زواج مغتصِب بضحيته وفق إذن قضائي يثير جدلا في تونس

فتاة تونسية اثناء المظاهرة

تونس /وكالات/ أثار حصول شاب تونسي اغتصب قاصرا على إذن قضائي يمكّنه من الزواج بضحيته، جدلا كبيرا في البلاد، حيث عبر عدد من السياسيين والحقوقيين عن رفضهم لهذا القرار، مطالبين بإيقاف تطبيقه، فيما تعهّدت وزارة المرأة والطفولة بالإحاطة النفسية والصحية للضحية ومساعدتها على الاندماج مجددا بالمجتمع.


وتمكن شاب (20 عاما) في ولاية الكاف (شمال غرب) من عقد قرانه على طفلة (13 عاما) اغتصبها قبل أشهر، وذلك بعد موافقة عائلتها وحصوله على إذن قضائي من المحكمة الابتدائية في المدينة، حيث أشارت مصادر إعلامية إلى أن مسؤولة حماية الطفولة في الولاية تدخلت لمنع الزواج لكنها فشلت في هذا الأمر على اعتبار أن الجاني حصل على إذن قضائي، مشيرة إلى أن الضحية حامل في الشهر الثالث.


وأثار الخبر موجة استنكار كبيرة داخل البلاد وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تناقله مئات المستخدمين والنشطاء، فيما أصدرت وزارة المرأة والطفولة بلاغا عبرت فيه عن «عميق انشغالها إزاء وضعية الطفلة التي تمّ في شأنها استصدار إذن قضائي يقضي بالزواج بالمعتدي عليها، وذلك بالاستناد لمقتضيات الفصل 227 مكرر من المجلة الجزائية الذي ينص على أن زواج الفاعل بالمجني عليها يوقف الملاحقات وآثار المحاكمة».وذلك بحسب ما نشرت صحيفة القدس العربي الالكترونية .
وأضاف البيان «سعت الوزارة منذ ورود الإشعار بالتحرك في اتجاه الرجوع في الإذن القضائي وإبطال الزواج نظرا للمصلحة الفضلى للطفلة باعتبار أن وضعيتها تنطبق على أحكام الفقرة «هـ» من الفصل 20 من مجلة حماية الطفل. وتلتزم الوزارة بالتعهد بمرافقة الطفلة الضحية من أجل توفير الإحاطة النفسية والصحية الضرورية، وتقديم المساعدة الاجتماعية لها ولعائلتها بما يضمن حسن احتوائها وإدماجها اجتماعيا».
وينص الفصل المذكور على أنه «يعاقب بالسجن مدة ستة أعوام كل من واقع أنثى بدون عنف سنها دون خمسة عشر عاما كاملة. وإذا كان سن المجني عليها فوق الخمسة عشر عاما ودون العشرين سنة كاملة فالعقاب يكون بالسجن مدة خمسة أعوام. والمحاولة موجبة للعقاب. وزواج الفاعل بالمجني عليها في الصورتين المذكورتين يوقف التتبعات أو آثار المحاكمة».
وقال القيادي في حزب «تونس الإرادة» طارق الكحلاوي لـ»القدس العربي»: «لا أفهم كيف ينطبق هذا الفصل على هذه الحالة إذ أن مواقعة الأنثى تمت هنا بدون موافقتها أي اغتصاب طفلة تحت سن الخمسة عشر عاما… لكن الأهم أن هذا الفصل في ذاته كما هو، مضر بالحقوق الأساسية المذكورة في الدستور بما في ذلك واجب حماية الطفولة، إذ أن مؤسسة الزواج لا يمكن أن تكون صيغة لتشريع الاغتصاب وبالتالي من الضروري تحويره (تعديله)».


وكتبت الباحثة رجاء بن سلامة على صفحتها في موقع «فيسبوك»: « إنّها فضيحة وجريمة في حقّ الطّفولة! طفلة ذات ثلاثة عشر ربيعا، يغتصبها شابّ في العشرين، فيطبّق عليها في تونس، في سنة 2016، قانون عتيق لا يعترف بالعنف الجنسيّ، ولا يعترف بنفسيّة المغتصبة، ولا يعترف حتى بطفولة الطّفلة، ويقضي بعدم إدانة الجاني إذا ما تزوّج المغتصبة!».
وأضافت «إلى متى هذه القوانين المهينة للطّفلة وللمرأة؟ ألم يكن من الأفضل اعتماد مجلّة حقوق الطّفل أو شرعة حقوق الإنسان لتجنّب هذه المهزلة؟ متى نتخلّص من هذه القسوة العتيقة المنظّمة ضدّ الأنثى، سواء كانت قاصرة أم راشدة؟».
وكتبت الباحثة ألفة يوسف «أن تكون إرهابيّا أو مغتصِبا أفضل أمام قانون العار من أن تكون مثليّا أو مسيحيّا لا تؤذي أحدا!».
فيما علّق المحامي مالك بن عمر الكاتب العام لمرصد «الحقوق والحريات» بقوله «أعتقد أن وزارة المرأة والطفولة تعيش في كوكب آخر، لأن القانون التونسي لا يمكّن المغتصب من أي فرصة للزواج بالضحية، لكنه بالمقابل يمكّن المُواقع لأنثى قاصر «برضاها» من فرصة إصلاح خطئه وتجنّب العقاب عبر الزواج منها بعد موافقة أهلها، لكن المغتصب يجب أن يُعاقب مهما كانت الظروف حتى لو تم إسقاط الحق أو الدعوة من قبل الضحية أو عائلتها، وهو ليس لدية أيه فرصة للتخفيف من الحكم، علما أنه في القانون الجزائي يمكن للقاضي التخفيف من حكم بعض القضايا حسب الفصل 53، ولكن في الاغتصاب هذا غير ممكن إطلاقا».


وأضاف لـ»القدس العربي»: «أظن أن الأمر يتعلق بمواقعة أنثى برضاها (ربما بسبب وجود علاقة عاطفية بين الطرفين) وليس بالاغتصاب، فلا أعتقد أن أي قاضٍ مهما كانت رتبته يمكن أن يقدّم أي إذن قضائي لمغتصب كي تزوج من ضحيته، فالقانون واضح في تونس، والاغتصاب والتحرش وكل أشكال العنف ضد المرأة مجرّمة في البلاد، وجرائم الاغتصاب بتهديد السلاح تصل عقوبتها إلى الإعدام في تونس، ودون سلاح تتراوح العقوبة بين خمس وعشر سنوات».
وينص الفصل 25 من قانون «مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال» على اعتبار الاغتصاب جريمة إرهابية، حيث يفرض عقوبات مشددة على الجاني تبدأ بالسجن بين عشرة وعشرين عاما وبغرامة مالية تقدر بحوالى 70 ألف دولار، وتنتهي إما بالسجن المؤبد (في حال استعمال المغتصب للسلاح) أو الإعدام (في حال موت الضحية) وبغرامة مالية تبلغ حوالى مئة ألف دولار.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد