العنصريون في إسرائيل لا يتركون مناسبةً سوداويةً إلاّ وركبوا موجتها، بطريقة شعبوية، لتحقيق مصالحهم التي ستؤدي إلى احتراق المنطقة مستقبلاً، إذا ما استمر هذا النهج العدواني من زمرة اليمين في إسرائيل.
اشتعلت الحرائق في أكثر من منطقة داخل "الخط الأخضر"، منذ خمسة أيام، وامتدت ألسنة اللهب إلى مناطق سكنية وحرجية وغابات وحتى إلى أراض زراعية، لم تتمكن خلالها طواقم الإطفاء من السيطرة عليها بسبب الرياح القوية التي ساهمت بشكل أساسي في امتداد النيران، لكن أعضاء الحكومة الإسرائيلية أخذوا يتسابقون فيما بينهم لتحميل المسؤولية للفلسطينيين، دون أدنى مسؤولية أخلاقية، فالاتهامات جاءت، دون أدلّة مؤكدة، معتمدةً على تخمينات مسؤولين أمنيين يعتقدون أن بعض هذه الحرائق تم إشعالها عمداً، ولكن من هو الذي أشعلها ولماذا وكيف؟ وتظل هذه الأسئلة المفتوحة تربةً خصبةً للتحريض على الفلسطينيين من قمة الهرم السياسي إلى أفراد الشرطة، دون أن يطرح أصحابها أسئلةً عن مسببي عشرات الحرائق في الضفة الغربية!!!
رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ولليوم الثالث يواصل تصريحاته النارية والعنصرية ضد العرب قائلاً: "إن من يحاول حرق إسرائيل سيعاقب"، مضيفاً إن أي حريق متعمّد سيتم التعامل معه كعملٍ إرهابي. 
نتنياهو الذي من المفترض أن يعالج الحرائق بالماء، يصبُّ الزيت على نيران الحقد والتحريض ضد الفلسطينيين، أما زعيم حزب "البيت اليهودي" الوزير بينت، فظهر وكأنه ينتظر هذه المأساة حتى يتمكن من نفث سمومه، فقال: "من لا يشعرون بالانتماء للبلد هم فقط القادرون على حرقه" و"موجة الإرهاب القومي من مخرّبي الحرائق يجب التعامل معها بقوة" بل أكثر من ذلك، حمّل المسؤولية للسلطة الوطنية عن هذه الحرائق، مدعياً أن السلطة تشعل نار الكراهية في الصباح وترسل طواقم الإطفاء في المساء.
"كهانا" الجديد تحت اسم "بينت" يؤكد أن إسرائيل لا تتعرض لحرائق وإنما لموجة إرهاب، مشيراً إلى أنه لا يهتم عندما "يسمي المولود باسمه".. وهو بذلك يوجه اتهاماً مباشراً إلى الفلسطينيين في كل أمكان وجودهم بأنهم سبب الحرائق، وأنهم ربما سخّروا الرياح والطقس العاصف خلال الأيام الماضية من أجل تدمير دولة إسرائيل؟!!
من جهته، أدلى قائد الشرطة الإسرائيلية، أيضاً، بتصريحات عنصرية مشابهة... مطالباً أفراد جهازه بالتصدي بشكلٍ عام للعرب المسؤولين عن هذه الموجة من الحرائق.
نلاحظ هنا أن قادة الاحتلال يمارسون لعبة خطيرة من خلال وصم الفلسطينيين، وتهييج الشارع اليهودي بهدف خلق حالةٍ من عدم الاستقرار، التي يعتبرونها في صالحهم.
نتنياهو يحتاج إلى كل الأسباب لإبعاد النظر عن قضية الغوّاصات... وبينت يحتاج إلى تقوية حزبه باعتبار أنه يحمي الإسرائيليين من العرب الذين يريدون تدميرهم.. والمستوطنون بحاجة إلى استغلال أي مناسبة لتسريع البناء والاستيلاء على مزيد من الأرض. نريد أن نسأل قادة الاحتلال: ماذا فعلتم أمام عشرات الحرائق التي أشعلها المستوطنون في أشجار الزيتون والحقول الفلسطينية خلال السنوات الماضية.. وما الفرق بين إحراق شجرة وقطع شجرة.
الوزير بينت وعشرات الإرهابيين المستوطنين ساهموا في اقتلاع وقطع وإحراق عشرات آلاف الأشجار المثمرة في الأراضي الفلسطينية، دون أن يرمش لهم جفن، وهم اليوم يتباكون أمام هذه الحرائق. بل أكثر من البكاء هم يُحرِّضون حتى على عشرات الفلسطينيين من طواقم الدفاع المدني الذين لبُّوا نداء القيادة الفلسطينية وساهموا في إطفاء هذه الحرائق.
الصحافة الإسرائيلية استعرضت، أيضاً، ما تناولته بعض مواقع التواصل الاجتماعي العربية من التعبير عن الفرحة، وتشجيع إشعال الحرائق. ولكنها في المقابل تعمّدت عدم إبراز التحريض العنصري في مواقع التواصل الإسرائيلية، التي لم تكتف بالمطالبة بقتل العرب وترحيلهم.. وإنما حرَّضت ضد من هبَّ من طواقم الدفاع المدني للمساهمة في عمليات الإطفاء على قاعدة إنسانية.. واستهزأت بهم.
رسالة إلى نتنياهو وكل قادة الاحتلال: لا ندّعي أننا نعرف كيف اشتعلت هذه الحرائق، ولن نؤكد أو ننفي أن تكون بعض الحرائق هنا وهناك قد أشعلت بشكلٍ متعمّد، ولكننا نؤكد أن الشعب الفلسطيني لا يرغب ولا يهوى أن يرى أرض فلسطين التاريخية تحترق تحت أي ذريعة، لأننا إنسانيون أكثر من كل العنصريين في دولة الاحتلال.

abnajjarquds@gmail.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد