أطوي صلفها وأبعدها عن جلدي، ركضت نحوها فعبثت بعمري. حلم كان أن نعدو معاً، عبثاً حاولت اللحاق بها، لا تستحق تلويحة من يدي، أو قبلة وداع، عام خائن يغتال محبيه.
سأودعها بسخرية، وأعود خطوات نحو الوراء، سأدعها تذهب إلى حالها بينما صدى ضجيجها لا يتركني، ما زالت تتفاخر بأنها نالت مني مقتلاً، تمد لسانها في وجهي، مصرة على الهبوط بسقفي، فاتحة على دمعي أبوابها.
من عام إلى عام، ميزان الذهب الحساس، دليل المساطر، الحسنات تُذهب السيئات، بعض الخروج على معايير السيطرة، توسع محسوب للأحلام، جموح فجائي للخيال، محاولات رؤية مختلفة للكون، وانتباه جديد لتفاصيل الحياة، والرقص في مهب الريح.
وفي رصد مسطرة اللسان، لا يواجه المشاكل في لحظتها. حذر في الأقوال، تهوُّر في الكثير من الألفاظ، فشلٌ في مطاردة أسرار الكلمة، تعب اللهاث خلفها، تفلت من قبضتي. قرب قلبي ترمي جثتها.
خطوة نحو القلب، عفو غبي عند المقدرة، يرفض العفو لدى عجزه. لا تقدم نحو الهدف إلا إذا استحق العناء. أقول لا ثم أندم، أشكر نفسي ثم أندم..
قفزات في الهواء، أمهد لها بالكثير من الضحك والمزاح، قبل أن أبوح بالأحزان. أصنع الجمال بالسرّ، بين الأحرف وخيالات اللحظة، لا أحد يعرف ماذا أفعل. لا أقدم وجهة نظر في الموت، لا أحد يريد، لا أحد يموت.
أصعب اللحظات، تجلَّت لدى محاولتي فتح أشرعتي والتحليق قبل أن تغلقها الأنواء، لا عزاء للإناث ولا وجود لمن يحزنون عليهن.
في الدروب الموصدة، أضغط جسدي وأدخل قلبي دون استئذان الحارس، أطارد خيالات وتهويمات، أمنع التجوال في جميع غرف القلب، تنظيف الأذين والبطين من الآثار المتسرعة، أطرد دقات وخفقات، أطفئ الأضواء وأخرج روحي لتهيم بين الأزقة.
العبور من عام إلى عام، لن أبحث عن وصفة سحرية للهروب من الرواية. ألملم شرودي من الفضاء لتسجيله على الورق، شلال من كلمات تشهق ترفض المزيد من الانتظار. لن أجرؤ على الاعتراض، سأرى المكتوب على الجبين بعيون مفتوحة، سأتوقف عن لعب دور القوية، فأجنحتي شفافة كالضوء.
صمت وهذيان، سأفعل ما قررت أن أفعله، قبل الفقد وبعد التوحُّد، سألاحق غواية الكتابة لأنها أعذب زلات قلبي، وقدر جميل لا فكاك منه، والخُصلة التي خصَّنا بها الخالق عن باقي الكائنات التي تتناسل بالولادة.
مع ذلك سأبقى أسيرة الصمت، لأن الإجابات الصحيحة اختفت، بسبب عشق فلسفة الماضي ورموزها، بسبب الخوف أن تكون إجابات خاطئة، بسبب زينة الطلاسم، وهمسات روحي المقيَّدة وتشتت خواطر تهذي على صفحاتي، قبل أن أحزن على سنيني وأرحل نحو عالمي الخاص.
سأروي قصتي مع العمر، كتابتها أشبه بطلق الولادة، وجعها الممتد نحو الأطراف. سأضع أصابعي المخصصة للحنّاء على قسوة السرد. سأقبض على حروفها بقوة، قبل أن ترقد أجفاني قرب أجفانهم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد