صور: لأول مرة بالشرق الأوسط.. اطلاق أكاديمية رياضية لمرضى السرطان بغزة مطلع 2017

أكاديمية رياضية لمرضى السرطان بغزة

غزة /خاص سوا/إيهاب أبو دياب/ كثيرةٌ هي أكاديميات كرة القدم التي تستهدف صقل المواهب الصغيرة حول العالم، لكن في قطاع غزة المُحاصر الأمر مختلف.

في القطاع أُنشأت أكاديميات كروية محلية تفوقت في دورها على نظيرتها العالمية، ولعل أبرزها، أكاديمية "champions"، التي رسخت في تنفيذها على يد أربعة شبان غزيين، مقولة "من رحم المعاناة يولد الإبداع".

فخلال جلسة مسائية للأصدقاء الأربعة على صوت القذائف والصواريخ؛ في أحد أيام الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة صيف 2014، اقترح أحدهم ويدعى "رجب السراج"، فكرة التشارك في تأسيس مشروع تجاري يتشاركون فيه معاً، عقب نهاية الحرب بسلام.

 

 

الفكرة في البداية كانت تقتصر على إنشاء ملعب معشب صناعياً يتم تأجيره للشبان مقابل عائدٍ مادي؛ يعتاشون منه في ظل المستقبل الضبابي للشبان وشبح البطالة المتغول الذي يلاحق خريجي الجامعات بغزة.

وبطول الحديث الذي امتد لأكثر من 51 يوماً وهي عدد أيام الحرب، استمر النقاش ومعه دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، اتفق الأصدقاء الأربعة على توسيع الفكرة؛ لتكتسي بهدفٍ ذي مغزى وطني واجتماعي وإنساني قبل أن يكون ربحي.

خلاصة الفكرة التي استقر عليها الشبان مع آخر أيام للحرب، تمثلت بإنشاء ملعب خماسي مفروش بالعشب الصناعي، لتأسيس أكاديمية كروية تختص بصقل مواهب الأطفال من سن الرابعة حتى الخامسة عشرة.

وعقب انتهاء الحرب، بدأ الشبان بتنفيذ مخططاتهم، ونفذوا عدداً كبيراً من الحملات الإعلانية ل فتح باب الانتساب أمام الأطفال إلى أكاديميتهم الصغيرة.

 

 

التاسع من يونيو لعام 2015، هذا التاريخ شهد اقامة حفل الافتتاح الرسمي للأكاديمية التي منحها مؤسسيها الشبان اسم "champion"؛ وذلك بمقرها الرئيسي الحالي بمنطقة تل الهوا جنوب مدينة غزة، وسط انتساب 140 طفلاً في ذلك الحين.

وتعاقد القائمون على هذا المشروع الريادي، مع طاقم تدريبي من ذوي الخبرة لتسيير العمل في الأكاديمية؛ كون الشبان الأربعة بعيدين نسبياً عن الوسط الرياضي الغزي.

هذا المشروع الطموح لم يقتصر على تشغيل المدربين فقط، بل امتد ليشمل 16 موظفاً يعملون حالياً ضمن طاقم الأكاديمية بين إداريين وفنيين وغيرهم.

ذاع سيط الأكاديمية بين المواطنين، فشهدت الشهور اللاحقة لتأسيسها زحفاً مأهولاً من الأهالي لتسجيل أطفالهم في صفوفها إلى أن وصل عددهم 300 طفلا، وهو ما دفع القائمين عليها لافتتاح فرع آخر بالمنطقة الوسطى لقطاع غزة.

أنشطة نوعية

ويشارك الأطفال بتمرينات تمتد على أيام الأسبوع، ويشاركون على إثرها في دوريات تنافسية داخلية ينظمها مدربي الأكاديمية بشكلٍ شهري.

وإلى جانب تدريبات كرة القدم، جعل القائمون على الأكاديمية منها بيتاً ثانياً للأطفال، حيث باتوا يتبادلون الزيارات فيما بينهم، ويستمتعون بمشاهدة مباريات كرة القدم العالمية سويا، وينظمون مسابقاتٍ ترفيهية.

 

 

وفي إطار سعيها للرقي بمستوى الأطفال، تحرص الاكاديمية على تعليق نشاطاتها خلال فترة الامتحانات الخاصة بهم، على أن يعودوا للانتظام عقب الانتهاء منها.

وتمنح الأكاديمية جوائز تقديرية للطلبة الذين يتفوقون في دراستهم من أجل تحفيزهم في حياتهم العملية كما هو الحال في الرياضية.

وفي يوم الاستقلال الفلسطيني، نظمت الأكاديمية يوما رياضيا خيريا بعنوان "فكر بالوردي" ضمن حملة الفحص المبكر لمرضى سرطان الثدي، بمشاركة نجوم كرة القدم الغزية وعدد من مريضات سرطان الثدي، وشخصيات رياضية واعتبارية أخرى.

وفي يوم الشباب العالمي، حصد لاعبو الأكاديمية المركز الثاني، في مارثون الطريق إلى 2030 والمقام على بحر غزة تحت رعاية الأمم المتحدة.

ولأن كرة القدم تُجمع ولا تفرق، أقامت الأكاديمية يوما كروياً، تضامناً مع طائرة الفريق البرازيلي شابيكوينسي، التي تحطمت قرب مدينة ميدلين الكولومبية أثناء توجه الفريق على متنها لخوض نهائي بطولة كوبا سود أميركانا، وراح ضحيتها 76 شخصاً.

أكاديمية لمرضى السرطان

وفي سابقة هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط وربما العالم، قرر مجلس إدارة أكاديمية "شامبيونز" تأسيس أكاديمية خاصة فقط بمرضى السرطان في قطاع غزة.

يبدو التحدي في عيني رجب السراج رئيس مجلس إدارة أكاديمية "شامبيونز" وهو يصف لـ"سوا" مساعيه وزملائه لتأسيس الأكاديمية الخاصة بمرضى السرطان.

فكرة إنشاء هذه الأكاديمية برزت، عندما استضافت الأكاديمية الحفل الأول لتوزيع أمنيات حملة "تمني" لمرضى السرطان التي أطلقتها جمعية حياة بالشراكة مع مؤسسة بسمة أمل والجمعية الفلسطينية الخاصة يوم التاسع والعشرين من سبتمبر الماضي.

 

 

وبمجرد أن أعلنت الأكاديمية فتح باب التسجيل لمرضى السرطان، حتى بادر الأهالي لتسجيل أبنائهم الذين يعانون من المرض، إلى أن وصل عدد المسجلين حتى كتابة هذا التقرير الى 20 لاعباً.

وأكد السراج أنه سيتم افتتاح أكاديمية مرضى السرطان مطلع عام 2017، مشيراً إلى أنه يجري حالياً إتمام الإجراءات والاستعدادات النهائية وتوفير المستلزمات الضرورية لإطلاقها.

وأوضح أن أكاديميته وضعت نصب عينيها هدف التخفيف عن هؤلاء الأطفال وإعادة دمجهم في المجتمع، وصولا إلى محاولة شفائهم من مرض السرطان "القاتل"، من خلال كرة القدم.

وبين السراج أن أكاديميته استشارت أطباء متخصصين، وأفادوا بإمكانية ممارسة بعض الحالات المصابة بالمرض، للرياضة، لافتاً إلى أن طبيباً صحياً وآخر نفسياً وثالث اجتماعياً سيتواجدون في كل تمارين أطفال السرطان، إلى جانب أهاليهم وكل جهة لها علاقة بمرضى السرطان.

وشدد على أن هذه المسؤولية الاجتماعية ستتحملها الأكاديمية على عاتقها، متمنياً أن تشهد الأكاديمية شفاء حالات من المرض؛ بفعل الرياضة.

بطولة دولية

وفي إطار سعي الأكاديمية للوصول إلى كل محافظات الوطن، افتتح القائمون عليها فرعاً ثانياً لها في المنطقة الوسطى، "ويسعون حالياً لإنشاء فروع بكل محافظات غزة والضفة الغربية".

وتلقت الأكاديمية – وفقا للسراج- دعوة للمشاركة في بطولة دولية ب القدس لفرقها كافة، فيما سيتحضر لاعبوها ومدربوها للمشاركة خلال الفترة المقبلة.

ويتحدث السراج رئيس مجلس إدارة الأكاديمية لـ"سوا" عن وجود مساعي حثيثة لخلق تعاون مع أندية خارجية، كاشفاً عن وجود ردودٍ إيجابية من جانب بعض الأندية.

توسيع الأكاديمية

ونظراً لتوسع نشاطات الأكاديمية، يعمل القائمون عليها على مقر رسمي لها، يتضمن ملعباً كبيراً، بحيث يكون مغطى من الأعلى ومفروش بالعشب الصناعي من أسفل.

ومع توسع الملعب، يجب أن تتوسع الأنشطة والألعاب الرياضية، بحسب السراج الذي قال إن المقر الجديد سيتضمن أكاديمية لتعليم فنون كرة السلة للأطفال والنساء، وأخرى لكرة الطائرة، وأيضا كرة اليد.

 

 

وستهتم الأكاديمية النسائية الأولى من نوعها بفلسطين، بالنساء من سن 4 سنوات حتى 50 سنة، تحت إشراف مدربين أكفاء.

كما تتجهز الأكاديمية لإنشاء أول "نادي لألعاب القوى" خاص بالأطفال فقط، كسابقة أيضا هي الأولى في فلسطين.

هكذا عوّد قطاع غزة العالم بأسره في كل المحافل الدولية، فمن رحم المعاناة لا بد وأن يبزغ ضياء الإبداع.

 

 

 

 

 

 

 

 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد