الجنرال آيلاند: يجب إفهام الجميع مسبقًا بأننّا سنُدمّر كلّ لبنان لكي نُبعد شبح الحرب

الجنرال غيورا آيلاند

القدس / سوا / على الرغم من انشغال تل أبيب في مشاكلها الداخليّة والخارجيّة، فإنّ قادتها وأركانها، من المُستويين السياسيّ والأمنيّ-العسكريّ، لا ينفكّون عن سبر غور نتائج وتداعيات “حرب لبنان الثالثة” ضدّ حزب الله.

وفي هذا السياق، يجب التحذير من أنّ إسرائيل تلعب أيضًا في ميدان الحرب النفسيّة وارتداداتها على الوطن العربيّ بشكلٍ عامٍ، وعلى المقاومة اللبنانيّة، بشكلٍ خاصٍّ.

مُضافًا إلى ذلك، فإنّ المُتتبع للشأن الإسرائيليّ، يُلاحظ بوضوحٍ وبدون رتوشٍ، أنّ ميزان الرعب والقوّة والردع بين الدولة العبريّة وبين حزب الله، والذي تأسس كنتيجةٍ منطقيّةٍ لتبعات حرب لبنان الثانية، ما زال قائمًا وبقوّةٍ على الأجندة في تل أبيب وفي الضاحية الجنوبيّة ببيروت.

يزعم الإسرائيليون أنّ حزب الله ما زال مردوعًا منذ أنْ وضعت حرب العام 2006 أوزارها، ولكن بالمُقابل، يُقّرون بصورةٍ غيرُ مباشرةٍ، أنّهم هم أيضًا، باتوا، خلافًا للماضي، يلجئون إلى مجلس الأمن الدوليّ بشكاوى ضدّ ممارسات الحزب، بعد أنْ كانوا يعتقدون أنّ اجتياح لبنان هو نزهة.

كما يُلاحظ أنّ قواعد الاشتباك بين الطرفين، باتت معروفةً: إسرائيل تُهاجم، حزب الله يرُدّ بقتل وجرح جنودٍ وضباطٍ إسرائيليين في المنطقة المُتنازع عليها بينهما، مزارع شبعا. تبتلع تل أبيب على مضض المسّ بجيشها من قبل حزب الله، وتُعلن أنّ الـ”جولة الحاليّة” انتهت.

وما ذُكر أنفًا، يقودنا إلى تصريحات الجنرال غيورا آيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ، الذي قال إنّ الدولة العبريّة ليست قادرةً  على تحمل حربٍ جديدةٍ في مواجهة حزب الله، ودعا إلى العمل على تجنب المواجهة، أوْ ما يُمكن أنْ يتسبب باندلاعها، بحسب تعبيره.

وأوضح الجنرال في الاحتياط، خلال مقابلةٍ مع القناة العاشرة بالتلفزيون الإسرائيليّ، أنّ الخشية من الحرب ليست بسبب احتمال وجود سلاح دمار شامل في حوزة حزب الله، بل بسبب ترسانته الصاروخيّة التقليديّة التي تزيد على 130 ألف صاروخ من مختلف الأنواع والمديات، بحسب آخر التقديرات الاستخبارية الإسرائيليّة.

على هذه الخلفية، رأى إيلاند الهجمات الإسرائيليّة في سوريّة بأنها “جرعة منخفضة” ويجري تفعيلها بطريقة محسوبة جدًا، كي لا تتسبّب بردٍّ مباشرٍ ضدّ إسرائيل. وأشار إلى أنّ تلميحات وزير الأمن الإسرائيليّ أفيغدور ليبرمان بأنّ إسرائيل لن تسمح بمرور أسلحةٍ متطورّةٍ، بما في ذلك أسلحة غير تقليدية، إلى حزب الله، هو نوع من الإقرار غير المباشر بأنّ قوة حزب الله العسكرية تتعاظم، وأنّ إسرائيل تُهاجم ما يُمكن اكتشافه من عمليات تهريب أسلحة نوعيّة أوْ كاسرةٍ للتوازن من سوريّة إلى لبنان.

لكن، تابع قائلاً إنّه ليس بالضرورة أنّ إسرائيل تعرف كلّ شيءٍ، وعليه شدّدّ في سياق حديثه التلفزيونيّ على أنّه يتحتّم على تل أبيب الافتراض أيضًا بأنّ تعاظم حزب الله لا يتعلّق فقط بالأمور المعروفة، كالترسانة الصاروخية التي تغطي كل إسرائيل، بل أيضًا بأمور إضافية، بحسب توصيفه.

كما حذّر الجنرال الإسرائيليّ من أنّ انتهاء الحرب في سوريّة، التي على ما يبدو سيكون حزب الله إلى جانب المنتصرين فيها، ستضع إسرائيل بنتيجتها أمام استحقاق وخيارات صعبة، رغم أنّه لا يمكنها وليس عليها، أيْ لإسرائيل، أنْ تقاتل حزب الله.

وكان لافتًا للغاية تحذيره خلال المقابلة بأنّ الدولة العبريّة ليست جاهزةً لتحمل حربٍ في مواجهةٍ مقبلةٍ مع حزب الله، حتى وإنْ كانت أكثر جاهزية عمّا كانت عليه عشية حرب عام 2006. وبرأيه، لا طاقة لإسرائيل على تحمل تبعاتها بكل أبعادها. وتابع قائلاً: لا أتحدّث في هذا المقام عن سلاحٍ غير تقليدي، بل عن ترسانة حزب الله التقليديّة، الأمر الذي يوجب على صنّاع القرار في تل أبيب السعي لمنع نشوب الحرب، وإنْ قُدّر لها أنْ تنشب فيجب أن تنتهي خلال ثلاثة أيام، وليس 33 يوماً كما في 2006، قال الجنرال آيلاند.

وفي معرض ردّه على سؤالٍ حول كيفية منع الحرب، قال إيلاند إنّ السبيل الوحيد هو أنْ تُفهم إسرائيل الجميع مسبقًا بأنّ حربها المقبلة ستكون ضدّ الدولة اللبنانيّة وبنيتها التحتية، أيْ أنْ تُفهم الجميع مسبقًا بأنّ لبنان سيُدمّر، وهذا من شأنه مسبقًا إبعاد الحرب، قال الجنرال في الاحتياط.

تصريحاته فيما يتعلّق بتدمير لبنان، تؤكّد مرّةً أخرى، على أنّ المؤسسة العسكريّة الإسرائيليّة، طبعًا بدعمٍ من المُستوى السياسيّ، كانت وما زالت وستبقى تؤمن بأنّ تطبيق خطّة الضاحية الجنوبيّة ببيروت، يجب أنْ تُفعّل في الحرب القادمة ضدّ بلاد الأرز، أيْ تدمير هذا البلد العربيّ بالكامل. وغنيٌ عن القول إنّ هذه الخطّة التدميريّة، وضعها وأعلن عنها سابقًا القائد العّام لهيئة أركان جيش الاحتلال، الجنرال غادي آيزنكوط.

والسؤال، الذي كان وما زال، وبحسب جميع المؤشرات، سيبقى بدون جوابٍ، السؤال هو ليس هل ستندلع المُواجهة العسكريّة بين الطرفين، إنمّا متى.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد