خبير أمني تونسي: أطراف داخلية متورطة في جريمة اغتيال محمد الزواري

خيمة عزاء الزواري بغزة

تونس / سوا / قال الخبير الأمني التونسي علي الزرمديني إن ثمة «أطرافاً داخلية» متورطة في عملية اغتيال خبير الطيران التونسي محمد الزواري من قبل جهاز الموساد الإسرائيلي، مُعبّراً عن لومه لحركة « حماس » التي قال إنه كان عليها إطلاع السلطات التونسية على العلاقة التي تربطها بالزواري من أجل تأمين حماية أمنية له. 


 كما نفى وجود أي علاقة بين اغتيال الزواري واستقالة المدير العام للأمن الوطني عبد الرحمن بلحاج علي، كما اعتبر أنه لا يمكن الربط بين عملية الاغتيال الأخيرة و»مجزرة» حمام الشط التي أدت لمقتل وجرح أكثر من 150 شخصاً عام 1985.


وقال الزرمديني لصحيفة القدس العربي: «العملية تم التخطيط لها منذ مدة طويلة (3 أشهر وفق بعض المصادر)، ومن قام بها (مغربي يحمل الجنسية البلجيكية وآخر سويسري، وثالث مجهول الهوية) على درجة كبيرة من الحرفية، ويجب أن لا ننسى أن يد الموساد الإٍسرائيلي تتمدد في كل دول العالم (سواء في افريقيا أو اوروبا أو حتى أمريكا)، ولكن هذه العملية لم تكن لتتم لولا تواطؤ أطراف داخلية مشتركة بالتنفيذ، بقصد أو بغير قصد».


وأوضح أكثر بقوله «جهاز الموساد لا يتحرك بأذرعه فقط، وهو لا يمكن أن يتواجد في أي مكان إلا إذا استقطب أكثر من طرف داخلي، وبالتالي ما كان له أن ينفذ هذه العملية إلا بأطراف داخلية قد تكون على علم بالفعل وقد لا تكون (كما أسلفت)، وكما نعلم أنه استغلت إحدى الصحافيات وسيارات مستأجرة وأطراف أخرى ساهمت في المراقبة والإرشاد وهيأت الظروف للعملية، تونس بلد سياحي منفتح، والبلدان السياحية هي من أكثر الدول التي يقع بها هذا النوع من العمليات على اعتبار أنها لا يمكن أن تغلق حدودها أمام ملايين السياح».


وحول الدقة الكبيرة في تنفيذ عملية الاغتيال وقيام الجناة بمحو آثار الجريمة والتلاعب في كاميرات المراقبة، قال الزرمديني «رغم عملية المراقبة الطويلة للضحية ومحاولات طمس معالم الجريمة وغيرها، فإنه لا يمكن الحديث، حقيقة، عن دقة في التنفيذ وخاصة مع شخص معزول ولا يملك أي سلاح ويعيش في حي بعيد نسبياً عن المدينة ولا يخضع لمراقبة أمنية، وتنعدم فيه الحركة عند الظهر (وقت تنفيذ العملية)، ولكن رغم كل ذلك فإن الشرطة القضائية تمكنت في ظرف وجيز من إماطة اللثام على أغلب تفاصيل العملية وتم الوصول إلى أغلب الجناة في وقت قياسي، حيث تم إيقاف ثمانية أشخاص متورطين في العملية، وكان بعضهم يستعد للسفر إلى البرازيل وآخرون إلى المجر ودول أخرى». 


وأضاف «محمد الزواري لم يكن معروفاً لدى الأوساط الأمنية التونسية إلا في بداية التسعينيات حين فر من تونس إلى السودان وسوريا وكان محل تتبع من قبل الأجهزة الأمنية التونسية بسبب انتمائه لما يسمى بالاتجاه الإسلامي (النهضة)، إلا أن مغادرته أفقدت هذه المتابعة، على اعتبار أنه أصبح في حماية التنظيمات الإسلامية في السودان أو مواقع أخرى، وهذه المراقبة الأمنية ألغيت بحكم سن العفو التشريعي العام في تونس بعد الثورة، كان من الأجدر بحركة حماس أن تقوم بإشعار السلطات التونسية بأن هذا الشخص هو شخص مهم في الحركة حتى تتوفر له الحماية اللازمة لأنه ليس هناك أي دولة في العالم قادرة على حماية كل أفراد شعبها وخاصة أنها لا تمتلك معلومات تفيد بأن حياته في خطر».


وحاول بعض المراقبين الربط بين استقالة المدير العام للأمن الوطني عبد الرحمن بلحاج علي واغتيال محمد الزواري على اعتبار وجود ثغرات أمنية مكنت من تنفيذ عملية الاغتيال.


وعلق الزرمديني على ذلك بقوله «ليس هناك أي رابط زماني أو مكاني بين الأمرين (سوى الصدفة) وخاصة أن عملية الاغتيال مخطط لها منذ مدة بعيدة تم خلالها رصد الضحية، بولحاج علي قام بواجبه على أكمل وجه لفترة معينة واستدعت الضرورة والمعطيات الداخلية أن يستقيل، ولا أعتقد أن شخصاً مثله يمكن أن يستسلم أمام مثل هذه العمليات، ولو تلقت الأجهزة الأمنية تحذيرات أو معلومات استخباراتية حول وقوع عملية اغتيال ولم تتحرك، حينها يمكن محاسبتها والحديث عن وجود ثغرات أمنية، ولكن يمكن القول إن العملية «عادية» وليس هناك أي تقصير أمني، وعموماً لا يستطيع أي جهاز أمني في العالم أن يوقف جميع الجرائم التي يمكن أن تقع على أرضه، وقد لاحظنا عمليات اغتيال مشابهة وأخرى ذات طابع إرهابي في تل أبيب وأنقرة وغيرهما».


وحول إمكانية الربط بين «مجزرة» ضاحية حمام الشط (الضحاية الجنوبية للعاصمة) التي نفذتها طائرات إسرائيلية واغتيال الزواري، قال الزرمديني «هذا هراء، إذ لا يمكن المقارنة بين الحادثين، فعملية حمام الشط هي اعتداء عسكري بأسلحة ثقيلة وطائرات حربية، أما حادثة اغتيال الزواري فهي عملية استخباراتية بامتياز، وثمة فرق كبير بين الأمرين، ولكن عموماً لا بد من القول إن إسرائيل تمددت مؤخراً نحو شمال افريقيا وتسعى إلى ضرب أي طرف يعاديها أو يواجهها في أي موقف». 


يُذكر أن جهاز الموساد قام في 1988 باغتيال القيادي البارز في حركة «فتح» خليل الوزير (أبو جهاد) في منزله في منطقة «سيدي بوسعيد» في الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد