أسباب استعصاء معركة الباب أمام الجيشين التركي و"الحرّ"

عوامل سياسية تمنع حسم المعارك لمصلحة " الجيش الحر "

دمشق / وكالات  لم تستطع قوات المعارضة السورية، المدعومة من قبل الجيش التركي، إحداث اختراق يمكّنها من السيطرة على مدينة الباب، آخر معاقل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) شمال شرقي حلب، على الرغم من مرور أكثر من شهر على محاولات جدية لانتزاع السيطرة عليها. تؤكد مصادر في "الجيش السوري الحر"، أن التنظيم يستشرس في الدفاع عن المدينة، معتمداً على سلاحين مهمين، هما: مضادات الدروع، والانتحاريون. كما تلعب طبيعة المدينة الجغرافية، ووجود عشرات آلاف المدنيين فيها، دوراً في عدم تمكّن قوات المعارضة من اقتحامها منذ بدء عملية "درع الفرات" من قبل قوات المعارضة مدعومة من الجيش التركي في 24 أغسطس/ آب 2016.

كان التنظيم قد حرق جنديين تركيين أسيرين لديه وهما على قيد الحياة، في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، ما شكل صدمة للرأي العام التركي، الأمر الذي دفع أنقرة لتكثيف غارات الطائرات الحربية على مواقع التنظيم. وتزامن ذلك مع تصعيد تركي سياسي على أعلى المستويات ضد "التحالف الدولي"، بسبب عدم تقديمه عوناً للجيش التركي في عمليته العسكرية ضد "داعش" في الباب. وهذا التصعيد جاء على لسان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عندما قال، منذ أيام، إن "التحالف" لا يقدم أي دعم لبلاده في معركة الباب، مشيراً إلى أن "التحالف الدولي" الذي شُكّل من نحو عشرين دولة منتصف عام 2014 لمحاربة الإرهاب "يقف متفرجاً إزاء ما تتعرض له تركيا من تهديدات على طول حدودها مع سورية، والقذائف التي استهدفت الأراضي التركية".

وبدا أداء الجيش التركي، في معركة درع الفرات تحديداً، بعيداً عن الصورة المعروفة عنه. يرى البعض أن جزءاً من هذا الضعف النسبي، يعود إلى سببين رئيسيين: أولاً، الاستخفاف الناتج عن سرعة حسم معركة جرابلس، الصيف الماضي، في غضون ساعات، من دون خسائر بشرية تذكر لدى الطرف المهاجم (الجيش الحر والجيش التركي). ثانياً، وهو الأهم، النواقص الكبيرة التي ظهرت في أداء الجيش التركي في التواصل والتنسيق والتخطيط والإدارة، وهو ما يعود، على الأقل جزئياً، إلى الفراغ الذي تركه صرف آلاف الجنود وكبار الضباط في الجيش التركي من الخدمة، بشبهة الانتماء إلى حركة "الخدمة" وشبهة التورط بمحاولة الانقلاب في منتصف يوليو/تموز الماضي. وكان لافتاً أن عدداً كبيراً من كبار الضباط وأصحاب الرتب المتوسط ممن تم طردهم أو إحالتهم إلى المحاكمة، كانوا مسؤولين عن منطقة الحدود التركية ــ السورية منذ فترة طويلة، فأتى مكانهم ضباط يبدو أنهم يحتاجون فترات طويلة لإدراك خصوصيات المنطقة وأسرار المعركة التي يخوضها جيشهم ضد "داعش" والمليشيات الكردية المصنفة إرهابية في هذه الجبهة.

وبدأ الطيران الروسي مع مطلع العام الجديد بمساندة الطيران التركي في مدينة الباب، وشن غارات متلاحقة على مواقع للتنظيم داخل المدينة، في إطار شراكة استراتيجية بين أنقرة وموسكو، تتعزز في سورية. من جهته، أوضح الإعلامي عمر الشمالي، الذي يواكب عملية "درع الفرات"، أن قوات المعارضة السورية سيطرت يوم السبت على قرية دغل باش غربي الباب، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن قوات المعارضة باتت على أعتاب الباب من الجهة الغربية.

واستعصت مدينة الباب على "الجيش الحرّ" والجيش التركي، رغم الحصار المفروض عليها من الشمال والغرب والشرق، وعلى الرغم من مئات الغارات الجوية التي يشنها الطيران التركي بشكل شبه يومي على أغلب مواقع التنظيم في المدينة. وقد حاولت قوات المعارضة السورية وقوات تركية اقتحام المدينة مرات عدة. ونجحت في 21 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بالسيطرة على جبل الشيخ عقيل الاستراتيجي المطل عليها، وعلى المشفى الذي يعد أهم مقرات التنظيم في المدينة، وعلى السكن الشبابي، وطريق الباب-حلب في غربي المدينة إثر معارك وُصفت بـ"الضارية". لكن مقاتلي التنظيم استطاعوا في اليوم التالي، استعادة السيطرة على هذه المواقع، وأهمها الجبل المذكور، موقِعين خسائر فادحة بالقوات المهاجمة، إذ قتل نحو 14 جنديا تركياً وهو ما تم اعتباره الخسارة الأكبر للجيش التركي في يوم واحد، منذ بدء عملية "درع الفرات.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد