حماس بعد 29 عاما.. أين أصابت وأين أخطأت؟
غزة /علا حليلو / خاص سوا/ تحتفل حركة المقاومة الإسلامية " حماس " اليوم الاربعاء، بمرور 29 عاماً على تأسيسها، في ظل ظروف يصفها مراقبون بأنها "صعبة للغاية".
وتعدّ حماس، جزءًا من حركة النهضة الإسلامية، وتؤمن أن هذه النهضة هي المدخل الأساسي لهدفها وهو تحرير فلسطين كاملة من النهر إلى البحر، فيما يرتبط مؤسسيها فكرياً بجماعة الإخوان المسلمين.
وقال الناطق باسم "حماس"، فوزي برهوم، إن مرحلة فرض المعادلات الإسرائيلية على شعبنا الفلسطيني وعلى حركة حماس والمقاومة الفلسطينية قد انتهت بلا رجعة.
وأكد برهوم في تصريح صحفي، في الذكرى التاسعة والعشرين لحركة حماس، أن الحركة سطرت أروع صفحات المجد والخلود والعطاء والتضحيات ضد اسرائيل وما زالت تفرض معادلتها بكل قوة.
وأوضح أن حماس بقوتها الجماهيرية والشعبية وبسلاحها المقاوم وبطهارة اليد وقوة الكلمة وبالعمق الاستراتيجي العربي والإسلامي استطاعت أن تقهر هذا الاحتلال في أكثر من مرة وفي ثلاث حروب متتالية وما زالت تعد العدة كي تدافع بكل قوة عن شعبنا وأرضنا ومقدساتنا.
وبيّن أن أي معركة مستقبلية مع اسرائيل ستشهد صفحة جديدة ناصعة من صفحات العمل الجهادي المقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي دفاعا عن الأسرى والمسرى وعن فلسطين وعن الحق الفلسطيني المقدس.
يحيى موسى القيادي في الحركة، قال إن حماس مثلت إضافة نوعية للنضال الفلسطيني، وما زالت تحافظ على كل مكونات الهوية من خلال عدم الاعتراف بالاحتلال على أي جزء للوطن، إضافة إلى عدم اعترافها بأي اتفاقات سياسية تنقص من حق الشعب الفلسطيني".
واعتبر موسى أن "استمرار حماس في نهج المقاومة ورفض الاحتلال وتطوير السلاح، من أهم الانجازات التي تحققت في ظل أوسلو والتنسيق الأمني والانهيار في المنطقة العربية".
وأضاف : "المنطقة العربية في حالة ارتباك وتراجع غير مسبوق"، مشيراً إلى أنه لا يمكن تقويم الأمور من خلال العلاقات المَرضَية الموجودة في الساحة، لافتاً إلى أن حماس نأت بنفسها عن هذه الصراعات وأبقت البوصلة تجاه القدس .
ولفت موسى إلى أن رصيد الحركة يتمثل في الشعب الفلسطيني "الذي نشأت في ظله، وما زالت محتضنة من قبله"، مشدداً على أن علاقة حركته بالشعب متينة وغير قابلة للظروف الطارئة.
وكان خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) قد قال إن الحركات الإسلامية الوسطية -بما فيها حركة حماس- ارتكبت خطأين: الأول المبالغة في الرهان على القوة الذاتية، والثاني وجود خلل في التعامل مع شركاء الوطن.
وأضاف -في كلمة له في ندوة "التحولات في الحركات الإسلامية" التي نظمها مركز الجزيرة للدراسات في الدوحة في الرابع والعشرين من شهر أيلول الماضي إن الاختبار الحقيقي للحركات الإسلامية لا يكمن في الإيمان بالديمقراطية وممارستها بل في التمسك بها والحرص في كل الأحوال على الشراكة مع الأطراف الأخرى رغم امتلاكها الأغلبية.
ويرى خالد صافي الخبير في حركات التحرر الاسلامية، أن حركة حماس قامت بمراجعات كثيرة لنظامها.
ويقارن صافي بين ميثاق حماس عام 1988، حيث كانت تنظر لكل فلسطين أرض وقف إسلامي، أما اليوم فهي تنظر إلى اقامة دولة على حدود 67، وتقبل بإقامة هدنة مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف : "هناك مراجعات سياسية كثيرة منذ عهد الشيخ أحمد ياسين ، عندما أعلن أكثر من مرة أنه مستعد لقبول هدنة مع الجانب الإسرائيلي مقابل اقامة دولة على حدود 67".
ولفت إلى أنها كانت تركز على الجانب العسكري في التسعينات، أما اليوم فهي تركز على الجانب السياسي، وتحاول اقامة علاقات عربية مثل قطر، ودول اقليمية مثل ايران وتركيا، وتحاول اقامة علاقات واتصالات مع دول أوروبية.
وعلى صعيد اخفاقات الحركة، فيعتقد صافي أنها أخفقت في الملف المصري، مضيفاً : "كان يجب عليها أن تبقى على علاقة مع كل القوى المصرية باعتبارها حركة تحرر وطني فلسطيني"، مستدركاً بالقول : "لكنها أخطأت عندما وقفت بشكل كبير اعلامياً وسياسياً الى جانب الرئيس مرسي وعندما تم اسقاطه، نظر الرئيس الحالي إلى حركة حماس نظرة عدائية".
وتابع : "وفي سوريا بعد أن انتقلت إلى قطر وقطعت علاقاتها مع النظام السوري، كان يجب أن تكون أكثر براغماتية في عدم التدخل في الشؤون الخارجية".
وحول تجربتها في غزة، يرى صافي أنها فشلت في إقامة حكم إسلامي، مبرهنا رأيه باعتراف خالد مشعل رئيس مكتبها السياسي في أكثر من مناسبة أن تجربة غزة لا يمكن أن يُبنى عليها بمعنى أنها تجربة لا تشكل نموذجاً، ثم صرّح أن حماس قد أخطأت بخصوص قطاع غزة".
وأردف قائلاً : "وبهذا فقد تبين أنها لم تستطع أن تحكم غزة بمفردها ولا تحمل تبعات الوضع الاقتصادي والاجتماعي في القطاع."
من جانبه، قال حسام الدجني الكاتب والمحلل السياسي : "لقد كان بإمكان حماس قبول شروط الرباعية الدولية مقابل أن يفرش لها البساط الأحمر في العواصم العالمية، ولكنها رفضت ذلك وحافظت على ثوابت الشعب الفلسطيني".
ويرى أن حماس خلال تجربتها بالحكم أخفقت في أربع محطات: الأولى في بناء هياكلها التنظيمية بناءً يتناسب مع حركة تقود شعبًا ومقاومة، والثانية عندما استخدمت السلاح في حسم خلافاتها السياسية، أما الثالثة فعندما فشلت في تشكيل تكتل وطني يساندها في إدارة الحكم، والرابعة عندما وقع بعض من أقطاب الحكومة التي تشرف عليها حماس في فخ مغريات الحكم، فأصبح هناك صراع خفي على السلطة.
ولفت الدجني إلى أنها استطاعت أن تسجل عددًا من النجاحات خلال تجربتها في الحكم، "فقد خفضت من مظاهر الفلتان الأمني، وأثبتت مهاراتها في إعادة صياغة اللعبة عن طريق صناديق الاقتراع".
وأشار إلى أن مشاركة حماس في الحكم أدت إلى تغيير في بنية النظام السياسي الفلسطيني، واستطاعت أن تتكيف مع البعدين الإقليمي والدولي، ونجحت في ذلك، كما نجحت في تنمية الموارد وترشيدها في ظل الحصار وإغلاق المعابر.