في لحظة واحدة اختلفت حياتي كلياً، صوت اصطدام ثم انتقلت إلى حالة من اللاوعي. نعم! قبل سبعة عشر عاماً كنت أقود سيارتي، وتسببت بحادث وللأسف في مقتل شخصين. وأنا أصبت إصابات بالغة، ثم سجنت سنة كاملة على إثر هذه الحادثة. حفرت هذه اللحظات القاسية علامات بارزة في حياتي، أثرت عليّ كثيراً، لكنني أشكر القدر لأن هذه العثرة كانت سبباً في تغير حياتي للأفضل.

 

عندما أتذكر هذه التجربة يرعبني شعور أنني كنت سأترك هذه الحياة بلا بصمة أتركها ولا أثر طيب يذكرني به من حولي. جعلتني هذه التجربة أفكر في واقعي وأعيد ترتيب مخططاتي وأهدافي وماذا أريد في الحياة ومن الحياة، إلى أين أريد الوصول؟ وهل أنا راض عن نفسي؟

 

عززت هذه التجربة لدي مفهوم "الحياة الدنيا" وأنها رحلة يجب أن نخطط لها من ساعة الشروع في هذه الرحلة وحتى النهاية، لكل عقبة، لكل مرحلة، لكل خطوة! يحزنني كثيراً ما أرى من حال الشباب اليوم، يشعرون بالضياع  وفقدان الهدف. فلا هم سعداء ولا هم حزنى. يأتي البعض إليّ سائلاً "لدي وظيفة رائعة، وأجني الكثير من المال، لديّ أصدقاء رائعين وعائلة محبّة، ومع ذلك لا أشعر بأنني حققت ما أريده وأعيش كل يوم كالذي قبله تماماً".

 

عندما أنظر حولي، أجد أن كل من يحيط بي هم  أصدقائي أو أقاربي أو أفراد عائلتي المقربين وكلهم يملكون ذات الشعور بالضياع وفقدان الحافز للحياة، وكأنهم يعيشون حياة أوتوماتيكية يشبه فيها كل يوم اليوم الذي قبله.

أثار هذا الموضوع حفيظتي، وبدأ يتردد  داخلي مراراً وتكراراً، وسألت نفسي لماذا يقبل هؤلاء الأشخاص أن يعيشوا حياتهم بهذا النمط الرتيب والمجرد من الأهداف والمحفزات؟

 

حياتك هي عبارة عن قرار تتخذه، وبالتأكيد ليس من السهل أن تتخذ هذا القرار، ولكن يحتاج دافع شخصي للتغيير. وفيما يلي أضع بين أيديكم بعض ثمار تجربتي في ثمان نقاط تساعدك إن شاء الله في اتخاذ قرار التغيير نحو الأفضل:

1.   تذكر أنك قويّ

يضيع الأشخاص معظم أوقاتهم دون التخطيط لحياتهم وما يجب أن تكون عليه ودون معرفة من هو مثلهم الأعلى في الحياة. كل فرد منّا يلعب دوراً في حياته، ونخفي ذاتنا الحقيقية تحت هذا الدور، حتى ينتهي بنا الحال بوضع أنفسنا تحت مسميات نعتقد بأنها نحن، مثلاً أنا دكتور أو مندوب مبيعات أو سكرتير، أو محامي. أنا حزين، أو سعيد، أو وحيد، أو بائس. أنا غاضب، أو حسود، أو خائف.

الحقيقة أننا لسنا أي من هذه الأشياء. فذاتك أهم من تضعها تحت أي مسمى. الحرفة التي تمتهنها ليست تعريفاً دقيقاً عن ذاتك. ومشاعرك لا تدل عليك. وظروفك ليست من يصنعك. إن ذاتك الحقيقة هي أعظم وأسمى وأكثر غموضاً مما تعتقد. لهذا نحن أقوى مما نعتقد أننا عليه.

 

2.   عيش الحياة بكل ما فيها

اغتنم الفرصة بكل ما فيها من عقبات وفرص، وتوقف عن الاهتمام بصغائر الأمور وركز على الأشياء التي تقع في دائرة اهتماماتك. لا تتوقع أن يتغير كل شيء في حياتك بسهولة، فالحياة تصبح أصعب وأقسى عندما تضيع الوقت في التذمر بدلاً من استغلال الوقت في تغيير الواقع.

كن جرئياً وشجاعاً، وتمعن في القرارات التي تتخذها وتدعم تطورك الذاتي. ولتعزز المعنى الحقيقي لحياتك تخيل أنك على سرير الموت حيث تتمنى لو يعود بك الوقت لتحقق الأشياء التي لطالما حلمت بها أو تقتنص الفرص التي ضاعت سدى وأنت تنظر إليها من بعيد أو لتبني علاقات مع أشخاص ناجحين، أو حتى لتعتذر عن خطأ قمت به. لذلك تذكر دوماً أن الحياة  قصيرة وهي لا تقف على أحد وغامر وقاتل حتى تحصل على الأشياء التي تريدها.

3.   تحكم بردود أفعالك

نحن نصنع العالم من حولنا من خلال الأفكار والمعتقدات التي نصوغها عن الحياة بشكل عام. ما نؤمن به في عالمنا الداخلي هو انعكاس لما نراه في عالمنا الخارجي وليس العكس! كلنا لدينا مشكلات وتختبرنا الحياة في بعض الأحيان بظروف خارجة عن إرادتنا. وبالرغم من أنك لا تسيطر على الأمور التي تحدث في عالمك الخارجي، لكنك وبكل تأكيد تستطيع السيطرة على ردود أفعالك تجاه هذه الأمور. نحن نمتلك القوة لأن عالمنا الداخلي يتحكم بالطريقة التي نسمح بها للعالم الخارجي أن يؤثر علينا. لذلك عندما يخبرك شخص ما أن لديك قوة شخصية عظيمة، تأكد أنه صادق جداً. فلدينا تحكم بحياتنا أكثر مما نعتقد.

 

4.   تذكر أنه لا أحد أفضل منك

يعير الإنسان اهتماماً بالغاً لآراء الآخرين بشخصيته وهذا الأمر يستهلك كثيراً من طاقته الشخصية. لذلك عليك أن تؤمن أن رأي الآخرين لا يمثل تعريفاً حقيقياً لما أنت عليه إلا إذا صدقت وآمنت بما يقولونه لك. لذلك لا تصدق كل ما يخبرك به الآخرون عن شخصيتك وكن واعياً للطريقة التي تنظر بها لنفسك.

لا أحد يعرف قيمتك الحقيقية سواك. وكن على يقين أنك قادر على تحقيق ما تصبو إليه وما تكافح من أجل الوصول إليه. ولا تسمح لآراء الآخرين بالتأثير على ما تؤمن بها تجاه نفسك.

 

5.   آمن أن بمقدورك فعل الكثير

إذا اضطررت إلى مقارنة نفسك بالآخرين، فلتقارن نفسك بشخص أقل منك حظاً ليكون درساً وتذكيراً لك بالنعم التي تعيش فيها والمؤهلات التي تمتلكها. يبقى الفرد منّا في حالة مستمرة من النقصان لشعوره بعدم الرضا عن الأشياء التي يمتلكها في حياته، ودائما ما يشعر بأنه يريد المزيد والمزيد ليحقق رضاه عن نفسه ويظل الفرد منّا في دائرة مفرغة بين عدم الرضا والسعي للمزيد في حال لم يقنع الفرد بالأشياء والمؤهلات والقدرات التي يمتلكها في حياته.

فنصيحتي إليك اقنع دوماً بما تمتلكه ولا تنظر للأشياء التي تنقصك، عندها ستشعر أن لديك ما يكفيك.

6.   حبّ نفسك

الآن وصلت لمرحلة القناعة بما لديك، تجنب المشتتات وانظر لكل الأشياء التي تمتلكها وتجعلك تشعر بالسعادة، والقبول.لا تقلد أحداً، كن على سجيتك وأحب نفسك وتقبلها كما هي. أنت جميل كما أنت وذكر نفسك بهذا الشيء من حين لآخر.

 

7.   حافظ على هدوئك

إذا استمر أحد بالضغط على جرس سيارته ليتخطاك أو إذا قام أحد الأشخاص بتجاوز مكانك في طابور فإنك تستشيط غضباً وتميل للتصرف بطريقة سلبية، وبعد أن يمر الموقف يعترينا شعور بالندم على التصرف بهذه الطريقة ونقوم بمعاقبة أنفسنا. إذا كان من الصعب عليك الحفاظ على هدوئك، تذكر أنك من سيخسر فالنهاية وسيلجأ إلى معاقبة نفسه، نعم الأمر بهذه البساطة!!

 

8.   تذكر أن الحياة رحلة

حياتنا رحلة. وما يعنينا حقاً هو كيف نتصرف في هذه الرحلة لا متى نصل، لأننا بكل الأحوال سنصل. ارض بما أنت عليه الآن ولا تؤجل سعادتك للغد. حياتك ليست عليها ضمانات ربما تصبح بحال غير الذي أمسيت به وربما تمسي بحال وتصبح بحال آخر. كل لحظة تعيشها هي نعمة، استغلها جيداً.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد