الطيبي يرسم ملامح الدولة الواحدة للفلسطينيين والإسرائيليين

النائب أحمد الطيبي

القدس / سوا / بعد نصف ساعة من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن بلاده ملتزمة بتسوية الصراع لكن ليس الضرورة لحل الدولتين، أوضح النائب أحمد الطيبي (المشتركة عن الحركة العربية للتغيير) لشبكة الأخبار العالمية ( سي أن أن) دلالات الدولة الواحدة، من بينها أنه سيصبح رئيس حكومتها بعدما يهزم بنيامين نتنياهو في انتخابات ديمقراطية.

وبعدما أعلن ذلك دعته صحيفة هآرتس الإسرائيلية لترسيم ملامح هذه الدولة الواحدة، رغم أن الطيبي لوح بها ليس إيمانا بالفكرة بقدر ما هو ترهيب الإسرائيليين على طريقته من تبديد تسوية الدولتين. وطالبته الصحيفة بصب مضامين لفكرة الدولة الواحدة، طبيعتها، وعلمها، ونشيدها القومي، ومصير قانون العودة فيها، وقالت إن الدولة الافتراضية ستكون مختلفة تماما عن شكل إسرائيل.


ويقول الطيبي في اللقاء المطول الذي نشرته الصحيفة في ملحقها، أمس، إن أول خطوة له فيها كرئيس حكومة الدولة الواحدة ستكون تثبيت المساواة بين كافة المواطنين كقيمة عليا.

وردا على سؤال يقول الطيبي إنه لا يعرف ماذا سيكون اسم الدولة الواحدة، معتقدا أن برلمانها هو المخول بتسميتها، لكنه يؤكد الحاجة بتغيير علمها ونشيدها القومي وكذلك قانون العودة سيلتغي فورا لأنها لن تكون دولة يهودية كما هي اليوم بل مفتوحة للفلسطينيين واليهود في العالم.


وفي صورة البروفايل داخل هاتف الطيبي تظهر مقولة المناضل الراحل مارتن لوثر كينغ «لدي حلم» لكن المقولة لا تعكس حقيقة موقفه فهو على أرض الواقع من أشد أنصار الدولتين، لأن أغلبية في الجانبين تؤيدها وكذلك المجتمع الدولي ورغم أن نصف مليون مستوطن باتوا عقبة كبيرة أمامها. في المقابل يقول الطيبي للصحيفة إن هناك نموذجين للدولة الواحدة الأول يعني نظام فصل عنصري سيرفضه الفلسطينيون، والثاني دولة ديمقراطية سيقبلونها.

وردا على قول الطيبي فإن المجتمع الدولي في القرن الواحد والعشرين لن يقبل بدولة أبرتهايد تذكّره الصحيفة بأن هذا المجتمع قبل باحتلال عمره خمسون عاما.

وعلى ذلك يوضح النائب العربي أن الفلسطينيين بمثل هذه الدولة سيمسكون بالسلطة يوما ما.

وردا على سؤال يوضح الطيبي أنه يمقت استخدام مصطلح « التهديد الديمغرافي « الذي يشكله الفلسطينيون ويعتبره عنصريا ويفضل استبداله بمصطلح « تهديد ديمقراطي».

ويتابع «الأصح هو «أمل ديمقراطي». لا أقول إنني سأكون رئيس حكومة كي أخيف اليهود إنما للتوضيح بأن دولة أبرتهايد لن يسمح بقيامها هنا لأننا نقدس القيمة الديمقراطية».


وهل بوسع مثل هذه الدولة تلبية الطموح الوطني للفلسطينيين؟ 
■ من يؤيدون الدولة الواحدة كخيار أول يعتقدون هكذا. وعند نهوض الحركة الوطنية الفلسطينية كانت الدولة الواحدة شعارها وقبل رحيله قال لي محمود درويش إن الحل الأفضل هو الدولة الواحدة الذي يتيح عودة اللاجئين ويمكن اليهود أيضا من العيش أينما شاءوا وبمثل هذه الدولة تبلغ الصهيونية نهايتها لأنها تقوم على فكرة دولة لليهود.


وهل ستكون هذه الدولة ودودة نحو التاريخ الصعب لليهود؟ 
■ طبعا فقد سبق وهاجمت من ينكر المحرقة لأن هذا ليس إنسانيا لكن أريد تعاملا مشابها مع رواية شعبي الذي يعاني اليوم والدولة الواحدة ملزمة بالاعتراف ب النكبة مع كل دلالاتها التاريخية والقانونية.


وهذا يعني أننا سنحتفل بيوم الاستقلال ونستذكر النكبة؟
■ سنحيي يوم استقلال الدولة الجديدة. يوم استقلالكم الحالي هو يوم نكبتنا فكيف نحتفل به ؟  
■ وردا على سؤال يوضح أن تبنيه تسوية الدولتين لا يعني تنازله عن الرواية التاريخية ولا ينسى ذكرياته، لافتا إلى أن 1948 تعني الوطن أما 1967 فتعني الدولة. الوطن في القلب. يافا هي الوطن حيث ولد أبي والرملة حيث ولدت أمي وهناك من ولدوا في حيفا ولا أستطيع إبطال مشاعرهم حتى بعد قيام دولة فلسطينية في أراضي 1967 فالحب للمكان الأول كبير. أنتم لا تدركون معنى أن يقبل رئيس حركة التحرر الوطني الفلسطينية الراحل ياسر عرفات بدولة على 23% من الوطن وهذا لم تقبلوا به أنتم كإسرائيليين».


ويوضح الطيبي أن الدولة الواحدة ستكون متساوية للجميع ولغتها العربية والعبرية وعلى قائدها أن يتقنهما كما هو الحال في كندا حيث تعتمد الإنكليزية والفرنسية على قدم المساواة وهكذا في جهازها التعليمي على غرار ما يجري في بلجيكا.


وردا على سؤال حول كيفية التوفيق بين روايتين تاريخيتين في مدرسة واحدة، قال إن ذلك يندرج ضمن معرفة الآخر في نطاق مضامين تعليمية مختلفة تكفل عدم سيطرة طرف على طرف بعكس النظام الجائر السائد اليوم.


وهل تكفل الدولة الواحدة العدالة بعد هذا الاحتلال المرير للفلسطينيين، أم أنها ستكون فرصة للانتقام؟
 ينبغي فعل كل شيء من أجل بناء مبنى يلغي تدريجيا هذه المرارة فهي لن تتبدد بكبسة زر والتوتر القومي سيستمر وربما الديني وهذا ينبغي أن يبدأ به اليوم.
وينفي الطيبي أن الدولة الواحدة تعني كفالة تمثيل قومي متساو للطرفين. ويرى أن الحسم سيتم بطريقة ديمقراطية. ويتابع «أنا من أنصار الدولتين ولذا لا أعرف كل الأجوبة عن دلالات الدولة الواحدة وهذه لا تؤرقني ولا تخيفني ولكن هي لا تظلم أي مجموعة». كما ينفي نظاما سياسيا مبنيا على التوزيعة الطائفية كما في لبنان، معتبرا الدولة الديمقراطية الواحدة نموذجا رياديا غير مسبوق. واضاف «أعي الجدالات بين الإسرائيليين ممن تقول أغلبيتهم إنهم غير راغبين بمثل هذه الدولة، وبعضهم يقول إنه سيغادر البلاد في حال تم تحقيقها على الأرض. هناك من يغادر البلاد من اليهود اليوم بسبب غلاء المعيشة ولذا لا اعتقد أن الدولة الواحدة كابوس، وهناك نموذج مصغر يتمثل بقرية واحة السلام التي يقيم فيها عرب ويهود على مبدأ المساواة ورغم الجدالات القاسية بينهم فهم يعيشون باحترام متبادل». 


ويرى بضرورة تعلم الطرفين للغة الآخر وبوسع من يرغب من اليهود تعلم القرآن، وكذلك الفلسطينيون فلهم دراسة التوراة وكذلك الإنجيل طبعا، منوها لضرورة فصل الدين عن الدولة. وردا على سؤال عما إذا كانت تل أبيب و رام الله ستسددان الضريبة بشكل متساو، يقول الطيبي إن ذلك مشروط بتكريس الموارد المتساوية. ويستطرد «بعدما توحد شطري ألمانيا مجددا تم الاستثمار بمئات مليارات الدولارات في الشطر الشرقي من باب التفضيل المصحح. 


■ وماذا مع الجيش؟
■ لا أعرف، في دولة واحدة الجيش للجميع. وهنا أذكّر مجددا أنني لم أصل الى ذلك، وهذا لن يكون جيشا يحتل الفلسطينيين لأن الطرفين سيكونان مواطنين متساوين، وهذا يبدو الآن حلما خياليا لكن هذا يمكن رسمه، رؤيته والخوف من فشله مع الأمل بإمكانية تحقيقه، فالوضع الراهن اليوم كارثي والأمر المرعب يكمن بالرغبة بالحفاظ على الوضع الراهن.


■ ألا تخشى حماس وقيامها بالسيطرة على الدولة الواحدة عندئذ؟
■ هم موجودون اليوم أيضا داخل إسرائيل. صحيح أن المبنى ديمقراطي لكن الحكم استبدادي ويميز ضد 20 % من السكان. اعتقد أن كل حركة دينية فلسطينية أو يهودية هي لا تؤيد دولة ديمقراطية علمانية واحدة. 


وهذه ستبدو كدولة عربية في حال قامت بهذه المنطقة العربية؟
■ هذه دولة للجميع فلسطينيون ويهود ولكل الأديان، وهي أمر خاص لا مثيل له وستكون متقدمة أكثر من دول أخرى؟


وهل أنت على تنسيق مع الرئيس محمود عباس ؟
■ نحن نلتقي لكن تصريحي هذا حول رئاسة حكومة الدولة الواحدة، لم أنسقه مع أحد والرئيس عباس ملتزم بتسوية الدولتين، لكن الدولة الواحدة ليست غريبة عليه فسبق وتبنتها منظمة التحرير في الماضي. 


وهل سينافسك الرئيس عباس على رئاسة حكومتها ؟
اعتقد أنه عندما تقوم لن أكون لا أنا ولا الرئيس عباس بعد 20 أو 30 أو 50 سنة.


وهنا أيضا لك منافسون فلماذا أنت وليس أيمن عودة رئيس المشتركة ممثل الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة التي تمثل خمسة نواب بينما حركتك تمثل نائبين فقط ؟
■ كل شخص مسموح له ترشيح نفسه .


ولماذا تعتقد أنك ستنتخب أنت؟
■ ربما بسبب الشعبية والاستطلاعات، ولكن اعتقد أن هناك من هم أفضل مني في غزة وفي الضفة فأنا قدمت أحمد الطيبي كمثال.


وردا على سؤال «القدس العربي» عما إذا كان قد وقع في غرام الدولة الواحدة حتى كاد يشكل ويسمي حكومته فيها؟ قال الطيبي إنه طالما اتفق مع الراحل محمود درويش أن الدولتين هي الحل الممكن أما الدولة الواحدة فهي الحل العادل.


وتابع «الدولتان هي الخيار الأول ولا أخاف من خيار الدولة الواحدة ولا أعارضها ايديولوجيا بخلاف أحزاب فلسطينية أخرى». وردا على سؤال عما إذا كانت مقولته تشكل فزاعة لترهيب الإسرائيليين من فقدان تسوية الدولتين يوضح الطيبي أن مقولته جاءت لتوضح لهم وللعالم أن البديل للدولتين ليست دولة أبرتهايد واحدة بل دولة ديمقراطية واحدة. وتابع «اقول ذلك لا كفزاعة رغم أن أغلبية الإسرائيليين يرون فيها كابوسا وانتهاء للحلم الصهيوني. جنوب أفريقيا كانت الابنة مدللة في الغرب وانقلب العالم عليها لأنها نظام فصل عنصري، موضحا أنه رفض تسمية « حكومة الأحلام « في الدولة الواحدة لأن ذلك أقل جدية من المضمون.


■ إذا كان الإسرائيليون يرفضون جيرة الفلسطينيين في نطاق الدولتين، فكيف سيقيمون معا في الشقة ذاتها ضمن الدولة الواحدة ؟
■ نعم أعي التعقيد والمثالب المترتبة على الدولة الواحدة واتبنى جزءا منها ولذا أقول الدولتين، ولكن نتنياهو يقتلها يوميا ولا يوجد وزير إسرائيلي واحد يؤيدها ولذا يصبح الموضوع محل نقاش. على الإسرائيليين والعالم ان يعي ان البديل للدولتين ليس دولة ابرتهايد .

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد