مركز "شمس" يدعو لتأسيس إستراتيجية محورها الحريات السياسية والديمقراطية

18-TRIAL- رام الله / سوا/ عقد مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" لقاءً في رام الله ورشة حول "الإسلام السياسي بعد الربيع العربي مهام جديدة"، وقد افتتح الورشة إبراهيم العبد من مركز شمس معرفاً بالمركز ونشاطاته وأهدافه التي تصب في تعزيز المشاركة الشبابية وزيادة الوعي وتعميق الثقافة في مجالات حقوق الإنسان.
وقال أن هذه الورشة هي إحدى نشاطات مشروع الوعي المدني والانتقال إلى الديمقراطية ، بدعم وتمويل من الصندوق الوطني الديمقراطي (NED).
من جهته قال الدكتور نشأت الاقطش انه لا شك في أن الظاهرة الإسلامية الحديثة (جماعات وتيارات، شخصيات ومؤسسات) أضحت من الحقائق الثابتة في المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي في المنطقة العربية، بحيث من الصعوبة تجاوز هذه الحقيقة أو التغافل عن مقتضياتها ومتطلباتها. بل إننا نستطيع القول: إن المنطقة العربية دخلت في الكثير من المآزق والتوترات بفعل عملية الإقصاء والنبذ الذي تعرَّضت إليه هذه التيارات، مما وسع الفجوة بين المؤسسة الرسمية والمجتمع وفعالياته السياسية والمدنية.
وأكد الاقطش إن انفتاح السلطات السياسية على التيارات الإسلامية، وفسح المجال لها للنشاط العلني، سيساهم في استقرار الحياة السياسية والاجتماعية؛ لأنه لا يمكن أن يتحقق الاستقرار العميق في ظل سياسات وممارسات إقصائي لبعض الوجودات السياسية والاجتماعية و تهذيب نزعات التيارات الإسلامية، وخلق مسافة كبيرة بينها وبين التوجهات العنفية التي سادت في بعض المناطق العربية والإسلامية من جراء سياسات التغييب والإقصاء.
والعمل على بناء الأوضاع السياسية على أسس الحرية والديمقراطية وصيانة حقوق الجميع في العمل والتنافس في المجال العام، وذلك عبر إرساء آليات وأطر ومؤسسات للتداول والتنافس السياسي بين مختلف التيارات والوجودات السياسية. 
وأكد الاقطش انه وفي هذا السياق من المهم رصد بعض الملاحظات والأفكار التأسيسية المُتعلِّقة بطبيعة العمل السياسي لدى التيارات الإسلامية والإشكاليات المتعلقة بهذا العمل سواء على مستوى العمل أو الممارسة.الإطار النظري في الفضاء الدعوي والسياسي، هناك دائماً منطقان: منطق الدعوة الذي يتحدث عما ينبغي أن يكون، بصرف النظر عن طبيعة المعطيات القائمة، ومنطق السياسة الذي يعتني بإدارة اللحظة وفق المعطيات القائمة، بصرف النظر عن جذورها ودوافعها. ويبدو أن التيارات الإسلامية تعاني الازدواجية في التعاطي مع العمل السياسي من جراء الخلط بين الدعوي والسياسي. ولعل من أهم الخطوات التي ينبغي أن تقوم بها التيارات الإسلامية السياسية، هو الفصل أو التمييز بين الدعوي والسياسي، وذلك من أجل إنهاء المنطق الإطلاقي في التعامل مع الشؤون السياسية المتغيرة. وأن التصورات الكبرى في طورها الدعوي تختلف في طرائق تنزيلها على الواقع عن التصورات في طورها السياسي؛ حيث إنها تتطلَّب التدرُّج ومراعاة معطيات الواقع، فالخطابات الدعوية دائماً ذات طابع رومانسي حالم وتنحو نحو التجريد، أما إدارة العمل السياسي فهي تقتضي الواقعية والتدرُّج ومراعاة الظروف والأحوال. 
وأضاف الاقطش انه ومع تحولات الربيع العربي ووصول التيارات الإسلامية السياسية إلى الحكم والسلطة، بدأت مهمة تقديم المشروع الإسلامي، بوصفه مشروعاً للتطبيق، وليس مشروعاً للدعوة. ولا شك في أن هذه المسألة تتطلَّب من الإسلاميين بكل تياراتهم وفئاتهم لياقة سياسية وتدبيرية جديدة، حتى يتمكَّنوا من اجتياز المسافة بين الوعد والإنجاز بشكل صحيح ومناسب، فإذا كان الخطاب والممارسة الدعوية في بعض جوانبها، تستطيع أن تتجاوز زمنها ومعطياته المتعددة، فإن الخطاب والممارسة السياسية لا تستطيع أن تتجاوز زمنها ومعطياته؛ لأنها ممارسة تستهدف التعامل المباشر مع معطيات الواقع والزمن وحقائقها المتعددة. 
والذي ينبغي أن يقال في هذا السياق: إن تصدر التيارات الإسلامية إلى المشهد السياسي في دول الربيع العربي، لا يعود إلى عمل هذه التيارات على الصعيد السياسي، وإنما يعود إلى العاطفة الدينية المتجذرة في نفوس وعقول المجتمعات العربية، وإلى الأنشطة الاجتماعية والخدمية والثقافية التي تقوم بها هذه التيارات؛ مما وفر لها علاقة طبيعية مع الناس، وإلى تراجع تأثير الوجودات الأيديولوجية والفكرية والسياسية الأخرى المنافسة للإسلاميين. أسوق هذا الكلام ليس من أجل التهوين أو التقليل من الإنجازات السياسية الأخيرة التي حققتها هذه التيارات، وإنما للقول: إن هذه الإنجازات وهذا التصدر للمشهد، جاء بفعل أنشطة الإسلاميين الدينية والثقافية والاجتماعية وليس نشاطهم السياسي، مع إدراكي التام أن تراجع هذا النشاط يعود إلى طبيعة الأنظمة السياسية الشمولية التي كانت تمارس الظلم والحيف بحقهم وتمنعهم من ممارسة حقهم الطبيعي في الشأن السياسي العام. 
كما شدد المشاركون على الالتزام بالديمقراطية بكل آلياتها وميكانيزمات عملها، بوصفها الخيار الوحيد لإدارة المجال العام على أسس جديدة في المنقطة العربية. فالديمقراطية ليست تكتيكاً للتمكن السياسي، وإنما هي خيار نهائي. إذا تمكنت قوى الإسلام السياسي من الالتزام بالديمقراطية ومقتضياتها، فإن هذه القوى وبزخمها الشعبي، ستساهم بإيجابية في عملية التحوّل الديمقراطي في المنطقة وضرورة عدم إسقاط المنطقة في الفتن الطائفية والمذهبية، وهذا يتطلّب من قوى الإسلام السياسي، خلق مقاربة فكرية وسياسية جديدة لحقيقة التعدد الديني والمذهبي في المنطقة. 
وفي نهاية الورشة أوصى المشاركون بضرورة أن تثبت تيارات الإسلام السياسي قدرتها على استيعاب هذه المرحلة في الحياة السياسية العربية، والتخلص من ضغط الإرث السياسي السابق، والانتقال من ‘فِقه الضرورة’ وخطاب ‘الابتلاء والصبر’ إلى الخطاب السياسي المرن والحر. وعليها، أيضاً، تجنب السعي وراء مكاسب اللحظة، عبر محاولات الحصول على أكبر نصيب من كعكة السلطة في هذه المرحلة السياسية الحساسة التي لم تصل فيها المجتمعات بعد إلى حيز الاستقرار.ويتعين عليها، كذلك، الانتقال، سريعا، من الشعارات والوعود الانتخابية إلى الفعل والعمل. وضرورة احترام حقوق الإنسان وصونها.
19
اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد