اتهامات متبادلة بين تجار غزة والهيئة برام الله.. من يتحمل مسؤولية أزمة الغاز بالقطاع؟

محطة لتعبئة الغاز بغزة

غزة / ايهاب أبو دياب / خاص سوا/ يبدو أن أزمة غاز الطهي في قطاع غزة، بدأت تلوح في الأفق مع دخول فصل الشتاء، فمأساة حقيقية ربما تنتظر سكان القطاع في حال لم يتم التحرك لإيجادِ حلٍ سريع.

ففي الوقت الذي تُقدر فيه حاجة سكان القطاع بحوالي (300-350) طن بفصل الصيف، و(400-450) طن في بداية الشتاء، وتصل إلى (500) طن مع اشتداد الشتاء "الأربعينية"، فإن ما يدخل حالياً عبر بوابة معبر كرم أبو سالم التجاري لا يتجاوز 280 طن، ما ينذر بكارثة في المستقبل القريب.

ويعد كرم أبو سالم المعبر التجاري الوحيد الذي يسمح الاحتلال بإدخال البضائع عبره، ويغلقه يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع.

وكالة "سوا" ت فتح ملف أزمة الغاز التي اجتاحت قطاع غزة منذ أكثر من أربع سنوات، لاسيما أن التدقيق فيها كشف عن حقائق جديدة، رغم الجهود الفلسطينية التي بذلت لأجل إنهائها.

عضو لجنة الغاز في جمعية أصحاب محطات الغاز والبترول في قطاع غزة المهندس نور الخزندار، قال : "غزة مُقبلة على أزمة غاز جديدة"، معتبراً أن عاملي الأعياد اليهودية وإغلاق كرم أبو سالم يومي الجمعة والسبت ليسوا سوى مسببين ثانويين للأزمة(..) محملا وزارة المالية والهيئة العامة للبترول ب رام الله بأنهما المسببين الرئيسيين لأزمة الغاز المتفاقمة في غزة منذ أكثر من أربعة أعوام.

وقال الخزندار لـ"سوا" : "القصة الأساسية ليست من الاحتلال الإسرائيلي، إنما من الهيئة العامة ووزير المالية بالضفة الغربية الذي يتبع سياسة التمييز تجاه قطاع غزة".

وأوضح أن شركات الغاز بغزة تدفع ثمن الغاز الإسرائيلي نقداً بالكامل للهيئة العامة للبترول في رام الله، قبل دخوله للقطاع، مستدركاً بالقول : "لكن رغم ذلك، لا يُرسلوا لنا كميات الغاز الموازية للسعر المدفوع".

غاز غزة للضفة

وكشف الخزندار عن قيام الهيئة برام الله بإعطاء الضفة وتجارها كميات غاز جرى شرائها من الشركة الإسرائيلية تحت مسمى غزة وبالنقود التي يدفعها تجار القطاع للهيئة لأجل الحصول على غاز نظيرها ثم يتم إرسال "الكميات الزائدة عن الضفة لغزة".

وبين أن الهيئة تمنح أيضاً تجار الضفة كمياتهم المطلوبة من الغاز بـ"الدين" لفترات قد تصل إلى 25 يوماً، مضيفاً: "في المقابل، يجب على تجار غزة الذين يطلبون كميات من الغاز، أن يدفعوا ثمنها كاملاً قبل استلامها"، معتبراً أن هذه أولى سياسات التمييز اتجاه قطاع غزة.

وشدد على أولوية وأحقية تجار غزة بهذه الامتيازات الممنوحة للضفة؛ "لأنهم يدفعون نقداً"، وفقا له، مؤكداً عدم وجود ديون على تجار غزة "سوى شيء بسيط"، فيما كمية الديون على محطات الضفة "ضخمة جداً"، محذراً من استمرار سياسة التمييز تجاه قطاع غزة.

وفي السياق ذاته، لفت إلى وجود تمييز في جانبٍ آخر تنتهجه وزارة المالية برام الله تجاه غزة، موضحاً أنها تمنح محطات غزة ما يسمى بـ"بدل إرجاع نقل" قليل جداً مقارنة بما تمنحه لتجار الضفة، على المحروقات كافة، مبرهناً أن "المالية تعطي تجار المحروقات في الخليل مبلغ 55 شيكلاً كإرجاع نقل على كل طن غاز فيما يأخذ تجار غزة 30 شيكلاً رغم تساوي المسافة بين المدينتين للمعبر".

"بدل إرجاع النقل" عبارة عن مبلغ من المال تُعطيه وزارة المالية لتجار المحروقات في كل أرجاء الوطن، وفقاً لطبيعة المسافة التي تقطعها شاحنات المحروقات من المدينة إلى معبر كرم أبو سالم.

توسعة خط الغاز

وفيما يتعلق بتوسيع خط الغاز عبر معبر كرم أبو سالم من 4 إنش إلى 8 إنش، استنكر الخزندار الوعود "الكثيرة" التي تُقدمها الهيئة للتجار بخصوص الخط والمضخة، كاشفاً عن وصول أزمة الغاز بغزة لنسبة 60%.

وقال : "منذ شهرين تحدثوا عن انتهاء أعمال التوسعة لكن لم يتم زيادة الكمية الواردة لغزة؛ بسبب عدم وصول وتركيب المضخة"، متسائلاً عن سبب خلو المناقصة من بند ينص على قيام الجهة التي تولت تطوير الخط بتغيير المضخة، "أم هل هي نظام مماطلة حتى تصل غزة للشتاء ويتكوم المواطنون عند المحطات"، الخزندار يتساءل.

وأضاف : "يمكن ضخ 400 طن من الغاز عبر الخط الحالي، والخط الجديد بإمكانه استقبال 30 شاحنة يومياً"، مستدركاً : "لكن هل الهيئة في رام الله ستسمح بإرسال 20 شاحنة غاز بعد تركيب الخط الجديد".

وأكد أن "المُفتاح" بيد الجانب الفلسطيني ممثلا بالهيئة ووزير المالية؛ "لأن بإمكانه أن يتصل بالشركة الإسرائيلية ويطلب منهم إرسال الكمية التي تحتاجها غزة بالكامل، والأخيرة بدورها ستستجيب لطلبه"، وفقا للخزندار،  مشيراً إلى أن الجانب الفلسطيني هو سبب الأزمة منذ 4 سنوات؛ "لأن الطرف الإسرائيلي يأتيه أمراً من الصباح بتحريك عدد معين من الشاحنات نحو غزة".

الاستخدامات الخاطئة

وعن الاستخدامات الخاطئة لغاز الطهي بقطاع غزة من جانب السائقين، قال الخزندار : "السائق الذي يستخدم اسطوانة الغاز وصل لهذا الحد والمخاطرة بحياته؛ لأن الوضع الاقتصادي صعب للغاية، خاصة في ظل ارتفاع أسعار البنزين أربعة أضعاف اسطوانة الغاز".

مخاطر الشتاء

وفي سياقٍ متصل، حذر الخزندار من المخاطر التي ستترتب على بقاء أزمة الغاز الراهنة على حالها مع دخول برد فصل الشتاء القارس، مضيفا : "الغاز يعد السلعة الرئيسية خاصة في غزة، وكل قطاعات الحياة الانتاجية والصناعية مبنية عليها، وبالتالي كل شيء سيتوقف".

وكانت أزمة الغاز بقطاع غزة، قد بدأت بالتقلص يوم الحادي والثلاثين من يوليو الماضي تزامنا مع فصل الصيف، فيما بدأت بالعودة تدريجيا منذ اليوم العشرين لشهر سبتمبر المنصرم.

وطالب الخزندار، بإدخال كميات كبيرة لإتاحة المجال أمام المحطات المنتشرة بغزة لتخزين كميات تكفي لسد حاجة سكان القطاع عند اشتداد فصل الشتاء -يقصد الأربعينية-، مشيراً إلى أن مخازن محطات غزة البالغ عددها 40 محطة بإمكانها استيعاب مخزون يتراوح ما بين "2500-3000" طن، لافتاً إلى أنه رصيد مخازنه "صفر".

وأبدى استعداده لدفع ثمن 1000 طن على أن يستلمها على ثلاثة أيام لتخزينها لفترة "الأربعينية"، مردداً قوله : "كفى إذلالاً للمواطن والتجار".

وأكد الخزندار أنه على يقين بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يعلم بهذه القضية إطلاقا، مناشداً الرئاسة ومجلس الوزراء بضرورة التدخل الفوري والسريع من أجل وضع حل سريع لهذه القضية.

وشكر الخزندار الهيئة العامة للمعابر والحدود ممثلة بـ نظمي مهنا ورائد فتوح على جهودهم في تطوير خط الغاز، مناشداً إدارة المعابر بالإسراع في تركيب المضخة لزيادة كميات الغاز لغزة.

الهيئة العامة للبترول برام الله ترد

وتواصلت "سوا" مع الهيئة العامة للبترول في رام الله، لوضع النقاط الشائكة على الحروف، فجاء ردها برفض كل الاتهامات السابقة التي اعتبرتها مسؤولة عن الأزمة، واصفةً إياها بـ"المضللة وغير الصحيحة".

وبرهن محمد أبو بكر نائب رئيس الهيئة برام الله، نفيه للاتهامات بحدوث زيادة سنوية مستمرة على كميات الغاز الواردة للقطاع منذ عام 2013 حتى العام الجاري.

وأوضح أبو بكر أن كمية الغاز التي وصلت قطاع غزة في الأعوام الأربعة الأخيرة كالتالي : (2013 دخل 39 ألف طن)، (2014 دخل 46 ألف طن)، (2015 دخل 59 ألف طن)، (2016 يتوقع أن ينتهي العام بدخول  68 ألف طن".

كما برهن أبو بكر بالمستند الرسمي الذي حصلت عليه وكالة سوا بكيمة الغاز التي طلبها اليوم لغزة ونعلين وترقوميا وهي على النحو التالي( نعلين 320 طن ، ترقوميا 160 طن ، غزة 400 طن)

وأكد أن هيئته ساهمت بزيادة ضخ الغاز لغزة بنسبة 100%، وأنها تستجيب بشكلٍ مستمر لطلبات تجار غزة، معتبراً أن هذه الزيادة في الكميات لم تأتِ بالصدفة "إنما جاءت نتيجة جهود الهيئة بالتنسيق مع إدارة المعابر الفلسطينية".

وفيما يتعلق بالمضخة التي تعيق عمل خط الغاز المُوسع، قال أبو بكر إن عملية تركيبها من مسئولية إدارة المعابر الإسرائيلية وليست الفلسطينية، مستدركاً بالقول : "لكن أعمال التطوير من مسئوليتنا وبتكاليف دفعت منا".

وأضاف أن الجانب الإسرائيلي "خلّص" الأسبوع الماضي المضخة من الميناء، كاشفاً عن أنه سيجري تركيب المضخة خلال مدة تتراوح ما بين أسبوع إلى عشرة أيام تبدأ من تاريخ كتابة هذا النص.

وشدد على أن هيئته تسعى من خلال تطوير الخط لضخ كميات أكبر إلى القطاع، متوقعا أن تصل الكميات بعد تركيب المضخة لحوالي "18-20" شاحنة يومياً.

وفي السياق ذاته، توقع أبو بكر بقاء أزمة الغاز قائمة بغزة حتى بعد ضخ الكميات الجديدة؛ "لأن المشكلة ليست في فصل الشتاء إنما يوجد استخداماً خاطئاً وسوق سوداء بغزة"، على حد قوله.

وأكد  رفضه للاستخدام الخاطئ من سائقي السيارات بغزة لغاز الطهي لتسيير مراكبهم، موضحا أن المركبات تستهلك جزء كبير من الكميات الواردة لغزة.

وأرجع أبو بكر، سبب تعذر إعطاء محطات غزة فرصة لتخزين كميات من الغاز لاستخدامها شتاءً، إلى طبيعة الطاقة "اللوجستية" للمعبر، بسبب قلة عدد الساعات التي يخصصها الجانب الإسرائيلي للعمل عبر "كرم أبو سالم" إلى جانب ضعف الطاقة الاستيعابية.

ولفت إلى أن السلطات الإسرائيلية لا تستقبل سيارات عبر المعبر بعد الساعة الثانية والنصف عصراً، حيث تعمل لمدة سبع ساعات يومياً، فيما تُعطل يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع مع السماح بفتحه استثنائيا في بعض الأحيان، بناء على طلب الجانب الفلسطيني.

وفي رده على منح محطات الضفة الغاز على حساب أموال محطات غزة، نفى أبو بكر هذا الاتهام، مضيفاً : "هذا كلام غير صحيح، بدليل أننا دائماً نعطي الأولوية لغزة نظراً لظروف الحصار".

وبين ان الظروف الأمنية والاحداث الطارئة التي تقع على معبر كرم ابو سالم وكذلك الاعياد الاسرائيلية تساهم احيانا بعدم إدخال الكميات المطلوبة من الغاز والمحروقات لغزة.

وأكد ان الهيئة والشركات الاسرائيلية على استعداد لتوريد جميع الكميات المطلوبة من الغاز لقطاع غزة ، لكن ظروف المعبر المتمثلة بالوقت المسموح بضخ الغاز وسعة خط الغاز الحالي تحول دون توريدها كاملة للقطاع.

وشكر أبو بكر هيئة المعابر الفلسطينية على الجهود التي بذلت من قبلهم لتطوير معبر البترول والغاز على معبر كرم ابو سالم وذلك بتوسعه خط الغاز من 4 إنش الي 8 إنش وكذلك توسعه خط السولار من 6 إنش الي 8 إنش.

 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد