احتفالات الفراعنة بـ"رأس السنة" ليست كغيرها من الاحتفالات!
القاهرة/سوا/ قالت دراسة تاريخية مصرية حديثة، صدرت بمناسبة احتفالات العالم برأس السنة، إن احتفالات قدماء المصريين بقدوم العام الجديد، كانت تستمر خمسة أيام كاملة.
وأشارت الدراسة، الصادرة عن مركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية، بصعيد مصر، وأعدها عالم المصريات، الدكتور محمد يحيى عويضة، والباحثة المصرية الدكتورة منى أبو هشيمة، أن مصر الفرعونية كانت تتحول إلى ساحة للمهرجانات والاحتفالات طول تلك الأيام، التي كانت تبدأ قبيل حلول العام الجديد بخمسة أيام، وتنتهى بحلول ليلة رأس السنة الجديدة.
وأوضحت الدراسة أن السنة لدى الفراعنة، كانت تقسم إلى 365 يوما، يتكون منها 12 شهرا، كل شهر منها 30 يوما بالإضافة الى خمسة أيام تسمى بالنسيء، و تضاف في آخر كل عام، ثم قسمت السنة إلى ثلاثة فصول هي الفيضان والشتاء والصيف، وكل منها يمثل أربعة أشهر من السنة لدى الفراعنة.
وبحسب الدراسة، فقد أضيفت أيام النسيء الخمس تكريما لمولد أوزوريس وحورس وست وإيزيس ونبت حب، وفى تلك الأيام لا يؤدى أي عمل، وكانت أيام للاحتفالات فقط، وكانت بداية العام الجديد، أو رأس السنة، يطلق عليها في مصر القديمة إسم "ويبت رينبت" أي "إفتتاح العام"، وهو الحدث الفلكي الأهم والأكثر بهجة في مصر القديمة.
وكانت أيام النسيء الخمسة تمثل نهاية العام، وبعدها يبدأ العام الجديد، لذا كانت هذه الأيام الخمسة مليئة بالاحتفالات، وكانت أغلب تلك الاحتفالات تقام خارج المنازل والبيوت، وتبدأ الاحتفالات برأس السنة وحلول عام جديد بقيام قدماء المصريين بتقديم القرابين لمعبوداتهم، ثم الترحم على موتاهم بزيارة قبورهم، وتوزيع الهبات ترحما على أرواحهم وتخليد ذكراهم، ثم يقضون بقية الأيام في المشاركة بالألعاب والمباريات والمهرجانات والسباقات التي يشترك فيها أصحاب المواهب من المغنين والمهرجين والراقصين.
وتتخلل تلك الاحتفالات والسباقات قيام المحتفلين بتناول الأطعمة والمشروبات مثل البط البري والإوز المشوي والسمك المجفف والفطائر المحشوة والكعك بمختلف أنواعه، ويعد النبيذ الطازج من أفضل الأطعمة والمشروبات التي كان يتناولها الفراعنة خلال احتفالاتهم برأس السنة وحلول العام الجديد.
وتشير الدراسة إلى أنه من أبرز العادات الاجتماعية العظيمة التي كانت تعم مصر القديمة خلال احتفالات رأس السنة وحلول العام الجديد، هو زوال أية خلافات أو نزاعات فيما بينهم، فيقتسمون الطعام والشراب، ويعيشون أيام فرح وسرور، وتقام حفلات الزواج المبارك في مساء اليوم الأول من شهر توت، والذى يمثل بدء العام الجديد من كل عام.
وحسب الدراسة ، يبدأ الاحتفال بـ"تجلى تمثال حتحور المحفوظ بغرفة قدس الأقداس ليخرج إلى النور في هذا اليوم فيفيض بهذا الضياء على المعبد طول العام، ومع قرب انبلاج الضياء يحمل التمثال مع طقوس إحراق البخور وصب الماء المقدس ويصعد به الكهنة إلى سطح المعبد ليسقط أول شعاع من شمس اليوم الجديد على وجه حتحور ليملأه مهابة وجمالا".
وكل تلك الطقوس، مصورة على جدران معبد دندرة الواقع غرب مدينة قنا، شمالي مدينة الأقصر بمسافة 60 كم، ولأن السنة المصرية القديمة، تبدأ بظهور النجم "سبدت"، المعروف الآن بالشعرى اليمانية، مصاحبا لها أهم ظاهرة في التاريخ المصري القديم، وهي الفيضان، حيث يفيض النيل ليجدد الحياة وتخضر الأرض ويجرى ماء النهر ليفيض على ربوع مصر بالبركة والخصب والنماء.
و كانت تقام في هذه الأيام، الاحتفالات والأعراس ويجدد من سبق لهم الزواج، شهر العسل، حتى أن "آمون كان يترك عرشه بمعابد الكرنك لـ"يعرس بزوجته موت" بالمقصورة الجنوبية حيث معبد الأقصر المطل على نهر النيل الخالد".
وكان أول شهور السنة الجديدة، هو شهر توت، نسبة الى تحوت، الكاتب العظيم، في إشارة إلى بدء العام الجديد بالثقافة والآداب والعلوم، ثم شهر بابه نسبة إلى حابي، في إشارة إلى الفيضان الذى يأتي بالخير، ثم هاتور نسبة إلى حاتحور، في إشارة إلى الرقص والموسيقى والفرح الجميل والسعادة الحقيقية الناتجة عن العشق الدائم والحب الأبدي.