الزواج المبكر بعثر طفولة بثينة

صورة تعبيرية

غزة / نفين حلاوة / سوا / "كنت فتاة صغيرة العب الغميضة مع صديقاتي ، اذهب للمدرسة و اعود لأجد امي جالسة مع جيرانها اما البيت فأعطيها الشنطة واعود مسرعة الى الشارع لكي العب " هكذا بدأت  بثينة (اسم مستعار) حديثها، الطفلة التي هاجمها الزواج المبكر ليخطف احلامها و براءتها .

كانت بثينة تعيش مع  اسرتها الكبيرة التي يعولها الاخ الاكبر و الذي يعمل بالمحاجر ليوفر احتياجات  امه و خواته الخمسة ووالده الكفيف .

تقول بثينة: "شعرت امي بالعبء الكبير الذى يقع على اخي في تحمل مصاريف المنزل فقد كبرنا و اصبحنا نشكل حملا ثقيلا عليه, فقررت تزويجنا جميعا".وفقا لما أورده كتيب جسد بلا روح الذي صدر عن مركز شؤون المرأة بغزة

وتكمل :" تقدم احد الجيران لخطبتي ، كان متزوج و عنده ابنة ووضعه المادي جيدا وكان يكبرني ب 15عاما ، كنت حينها بالصف السادس وابلغ من العمر 11 عاما .

وافقت والدتي على تزويجي دون مشاورتي، وعندما جاء المأذون ليعقد قراني اخرجوا اختي الكبرى ليراها على انها انا ، فأتم عقد القران و تزوجت".

"في يوم الزفاف ارتديت الفستان الابيض و الذهب ، رقصت و استمتعت كثيرا ثم عدت الى بيت عائلتي ظنا منى بان مهمتي قد انتهت لأعود لفراشي و انام ، لكن حين  رأتني امي  صرخت قائلة  "انت بدك تفضحينا ؟"  لتعيدني الى المنزل الجديد بعد مقاومتي الشديدة بالبقاء في فراشي و حقنى بإبرة المهدئ ".

لم تبلغ الطفلة بثينة مبلغ النساء بعد في ذلك الحين ، فقد جاءت العائلة لتبارك لها باليوم التالي ليجدوها تلعب بالشارع مع صديقاتها بلباس النوم ، لتخرج حماتها وتبرحها ضربا بالشارع امام الجميع.

تقول : "بكيت و صرخت كثيرا وتمنيت لو امي ترجعني الى بيتي وسط خواتي والعابي".

كان هذا الموقف كفيلا بان تصبح بثينة  مطلقة و هي لم تبلغ ال 12 عام , طفلة لا تفقه شيء ولا تعرف ما يحدث حولها .

تزوجت بثينة للمرة الثانية في عمر 15 بعد بلوغها من رجل متزوج و لديه طفل .

تقول : "كان زوجي جيدا بالبداية ولكن زوجته الاولى بدأت بالتأثير عليه كثيرا لأتحول بعدها الى خادمة لهم و لعائلتهم ، فقد مارسوا على جميع انواع العنف اللفظي و كان زوجي يمارس الجسدي في حال قمت بالرد و المطالبة بقسط من الراحة او رفض موقف ما ".

" لم احتمل العيش معهم فقد كنت اسقط ارضا اثناء قيامي بأعمال التنظيف ، واصبحت بالنسبة لهم غير مفيدة و اشكل عبئ عليهم ، فطلقني !!" .

تزوجت بثينة للمرة الثالثة في عمر 17 عاما من رجل يعمل في دبي يأتي في الاجازات و الاعياد  كان جيدا  معها و متعاونا ولكنه خلف لها امه التي لا تعرف الرحمة كان جسمها ضعيف فقد اجهضت بالحمل الاول و ثم انجبت طفلها الاول بعد معاناة كبيرة و بعد ان اصبحت مريضة بالصرع ، لتطلب منها حماتها دون رحمة ان تنجب بعد سنة غصبا و الا ستكون سبب بطلاقها من الثالث.

تتحدث بثينة بأسف : "مرت الايام و توفت حماتي و انجبت 4 اولاد و انقطعت اخبار زوجي و قطع عنا المصروف ايضا لنكتشف انه متزوج في الخارج تاركا جميع مسؤولياته هنا ".

تكمل : "اتممت الان ال 40 عاما  اعيش بمنزل بالإيجار مع أولادي الشباب كل واحد يعمل لقوت يومه و اسعى دائما لتوفير احتياجاتهم دون اللجوء لاحد ".

ويختلف تعريف مصطلح الزواج المبكر باختلاف النظرة إلى سن الزواج، من حيث النمو العقلي والجسدي والعاطفي؛ فقد عرفت وثيقة حقوق الطفل الصادرة عن اليونيسف الزواج المبكر بأنه: الزواج في سن أقل من الثامنة عشر؛ بينما يعرفه مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي بأنه: زواج الفتاة قبل بلوغها السنة السابعة عشرة من عمرها؛ أي في مرحلة تكون فيها الفتاة على مقاعد الدراسة وتمر بمرحلة المراهقة؛ أما لجان الإغاثة الطبية (1998) فتعرفه بأنه: الزواج الحاصل في سن تسبق اكتمال النمو الجسدي للفتاة، علما بأن النمو الجسدي يتم ما بين 18-20 عامًا.

وينفذ مركز شؤون المرأة حملة " لازلت طفلة " التي تهدف الى توعية الفتيات و اولياء الامور و حتى الشيوخ و المخاتير بأخطار و سلبيات الزواج المبكر و اثاره السلبية التي تنعكس على المجتمع .

و تسعى الحملة للحد من ظاهرة الزواج المبكر باعتباره اسلوب من اساليب العنف ضد الاطفال من خلال التواصل مع القضاء الشرعي و اصدار تعميم يحدد فيه سن الزواج ، و اتمام اجراءات الزواج بناء على معايير محددة وواضحة تحمى الاطفال من مساوئ هذه الظاهرة .

و تقول منسقة المناصرة في مركز شؤون المرأة وسام جودة ان الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المجتمع الفلسطيني بالإضافة الى العادات و التقاليد و زواج الاقارب هم الاسباب البارزة لانتشار ظاهرة الزواج المبكر في المجتمع .

و يؤكد المحامي في المركز الفلسطيني لحقوق الانسان سمير حسنية على ضرورة اتخاذ قرار بالتعميم في المحاكم الشرعية و تحديد سن الزواج وذلك للحفاظ على حق الفتيات في التعليم و الحد من ظاهرة الطلاق و الاثار السلبية التي تنتج عن الزواج المبكر.

ويشير  الى ان الحملة تحتاج الى دعم من قبل جميع فئات المجتمع و مؤسسات المجتمع المدني للضغط على صناع القرار والموافقة على التعميم .

وقال حسنية انه تم طرح هذه الفكرة في السنوات السابقة و لاقت رفضا من قبل اعضاء المجلس التشريعي لاختلاف وجهة النظر و رؤيتهم بان الزواج المبكر انسب للفتيات بحيث يحد من الظواهر غير الاخلاقية بين الفئة الشابة في المجتمع .

جدير بالذكر أن هذه المادة الصحفية تأتي ضمن مشروع تعزيز الإعلام الموضوعي في غزة المنفذ من قبل مؤسسة بيت الصحافة والممول من مؤسسة "روزا لوكسمبورغ" الألمانية. 
 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد