يُعاني الشرق الأوسط، إجمالاً من حالة عدم الاستقرار، وتسود حالة القلق والاضطراب، كافة قضاياه وجوانبه، لدرجة ذهب البعض للقول إن خارطة جديدة، باتت تنتظره، بدلاً من الخارطة السابقة، التي وضع أسسها سايكس ـ بيكو. هنالك خارطة جديدة، باتت ترسم وتنفذ، وهي "خارطة لافروف ـ كيري" ـ على حد تعبير د. صائب عريقات
لعلّ المتابع للشأن السوري، تحديداً، يمكنه الذهاب إلى ما ذهب إليه د. صائب، ولا مجال هنا لإيراد التفاصيل الدقيقة، لتطور الحالة السورية، وانعكاساتها على الساحة اللبنانية، وساحة الشرق الأوسط إجمالاً.
يمكن هنا إعادة التذكير، بالدعوة التي أطلقها الرئيس الروسي، بوتين، لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو والرئيس محمود عباس (أبو مازن)، للقاء يجمعهما في موسكو، والرئيس بوتين... عندها وافق الرئيس محمود عباس على اللقاء، في حين تمنّع رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، بحججٍ واهية، وكان واضحاً أنه يتهرّب من هذا اللقاء. 
روسيا بالأساس، هي صاحبة الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام، ومن المستبعد بعد تدخلها في الأزمة السورية، ومشاركتها الفعالة في محاربة الارهاب، وما تتكبّده من خسائر، وما حقّقته من نفوذ غير مسبوق في الشرق الأوسط، في ظل تراجع الولايات المتحدة، وتقلص نفوذها اجمالاً في المشرق العربي تحديداً، ألاّ تسهم روسيا في عقد المؤتمر الدولي، الذي دعت إليه فرنسا، وألاّ تضغط مستقبلاً في على إسرائيل، لوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني، ومخالفة أبسط قواعد القانون الدولي.
باتت روسيا، الآن، قوة مهابة الجانب، ولها تأثير مباشر وقوي على مجمل قضايا الشرق الأوسط، وبالتالي علينا أن نتوقع دوراً روسياً، خاصة فيما يتعلق بمسار الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ذلك أن هذا الصراع، هو لبّ الصراعات كلها في الشرق الأوسط، وبالتالي، فإن تكريس دور روسيا ومحورها في مسار هذا الصراع، سيكسبها قوة وتأييداً من كافة الشعوب العربية والإسلامية، على حد سواء.
سبق لإسرائيل، وأن تمرّدت على مقررات الشرعية الدولية وممارسة ما تريده عَبر القوة وفرض الأمور والوقائع، متجاوزة بذلك، أبسط قواعد القانون الدولي ـ الإنساني. 
كان ذلك يجري بدعم من الولايات المتحدة، وتحت إشرافها المباشر، وسط عالم عربي، يخطب وُدّ الولايات المتحدة، ولا يخرج عن إرادتها... الآن، وعَبر خارطة سياسية جديدة في الشرق الأوسط، باتت فيها إيران قوة نووية لا يستهان بها، وعَبر دور روسي غير مسبوق، وثقل تركي بات مميزاً في تحالفاته الجديدة، وبعده عن الولايات المتحدة، وبدور سوري قادم، بعد طيّ صفحة الحروب على أراضيه... كل ذلك بات يدعونا للتفكير والتأمُّل، بخارطة سياسية جديدة، في الشرق الأوسط، وبالتالي، فإن ما انتهجته إسرائيل من سياسات عدوانية، وفرض الأمور بالقوة والإكراه، والتصرف وكأنها فوق القانون الدولي، والمرجعيات الشرعية المتعارف عليها دولياً، لم يعد قابلاً للاستمرار على أية حال.
هنالك أوساط، في إسرائيل، باتت تدرك ذلك، وباتت على يقين بأن ما تنتهجه حكومة نتنياهو، لم يعد قابلاً للاستمرار في المستقبل، وأنه لا بدّ من انتهاج سياسات جديدة، تأخذ في عين الاعتبار، تراجع الدور الأميركي في الشرق الأوسط، والدور الروسي الجديد، وتوازنات القوى في الشرق الأوسط الجديد. 
لم تعد الحرب وسيلة لتغيير وقائع قائمة، كما حدث في حروب 48 ـ 56 ـ 73 ـ 82... لم تعد إسرائيل هي القوة الأساسية في الشرق الأوسط، بل باتت أداة، قد تشكل خطراً على وجودها.
هنالك أزمة، بل أزمة وجودية في إسرائيل، وباتت تستلزم من الإسرائيليين، إعادة النظر في مناهجهم السياسية، والبحث الجاد بالمستقبل، في ظل موازين جديدة في الشرق الأوسط!!!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد