إثر الملاحقات والتحقيقات التي أجرتها النيابة الإسرائيلية مع رئيس الحكومة نتنياهو على خلفية شبهات فساد مختلفة، سارعت وسائل الإعلام الإسرائيلية وهي تمضي لتغطية هذه التحقيقات، إلى فتح ملف "خلافة نتنياهو" إلاّ أن المتغيرات الأميركية، وبدء ترامب في الوفاء بتعهداته، صمته في البداية عن تسارع نتنياهو باتخاذ خطوات حثيثة، نحو الاستيطان، والحديث عن نقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس ، والأهم، اللقاء المرتقب بين ترامب ونتنياهو منتصف الشهر الجاري في واشنطن، كل ذلك أدى إلى إزاحة ملف "خلافة نتنياهو" جانباً من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية، واستبداله بملف جديد آخر، "فضائح لنتنياهو عندما يلتقي ترامب" وأفصحت صفحات الجرائد وبرامج الحوارات التليفزيونية لهذا الملف الذي تنظر إليه وسائل الإعلام الإسرائيلية باعتباره الملف الأكثر أهمية في مستقبل الدولة العبرية في الآونة الحالية.
يهود ايعاري، يبدأ في نصيحته من الملف الأول، ملف خلافة نتنياهو ليقول لرئيس حكومته أن عليه أن لا ينطلق من "محنة التحقيقات" ليعطي انطباعاً مزيفاً بعمق صداقته مع ترامب، عليه أن يتجنب ال حماس والمجاملات، ترامب غادر ولا يجب أن نضع كل قضايانا في سلته، على نتنياهو أن لا ينسى خلال هذه الزيارة ملاطفة الديمقراطيين ومعارضي ترامب من الجمهوريين "على نتنياهو الاقتصاد في الحديث، تحفظ مع التهذيب، تصرف كرجل أعمال" لكن يهود ايعاري، رغم هذه النصائح، يعتقد أن نتنياهو ليس أهلاً لها، ولا يستطيع الأخذ بها، لماذا؟ لأن نتنياهو ـ حسب ايعاري ـ يريد أن تتحول زيارته إلى واشنطن إلى مسرحية مسلية وصاخبة مستمتعاً برحيل اوباما. [المقتطفات عن موقع "أطلس للدراسات الإسرائيلية"].
إلاّ أن وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي لا تعتقد أن نتنياهو سيستمع إلى نصائحها بشأن اللقاء مع ترامب، اعتمدت على أقوال مسؤولين إسرائيليين، قاموا، أيضاً، بنصح نتنياهو عَبر وسائل الإعلام الأميركية، دعماً لنصائح ملف الإعلام الإسرائيلي بهذا الشأن، واقتطفت حديثاً لوزير التعاون الإقليمي في حكومة نتنياهو تساحي هنغبي لدى مراكز أميركية مؤخراً لدعم وجهة نظرها، إلاّ أن هنغبي لم يتوقف عند بروتوكولات اللقاء، بل تحدث في عمق الحديث الذي من المفترض أن يجري بين ترامب ونتنياهو، وأولويات القضايا التي يجب تناولها، والواقع أن حديث هنغبي جاء مفاجئاً بدرجة واضحة عما يتم تداوله من خلال أصحاب الرأي ووسائل الإعلام، فهو يقول إنه يجب أن لا تشكل المستوطنات، ولا مسألة التسوية مع الفلسطينيين أولوية لجدول أعمال اللقاء، بل ان الأهم قضيتان أساسيتان، الأولى، علاقات إسرائيل مع الدول العربية السنّية وبالتوازي مع هذه القضية، المسألة الإيرانية وبين القضيتين عناصر تجمع بينهما بقوة.
يرى هنغبي أن مصلحة إسرائيل الأساسية تتمثل في الوقت الراهن في تعزيز علاقتها مع الدول العربية السنّية، وبحيث ينتقل العمل السري في العلاقات بينهما إلى العلن، خاصة أن المسألة الإيرانية هي الرابط المصلحي بينهما، ومن خلال زيادة التعاون العلني سيتمكن كلا الجانبين من بناء قاعدة أقوى يمكنها انطلاقاً منها مواجهة ما أسماه هنغبي التهديدات الإيرانية، وهذا يؤدي في السياق توفير غطاء للفلسطينيين للتراجع عن مواقفهم "المتطرفة"!
ويمضي هنغبي في نصائحه، إذ يجب مناقشة إمكانية تأييد الولايات المتحدة لضم إسرائيل لهضبة الجولان، بذريعة أن لا وجود الآن للدولة السورية!
ايتمار رابينوفيتش، السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن لم يغب عن ساحة النصح، وذلك من خلال طرح الأسئلة التي يتوجب على نتنياهو أن يتسلم إجابات واضحة من ترامب عليها: كيف تتصور إدارته دورها في الشرق الأوسط الكبير، هل من الممكن التوصل إلى صفقة رابحة مع روسيا، هل ستلتزم أميركا بإرضاء الأسد في سورية وكيف تتوقع إدارة اوباما ردود فعل الدول السنّية على ذلك؟.
ينصح رابينوفيتش بتجاهل مسألة نقل السفارة في الوقت الحالي، إذ أن ذلك قد يسفر عن تداعيات عربية، سنّية تحديداً، وليس من المستحب راهناً إثارة الرأي العام لدى هذه الدول ضد أميركا وإسرائيل، رابينوفيتش اشاد وهو يتحدث عن مسألة نقل السفارة، بموقف ترامب بتأجيل تنفيذ الوعد، باعتباره قراراً حكيماً!
رابينوفيتش، يتحدث بصدق عن خطورة بقاء الأسد على سدة الحكم في سورية، ويقول إنه بالرغم من أن البديل يشكل خطراً كبيراً على إسرائيل، إلاّ أن بقاء الأسد يشكل خطراً داهماً لأن في ذلك، انتصاراً له ولإيران ولحزب الله، وعليه يجب التعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة من أجل تجنب كل ما من شأنه بقاء الأسد على رأس الحكم في دمشق.
خلال الأيام العشرة القادمة، وقبل اللقاء المرتقب في واشنطن، سيستمع نتنيناهو إلى مزيد من النصائح، غير أنه على الأرجح، لن يلتفت إلى الكثير منها، فهو مهتم بمسرحية تزيل إمكانية عودة الملف الأول، ملف خلافته!!
Hanihabib272@hotmail.com
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية