التوسع في تشجير المدن "يمكن أن يقلل تلوث الهواء"
واشنطن/سوا/ زراعة الأشجار في المدن طريقة فعالة من حيث التكلفة لمكافحة تلوث الهواء، وهي المشكلة التي يعانيها الكثير من المدن.
وقالت دراسة أعدتها منظمة الحفاظ على الطبيعة والمعروفة اختصارا بـ (TNC)، ومقرها الولايات المتحدة، إن معدل تخفيض جسيمات التلوث بالقرب من شجرة يتراوح بين 7و 24 في المئة.
وجسيمات التلوث المعروفة بـ (PM) هي جسيمات ميكروسكوبية، تعلق في رئات الأشخاص الذين يتنفسون الهواء الملوث.
ويمكن أن يتسبب التلوث الناتج عن تلك الجسيمات في وفاة نحو 6.2 مليون شخص سنويا حول العالم، بحلول عام 2050، وذلك حسب ما أشارت الدراسة.
وقال روب مكدونالد، المشرف على الدراسة، إن أشجار المدن تجلب بالفعل العديد من الفوائد، للأشخاص الذين يعيشون في المناطق الحضرية.
ويقول: "متوسط انخفاض الجسيمات بالقرب من شجرة يتراوح بين 7:و 24 في المئة، وانخفاض درجة الحرارة يصل إلى درجتين مئويتين".
وقال مكدونالد إن دراسة فوائد الأشجار في 245 مدينة حول العالم أظهرت فوائد انخفاض تكلفة الأشجار، مقارنة بالوسائل الأخرى في تبريد وتنظيف الهواء.
وأضاف لبي بي سي نيوز: "من هذه الناحية، فإن الأشجار تتمتع بميزة كبيرة من ناحية التكلفة، مقارنة بالوسائل الأخرى".
لكن دراسة منظمة الحفاظ على الطبيعة أشارت إلى أن معظم المدن التي شملتها الدراسة تفقد الأشجار، ولا تكتسب المزيد منها.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن نحو 90 في المئة من سكان المدن حول العالم عام 2014 تعرضوا لجسيمات عالقة في الرئتين، تزيد عن معدلات المنظمة لجودة الهواء.
وتقول المنظمة إن تلوث الهواء في المناطق المفتوحة تسبب في ثلاثة ملايين حالة وفاة مبكرة عام 2012، ومعظم هذه الحالات وقعت في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط..
وتقول إحصاءات منظمة الصحة العالمية لعام 2016 إن تلوث الهواء "سببه الأساليب غير الصحيحة لإنتاج الطاقة وتوزيعها واستخدامها"، وإن أنظمة النقل، المعتمدة بالأساس على وسائل النقل الفردية، قد تؤدي إلى مزيد من التدهور في جودة الهواء.
وتقول المنظمة إن جودة الهواء في الكثير من المدن غير مراقبة، مما يصعب الفهم الدقيق للأثر العالمي لتلوث الهواء.
ويقول مكدونالد: "لقد درسنا كيف يمكن أن تساعد زراعة مزيد من الأشجار في خفض تلوث الهواء. كل المدن التي درسناها إذا أنفق كل شخص من سكانها ما قيمته أربعة دولارات سنويا على زراعة الأشجار، فيمكن إنقاذ حياة ما بين 11و 36 ألف شخص سنويا. وهذه هي تقريبا نتيجة الحصول على هواء نظيف".
لكن زراعة الأشجار في المناطق الحضرية لا تخلو من مسالب محتملة، وأحدها صعوبة تدفق الهواء في الشوارع الملوثة، خاصة المزدحمة بالمرور، وكذلك الستائر السميكة يمكن أن تحد من تدوير الهواء، مما يحصر الهواء الملوث في مستويات منخفضة حيث يتنفسه الإنسان.
ويقول مكدونالد: "لكن في أغلب الشوارع بالمناطق السكنية، التي تتميز بكثافة مرورية أقل نسبيا، وجدنا أن مسألة صعوبة تدفق الهواء لا تشكل مبعثا للقلق".
شهد تشجير المدن تراجعا في النصف الثاني من القرن العشرين، مقابل تشييد المزيد من المباني السكنية.
تراجع التشجير
على الرغم من أن الأشجار كانت لوقت طويل جزءا من الحياة الحضرية، إلا إنها همشت خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
وفي تقرير صدر عام 2014، قدر أن الأشجار المزروعة في العاصمة البريطانية لندن وفرت نحو 133 مليون جنيه استرليني سنويا على الأقل، وذلك فيما يتعلق بالتخلص من تلوث الهواء وامتصاص الكربون، وتخفيض كميات المياة التي تذهب للصرف.
وتقول منظمة "تريز فور سيتيز"، وهي منظمة خيرية مقرها بريطانيا وتهدف للترويج لزراعة الأشجار في المدن: "نحن نركز على زراعة الأشجار حيثما يكون الأثر البيئي والاجتماعي لها أكبر.
وتضيف المنظمة: "وهذا معناه أن هدف زراعة الأشجار في لندن هو تنظيف الهواء، لكن في أديس أبابا يجب زراعة أشجار الفاكهة من أجل توفير سبل العيش".
ويقول مكدونالد: "أحد أهدافنا الموضحة في الدراسة هو أن نذَّكر المدن، بأن لديها إدارة للمتنزهات الخضرءا من ناحية، وإدارة أخرى للشؤون الصحية من ناحية أخرى. وإنهما بحاجة للتحدث إلى بعضهما البعض بشأن هذه القضية على الأقل".
وأضاف: "آمل حقا أنه إذا بدأ مزيد من المدن في التفكير بهذه الطريقة، حينها سنرى إعادة إحياء تشجير المناطق الحضرية".