170-TRIAL-

حتى جون كيري الذي يوصف بأنه يتمتع بأعصاب باردة جدا، أبدى قلقه مما وصفه بالحادث العنيف الذي نجم عن ارتكاب قوات الاحتلال الإسرائيلية جريمة القتل العمد، والمباشر بحق الشابين الفلسطينيين اللذين كانا مشاركين في مسيرة التضامن السلمية مع أسرى سجن "عوفر" جنوب رام الله ، وضمن فعاليات أحياء الذكرى السادسة والستين للنكبة الفلسطينية.

النكبة الفلسطينية التي لا تقل بشاعة عما ارتكب بحق اليهود في أوروبا إبان الحرب العالمية الثانية، والذي سمي بالمحرقة، والتي ينكر الإسرائيليون بمناسبة الحديث عنها، على كل من ينكر أو يقلل من بشاعة المحرقة، فيما هم ما زالوا ينكرون بشاعة النكبة، وكأنهم قد تقمصوا روح الجلاد، أو ما يسمى في علم النفس بسيكولوجيا الإنسان المقهور، حيث يتماثل الضحية مع الجلاد، فيمارس ما كان قد ارتكبه بحقه من عنف تجاه ضحايا آخرين.


هذا الفعل الإرهابي والمجرم مازال يمارسه جنود الاحتلال الإسرائيلي تجاه المواطنين الفلسطينيين، بكل بساطة ودون أدنى تردد، حيث لا بد من البدء بإجراءات تقديم الجندي الإسرائيلي الذي قتل بدم بارد وبشكل متعمد الشابين نديم نوارة ومحمد أبو ظاهر، يوم الخميس الماضي، ثم مواصلة الطريق وصولا إلى تقديم نتنياهو وكل قادة إرهاب الدولة الإسرائيلية للعدالة الدولية، على خلفية التحريض لبقاء الاحتلال والبناء الاستيطاني على ارض الفلسطينيين.


تبدي حركة حماس حرصا، يحترم للغاية، حين يجري الحديث عن المصالحة وإنهاء الانقسام على أن الاتفاق يجب ألا يمس المقاومة، وان الوحدة يجب أن تجري على قاعدة الثوابت الوطنية، وعلى أن مقاومة الاحتلال هي الطريق التي توحد الفلسطينيين، وقادتها والناطقون باسمها، عادة ما يحاولون الإشارة إلى أن طريق المصالحة محفوف بالمخاطر، بسبب ما يقولون إنها ضغوط أميركية وإسرائيلية تمارس على الرئيس أبو مازن، لثنيه عن عقد المصالحة مع "حماس"، ومع أن هذا الكلام ليس دقيقا، فالصحيح، نعم، إن إسرائيل ساهمت جدا في احداث الانقسام، وهي ليس لها مصلحة أبدا في تحقيق المصالحة، لكن ما هو غير صحيح أن ما عرقل المصالحة طوال تلك السنوات، الضغوط الأميركية أو الإسرائيلية على أبو مازن، بل حسابات "حماس"، واستجابتها في كثير من المحطات "للإغواء" الإسرائيلي، ولو كان أبو مازن يستجيب للضغوط الأميركية أو الإسرائيلية لما ذهب للأمم المتحدة، ولما نال عضوية فلسطين كعضو مراقب في المنظمة الدولية، ولما كان وقع الخمس عشرة معاهدة واتفاقية دولية، ولما كان وقع أصلا على الورقة المصرية للمصالحة العام 2009، قبل أن توقع عليها "حماس" بسنة، ولما كان صبورا على "حماس" كل هذا الوقت، ولما وقع معها اتفاقيتي القاهرة والدوحة، منذ اكثر من عامين، وكان من عطل التنفيذ "حماس"/ غزة .


ليس الآن وقت العتاب ولا وقت فتح الدفاتر التي نأمل أن تكون قد صارت قديمة، لكنه وقت وضع النقاط على الحروف، فنحن نظن، بل ونتطلع إلى أن تكون المصالحة وان يكون إنهاء الانقسام عامل قوة، ومناسبة لبث روح المقاومة في صفوف الشعب الفلسطيني مجددا.


المصالحة فرصة لإطلاق المقاومة الشعبية، ومقاومة المجموعات المسلحة، وفق خطة تحرير وطنية، تجمع عليها القوى والفصائل وتتوزع فيها الأدوار بين السلطة والفصائل والمجموعات الشعبية المختلفة، لدحر الاحتلال الإسرائيلي عن ارضنا وعن حدود دولتنا، وليس على السلطة فقط أن ترفض "يهودية دولة إسرائيل" بل المواطنون العرب في إسرائيل، والى أن تقوم دولة فلسطين، فليس هناك اعتراف بدولة إسرائيل، لا بها كدولة يهودية ولا حتى كإسرائيل، حيث يجب أن يكافح عرب الداخل ـ الـ 48، من أجل دولة مدنية، دولة لكل مواطنيها بكل صراحة ووضوح، فإن لم تقم دولتان على الأرض بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، دولة فلسطين ودولة إسرائيل المدنية، لا اليهودية ولا العسكرية، وما لم يؤد السلام إلى دحر الاحتلال، فإن الصراع سيظل قائما وسيبقى، ولا بد من دحض استراتيجية إسرائيل بتمرير الاستيطان في ظل المفاوضات، أو إبقاء حالة اللاحرب واللاسلم، وإعلان استراتيجية وهدف الفلسطينيين المتمثل بدحر الاحتلال عن 67، إن لم يكن بالسلم فبالمقاومة، ولا بد من القول والفعل أن حالة اللاحل لن تستمر.


هذا ما على الجميع أن يتوافق عليه، وهذا ما على المصالحة أن تدركه، فالشعب يريد إنهاء الاحتلال، ومن أجل هذا سعى الشعب للمصالحة وللوحدة الوطنية، وليس من اجل أن تتقاسم "فتح" و"حماس" السلطة، أو من اجل أن يحقق بعض الانتهازيين تطلعات خاصة بالظفر بمنصب وزاري أو منصب حكومي أو ما شابه ذلك، ليس من أجل توفير مرتبات، أو من اجل تحقيق مكسب عابر هنا أو هناك، بل من أجل تحرير الأسرى وتحرير الأرض، وما زال المدخل ممكنا وماثلا، لتعلن حكومة التوافق تبني شعار: "ملح ومي"، على رأس جدول أعمالها، مثلا!.

Rajab22@hotmail.com 114

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد