هآرتس: خطيئة تل أبيب مع القاهرة تتكرر تجاه حزب الله
القدس / سوا / قال "عاموس هرئيل" محلل الشئون العسكرية بصحيفة "هآرتس" اليوم الخميس إن جيش الاحتلال الإسرائيلي لا يملك حلا مثاليا لمواجهة 150 ألف صاروخ لدى تنظيم حزب الله اللبناني، يغطي بعضها كافة أنحاء إسرائيل.
وألقى باللائمة على المسئولين الإسرائيليين الذين سمحوا بتهريب الصواريخ للتنظيم، معتبرا أنه كان يجب الحيلولة دون ذلك بأي ثمن وإن كان اجتياح لبنان.
ولفت إلى أن "الخطيئة" التي وقع فيها قادة إسرائيل، سبق وحدثت بعد حرب الاستنزاف مع مصر، حيث نشرت القاهرة صواريخ مضادة للطائرات في قناة السويس، دون أن تحرك إسرائيل ساكنا، وأن تلك الصواريخ كان لها بالغ الأثر في حسم الحرب لصالح مصر، معتبرا أن سكان إسرائيل ومع تكرار الخطأ، باتوا الآن رهينة في يد إيران، التي قد تصدر في أية لحظة أوامرها لحزب الله بشن الحرب تجاه إسرائيل.
إلى نص المقال..
هدد حسن نصر الله مؤخرا عدة مرات بإطلاق صواريخ على ديمونة وحاوية الأمونيا في حيفا وأهداف إستراتيجية أخرى. يوآل ستريك، قائد القيادة الأمامية المنتهية ولايته، اعترف أن لدى حزب الله نحو 1500 ألف صاروخ، يغطي بعضها كافة أنحاء إسرائيل. “نحن مستعدون جيدا" أشار، لكنه أضاف "لكن ليس هناك حل مثالي لمثل هذا الكم من الصواريخ".
هذا كشف كبير، لكنه شائن. كيف يعقل ألا يمنع الجيش الإسرائيل العظيم والرهيب وصول هذا الكم الهائل من الصواريخ لمثل هذا التنظيم الإرهابي؟ عندما يطلق التنظيم وابلا من آلاف الصواريخ- العشرات، وربما المئات، سوف تخترق الدفاعات وتخلف قتلى وجرحى، وتدمر البنى التحتية والمساكن، وإرباك الإمدادات الغذائية، والمواصلات البرية والجوية، والمساعدات الطبية، والاقتصاد.
مثال بسيط على ذلك كان في حرب لبنان الثانية. صحيح أن سلاح الجو نجح في تحييد الصواريخ طويلة المدى لكن كان للصواريخ الصغيرة تأثيرا إستراتيجيا: تسببت في خسائر بين السكان المدنيين، وتدمير المنازل، وحالة ذعر، وفرار جماعي مهين للمواطنين، بما في ذلك رؤساء المدن والموظفيين الرسميين.
في أغسطس 1970، بعد نحو عام ونصف على حرب الاستنزاف التي قتل فيها نحو 400 جندي ومواطن، جرى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل. صبيحة اليوم التالي وبشكل يخالف تماما ما اتفق عليه، بدأ المصريون في نشر صواريخ سوفيتية مضادة للطائرات بالقرب من قناة السويس. اعترضت إسرائيل، لكنها لم تمنع الانتهاك الصارخ، كونها مستنزفة وممزقة من الداخل،
وقتها بدأت سياسة "الاحتواء"، التي وبمرور الوقت، في حرب يوم الغفران (6 أكتوبر 73) كلفت سلاح الطيران، والجيش كله، ثمنا فادحا في الأرواح والطائرات، وصولا لتآكل خطير في قدرة إسرائيل على القتال.
إذا ما فجر الطيران الإسرائيلي الصواريخ في طريقها للسويس، وفقا لما كتبه جنرالات مصريون في مذكراتهم،" لكان من المشكوك فيه جدا في 1973 أن يكون باستطاعتنا الدفع بفرق المشاة والمدرعات لعبور القناة”.
الخطيئة الأصلية التي سمحت لنصر الله بالعودة والتهديد، ولدت بعد قرار مجلس الأمن رقم 1701 بإنهاء حرب لبنان الثانية. تم نشر 15 ألف جندي من اليونيفيل في لبنان لمنع حزب الله من إعادة التسلح، ووقف التسلل لإسرائيل.
جاء في القرار بشكل مفصل، أن لدى الونيفيل صلاحيات لفرض ذلك بالقوة. لكن حتى قبل انسحاب آخر الوحدات الإسرائيلية من لبنان، استؤنف تهريب الصواريخ، وهذه المرة بكميات وجودة لم تكن لدى حزب الله في السابق. لعبت اليونيفيل وما زالت حتى اليوم دور المتفرج.
يشعر قادة إسرائيل أنهم تعرضوا للضرب حيال عظم فشل المعركة ( كيف يكرر التاريخ نفسه)، لو كان هناك صوت عقل يوجه الجيش- الذي يشعر هو الآخر وبصدق، بأنه مهزوم- لمنع تهريب الصواريخ وإن كان الثمن إعادة اجتياح لبنان، لو منعت إسرائيل في الوقت المناسب إعادة تسلح حزب الله، لحقنا في المستقبل دماء آلاف الإسرائيليين واللبنانيين، التي قد تسيل حين ينفذ نصر الله- عندما تأتي الأوامر من طهران- تهديده.
هذه عقلية "الاحتواء"- التي تحولت إلى عقيدة- تتبناها الحكومة والجيش الإسرائيليان خلال العقود الأخيرة. من يمتدح هذه العقلية، تحت غطاء "الدولة المسئولة"، يتصرف في الواقع بانعدام للمسئولية. فعبر سماح حكومات إسرائيل السابقة لحزب الله (و حماس أيضا) بالتسلح بعدد هائل من الصواريخ، تحولت سكان إسرائيل لرهينة لدى إيران. ومثلما حدث عشية يوم الغفران، نعود وننتظر أن يضرب العدو ضربته الأولى، التي ستخلف أضرارا وخسائر فادحة.
هذه الضربة، وعلى خلفية ما يحدث في إيران وسوريا ولبنان و غزة ، ستأتي لا محالة، عاجلا أم آجلا. حتما سننتصر. لكن ثمن الاحتواء يتوقع أن يكون فادحا. فادحا للغاية.