأحداث السياسية خلال الأسابيع المقبلة.
ولكن لماذا يتناسى كثير منا أن الأسرى هم شعلة القضية الفلسطينية وحراسها والقادرون على صد كل المخاطر التي تواجهها، كيف لا وهم الذين قدموا زهرة شبابهم من أجل هذه القضية.
مما لاشك فيه أن الإضراب ليس هدفه التأثير السلبي على مجريات الأمور لأن مطالبه واضحة، فهي تتمحور حول حقوق إنسانية بسيطة مثل الزيارات والدراسة ومشاهدة التلفاز ووقف مسلسل الاعتقالات الإدارية والتواصل مع الأهل بهاتف عمومي، علماً أن جميع الهواتف مراقبة من الجانب الإسرائيلي، إذن هي مطالب لتحسين أوضاع مزرية داخل سجون الاحتلال ولا يراد منها التأثير على هذا الجانب السياسي أو ذاك.
منذ العام 1968 وحتى اليوم شارك الأسرى بخمسة وعشرين إضراباً جماعياً عن الطعام وكان الإسناد الجماهيري دائماً في أوجه، ما أجبر سلطات الاحتلال على التراجع وتحقيق مطالب الأسرى جميعها أو جزء منها.
هذه المرة أصبح واضحاً أن حكومة الاحتلال اليمينية العنصرية وغالبية الإسرائيليين ترى أنه يجب كسر الإضراب وكسر شوكة قيادة الإضراب لأن ذلك يعني إنهاء قضية الأسرى، وهي الشوكة العالقة في حلق الاحتلال منذ العام 1948 وليس في هذه الأيام.
مطلوب من الجماهير الفلسطينية ومن القيادات الوطنية وضع إستراتيجية واضحة للإسناد تكون قادرة على الضغط على الجانب الإسرائيلي والتأكيد على أن قضية الأسرى فوق كل شيء وأنهم طليعة الشعب الفلسطيني.
اليوم المعركة هي معركة الكل الفلسطيني، أي أن الانتصار فيها واجب مهما كلف من ثمن، والخسارة فيها قاضية.
الأسرى على مفترق طرق فلا تخذلوهم.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية