في أغسطس من العامِ 2008م، أطلق النائبُ بالمجلسِ التشريعي الفلسطيني جمال الخضري مصطلح "لا لحصارِ غزة "، تفطن الخضري منذ قرابةِ العشر سنوات لدواعي الحصارِ الإسرائيلي الخانق لقرابةِ المليوني إنسان في القطاعِ الذين يعيشون تحت براثنِ الاحتلالِالإسرائيلي، خاصةً بعد خروجِ السلطةِ الفلسطينية من قطاعِ غزة وإدارةِ حركةِ حماس لشئونِ القطاعِ الداخلية.

لقد حاول الخضري أن يجدَ في "المقاومة الناعمة" وسيلةً لجذبِ أنظارِ متضامني ونشطاء وأحرارِ العالمِإلىأهميةِ رفع ِالحصارِ عن قطاعِ غزة وأن يعيشَ مواطنوه حياةً كريمةً، إلاأن الردَّالإسرائيلي كان بعد ثلاثةِ أشهرٍ تقريبا من إطلاقةٍ لمصطلح "لا لحصارِ غزة"، بشنِّ عدوانٍ على كافةِ مرافقِ القطاعِ وهو ما يعرفُ بعدوانِ عامي 2008و2009.

لقد رد الفلسطينيون على نتائجِ العدوانِ بمزيدٍ من إرسالِ الرسائلِ للدولِ المجاورةِ والصديقةِ بأهميةِ رفعِ الحصارِ عن قطاعِ غزة وزادت وتيرةُ التضامنِ الدولي مع القطاعِ من خلال تسييرِ سفنِ التضامن عبرَ البحرِ المتوسط، وتفعيلِ الحراكِ الدولي في الموانئِ العالمية ورفعِ العلمِ الفلسطيني هناك من أجل توسيعِ رقعةِ التضامن مع الفلسطينيين، لقد نجح الخضري ومن معه في إيقادِ شعلةِ المقاومةِ الناعمة التي أدخلت الحكومةَ الإسرائيليةَ في جلساتٍ متعددةٍ من أجل مناقشةِ منعِ ورفضِ دخولِ النشطاءِ إلى قطاعِ غزة عبرَ البحر، وفي نفسِ الوقت اعتبر المتضامنون القادمون إلي غزة أن ذلك تحدياً جديداً يقفُ أمامَهم في الوصولِ إلي سواحلِ قطاعِ غزة حاملين الأدويةَ والمعداتِ الطبيةَ وبعضَ المساعداتِ الغذائيةِ لبعضِ الأسرِ الفقيرةِ في غزة .

لقد تمكن ما يقاربُ من 700 وفدٍ تضامني بواقعِ (15) ألفَ متضامن عربي وأجنبي تمكنوا من الوصولِ إلي قطاعِ غزة من خلال سفنِ التضامنِ البحرية ومعبر بيت حانون ايرز و معبر رفح البري خلال  عامي 2012 و2013م، متضامنين مع قطاعِ غزةَ حاملين رسالةَ مواطنيه، إلى بقاعِ الأرضِ كافة.

ماذا فعلت إسرائيلُ بالمقاومةِ الناعمة؟ لم يعجبْ إسرائيلَ استمرارُ تدفقِ عشراتِ المتضامنين الأجانبِ إلي قطاعِ غزة فقامت بمنعِ وصولِهم واعتراضِ سفنِهم وقرصنتها والاستيلاءِ عليها ووصل الأمرُ إلي الاعتداءِ عليها وإطلاقِ النارِ وسقوطِ الشهداء كما حدث مع سفينةِ مافي مرمره التركية في العامِ 2010م، إسرائيل تريدُ إحكامَ السيطرةِ على قطاعِ غزة بالسبلِ كافةً من أجلِ تضييقِ الخناقِ على سكانِه، العديدُ من المشروعاتِ لازالت قائمةً وتعملُ على خدمةِ آلافِ الآسرِ الفقيرة في المجتمعِ من ضحايا الحصارِ الإسرائيلي ، كانت نتيجةُ الإيمانِ بنهجِ "المقاومة الناعمة" ، تلك المؤسسات أخذت على عاتقِها خدمةَ أبناءِ الشعبِ الفلسطيني في ظلِّ حالةِ الانقسامِ السياسي والحصارِ الإسرائيلي المتراكم منذ عشرِ سنواتٍ، لقد نشطت لجانٌ شعبيةٌ وفرعيةٌ ودوليةٌ في غزة تنادي بضرورةِ إنهاءِ الحصارِ عن غزة ، ومع ذلك ظل الحصارُ الإسرائيليُّ مفروضاً على القطاعِ.

بحثت في التاريخِ عن واقعٍ أشبه بالواقعِ الفلسطيني وتحديدا بواقعِ قطاعِ غزة، فوجدت أن أمريكا الديمقراطية فرضت حصارا على كوبا الفقيرةِ من أجل تركيعِ قيادتِها ولكنها فشلت بصمودِ وحنكةِ الكوبيين ويستمرُ الحصارُ الأمريكي لكوبا حتى الآن منذ قرابةِ 56عاما.

إذن تجارب الحصارِ الفاشلة عبر مرِّ العصورِ لن تنجحَ هذه المرةِ على أرضِ غزة فهنا لا يكادُ يخلو مفترقُ طرق أو معلمٌ سياحي أو نصبٌ تذكاري حتى تجدَ له ارتباطاتٍ إما بالحروبِ الثلاث على غزةَ أو ضحية من ضحايا الحصارِ الإسرائيلي، لقد خلدنا الموت حتى أصبحَ يمثلُ لنا  ذاكرةً لا ننساها مع مرورِ الأيام، ولازلنا ندفعُ ثمنَ صبرِنا وصمودِنا في 360كم هي مساحةُ شوكةٍ لازالت في خاصرةِ إسرائيل، لا تجيد التعاملَ معها كلما ضاقت بهم الأرضُ بما رَحُبت، لتختبرَ صبرَهم القوا عليها آلافَ الأطنانِ من البارودِ لحرقِ الأخضر واليابس فيها.

في غزة نقاومُ بالفكرةِ بألوانِ الفنانين وبريشةِ الرسامين بكلماتِ الشعراءِ بضحكاتِ الأطفالِ بابتساماتِ النساءِ بهمةِ الرجالِ بأحلامِ الفقراءِ في وطنٍ يجمعُنا تحت سقفٍ يخلو من الاحتلالِ وهديرِ الطائراتِ وذكرياتِ الحرب الأليمة.  

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد