82-TRIAL- على إثر انتهاء العملية البرية على قطاع غزة وهي المرحلة الثانية من العدوان الهمجي في نهاية شهر تموز/ يوليو الماضي بدأ بعض الصحافيين الاسرائيليين ووسائل الاعلام الإسرائيلية طرح الاسئلة الصعبة والنقاش حول أجوبة وتعليقات المسؤولين السياسيين والعسكريين، وقدرتهم على المراوغة وعدم قدرتهم على اقناع الصحافيين بان الجيش حقق اهدافه و صواريخ المقاومة ما زالت تطلق من غزة.مصطفى 8
وكان النقاش يثار وما زال على اثر انسحاب قوات الجيش الاسرائيلي من المناطق الشرقية في قطاع غزة، وإدعاء الحكومة أنها إستطاعت ردع المقاومة وتحقيق اهداف العملية العسكرية و تدمير جميع الانفاق الهجومية، وشكك الصحافيين في قدرة اسرائيل على تحقيق الاهداف العسكرية التي خرجت من اجلها للحرب على القطاع في ظل استمرار اطلاق النار.
في ظل هذا النقاش سعي بعض المسؤولين الإسرائيليين لطرح مبادرات الحل بعد وقف اطلاق النار، وكان النقاش أيضاً حول دعوة وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان تسليم إدارة شؤون قطاع غزة للأمم المتحدة وفرض سلطة انتداب، وذلك من اجل إخضاع حماس وقطاع غزة لانتداب دولي من جانب الامم المتحدة.
إسرائيل كانت وما زالت تقوم بجهد سياسي دولي كبير من اجل تحقيق اهدافها و كانت تجري اتصالات مع مصر من أجل التوصل إلى اتفاق، وسعت إسرائيل إلى حل سياسي يتيح نزع سلاح المقاومة وتحديداً الأسلحة الثقيلة والقذائف الصاروخية، ومحاربة التهريب عبر الأنفاق، وتشكيل منظومة رقابية على دخول مواد البناء والأموال إلى القطاع، وعودة قوات الامن التابعة للسلطة الفلسطينية إلى معابر القطاع.
وهذا كان جزء من جهد الحكومة الاسرائيلية وخطتها التي وضعتها لما بعد وقف اطلاق النار، و ما قاله في حينه افيغدور ليبرمان “أهم شيء في المستقبل هو إقامة آلية مراقبة تضمن رقابة عملية ترميم وإعادة بناء غزة، رقابة تضمن وصول الأموال ومواد البناء الى هدفها الصحيح وحرمان ” حماس” من استغلالها في إنتاج الصواريخ وترميم البنية التحتية العسكرية بدلا من البنية التحتية المدنية “.
وفي حينه سعت وزيرة القضاء الاسرائيلي تسيفي ليفني للحصول على قرار من مجلس الامن، وأقنعت نتنياهو بهذا التوجه، وقالت “إن الحل في غزة هو استبدال حكم حماس وتسليمه للرئيس الفلسطيني محمود عباس ، و أن التغيير السياسي في غزة قد يأتي عبر تفاهمات دولية تتحدث عن نزع السلاح وإدخال أبو مازن للقطاع، و لدينا فرصة لتغيير سياسي ليس مع حماس وإنما ضدها”.
وجهة نظر ليفني كانت إلى جانب إنهاء العدوان على غزة من جانب واحد، و يجب الذهاب في مسار سياسي متعدد الأطراف يشمل الولايات المتحدة ومصر والسلطة الفلسطينية والأمم المتحدة والدول الأوروبية الكبرى، وبعد التوصل إلى تفاهمات دولية تنقل إلى مجلس الأمن لتتحول إلى قرار ملزم، على اعتبار أن هذا القرار سيكون في صالح إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية.
في حينه شكك عدد من المراقبين والمحللين الاسرائيليين في نجاح خطوة كهذه لنشر قوات دولية في قطاع غزة، وقالوا انها لن تكون فعالة ولن تنجح في منع المقاومة من تهريب السلاح او حتى تصنيعه وان اسرائيل لديها القدرة على القيام بذلك من دون مساعدة أي جهة.
كما رفضت اوساط في الحكومة الاسرائيلية وخاصة نتنياهو الذي لم يكن متحمس للتوصل الى تبني قرار من مجلس الامن، وكان يفضل التوصل لاتفاق وقف اطلاق النار عن طريق المبادرة المصرية، على ان تقوم اسرائيل بحملة سياسية من اجل نزع سلاح المقاومة وكيفية تخفيف الحصار و فتح المعابر وإدخال مواد البناء لإعادة الاعمار.
إسرائيل لم تنتظر مسار واحد و كانت وما زالت بدلاً من التفاوض مع الفلسطينيين خاصة حماس بوساطة مصرية من أجل وقف إطلاق النار وتسجيل إنجازات لحماس، تسعى إلى إيجاد حل آخر من خلال استغلال “شراكة المصالح” التي نتجت بينها وبين دول في المنطقة، والتي من شأنها أن تعزز “القوى المعتدلة” وتشق الطريق لإحداث تطور في العملية السلمية كما تدعي.
يوم الاحد 7/9/2014، نشرت صحيفة هآرتس ان وزارة الخارجية الاسرائيلية طرحت مبادرة امام الكابينيت قبل اسبوعين، وهي وثيقة سرية تضمنت اقتراحا لنشر قوة دولية في قطاع غزة تكون مهمتها الاشراف على عملية اعادة الاعمار ومنع تسليح حركة حماس وفصائل المقاومة، الوثيقة بلورة على خلفية توجهات من المانيا وبريطانيا وفرنسا ودول اوروبية اخرى خلال العدوان، وشملت نظام رقابة دولي في غزة.
وحسب المصادر الاسرائيلية فان هذا الاقتراح قد يصبح قابلا للتنفيذ بعد استئناف المفاوضات غير المباشرة في القاهرة بين إسرائيل فصائل المقاومة حول اتفاق وقف إطلاق نار طويل الأمد، وتسعى اسرائيل ان تكون مصر شريكة مركزية في أية مداولات حول نشر قوة دولية في القطاع وأن التنسيق مع مصر بالنسبة لإسرائيل بالغ الأهمية، وإن عدة دول أوروبية بدأت تبحث الأمر مع مصر.
اسرائيل تحاول ان تفاضل بين الافضل لمصالحها و بين الالتزام بوقف اطلاق النار بناء على ما تم الاتفاق عليه في القاهرة، و استكمال خطواتها السياسية بغطاء دولي والحصول على قرار ملزم من مجلس الامن بناء على المبادرة الاوربية او الامريكية و يخدم مصالحها الامنية.
وهي تصر على عودة السلطة الفلسطينية الى قطاع غزة بشروطها، ولم تقدم حتى الان اي التزام وضمانات بتنفيذ بنود الاتفاق الذي لم يعلن عن ماهيته، و المتداول ان الاتفاق هو اتفاق 2012، وان اسرائيل ستقوم بفتح المعابر وتقديم تسهيلات للفلسطينيين وانها لن ترفع الحصار عن القطاع، ولن تقوم بإدخال مواد الاعمار إلا بوجود السلطة وإيجاد منظومة رقابية دولية على مواد البناء.
وفي ظل ما تتناوله وسائل الاعلام الاسرائيلية نقلا عن مسؤولين سياسيين إسرائيليين قولهم هناك غياب وانعدام أي حافز أو اهتمام من قبل الدول الاوروبية لبلورة قرار دولي بشأن غزة، وأن سبب ذلك هو الأزمة في العلاقات بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية واستياء الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في أعقاب إعلان إسرائيل عن مصادرة نحو 4 آلاف دونم في منطقة بيت لحم .
اسرائيل تبحث عن مصالحها الامنية وتبذل جهود سياسية كبيرة من اجل عدم رفع الحصار وتضع شروط معقدة لإدخال مواد البناء، ومحاولتها مستمرة لنزع سلاح المقاومة وتفرض على الفلسطينيين شكل نظامهم السياسي وغير معنية بأي افق سياسي أو أي تقدم فيما يسمى العملية السلمية. الفلسطينيون غارقون في مشكلاتهم وخلافاتهم في ظل تأخير الاعمار و غياب العدالة وعدم انصاف الضحايا وإفلات المجرمين من المسؤولين الاسرائيليين من المساءلة والمحاسبة و العقاب.
Mustafamm2001@yahoo.com mustaf2.wordpress.com 87

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد