يوماً بعد الآخر تتضح الصورة أكثر داخل البيت الفتحاوي والخلاف على وراثة الرئيس محمود عباس ومن الذي سيكون الرئيس، وتستخدم أدوات سياسية وغير سياسية حتى لو سالت الدماء في حسم مستقبل الرئيس القادم، وتشهد الساحة الفتحاوية سجالات وجدل أصبحت علنية ولم تبقى بين جدران الغرف المغلقة.
ويلعب الجميع على المكشوف، وأصبح التحدي أكثر وضوحاً في بعض مدن الضفة الغربية وإستغلال الخزان البشري والفقر والتهميش والإهمال في المخيمات الفلسطينية وعلاقتها السيئة بالسلطة الفلسطينية للمشاركة في الحرب بين الاطراف المتصارعة على الخلافة، والاشتباكات التي وقعت فيها وتدخل الأجهزة الأمنية وبعضها حدث تراشق إطلاق نار خاصة في مخيم بلاطة في نابلس ومخيم الأمعري في رام الله أو في مخيم جنين.
في غضون ذلك تجري الأحداث المتسارعة في الضفة الغربية، وبالمناسبة هي ليست وليدة الأشهر القليلة الماضية التي سبقت حمى الحديث عن خلافة الرئيس عباس أو ضرورة تعيين نائب له، فالإصطفاف الفتحاوي بدأ مع فصل عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد دحلان ، وبدأت تظهر ظاهرة ما أصطلح على تسميتها "المتجنحين"، وهم أعضاء حركة فتح المؤيدين لدحلان وفصل عدد كبير منهم من الحركة وقطعت رواتبهم خاصة الموظفين في السلطة وأجهزتها المدنية والأمنية.
خلال الأيام الماضية شهدت الساحة الفلسطينية عامة والفتحاوية خاصة جدلاً وتبادل الإتهامات من العيار الثقيل بين فتح الرسمية وتيار محمد دحلان على ضوء الدعوة التي وجهها المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط لحضور المؤتمر التي عقد في العين السخنة بجمهورية مصر تحت عنوان "مصر والقضية الفلسطينية"، والذي دعي إليه أكثر من مئة شخصية فتحاوية وآخرين مستقلين ومثقفين وكتاب فلسطينيين من قطاع غزة للحضور، ما أثار غضب حركة فتح الرسمية وأتهموا المصريين أنهم يعملوا لصالح محمد دحلان.
وشنت فتح وأطرها التنظيمية هجمات شرسة على المشاركين، ورفضت عقد المؤتمر من الأصل وإعتبرت حركة فتح على لسان المتحدث باسمها أسامة القواسمي، أن المؤتمر يعد تدخلاً في شؤون الحركة الداخلية، ورفض الحركة له ولأي نتائج تصدر عنه. وأعلنت حركة فتح في قطاع غزة رفضها للمؤتمر، على لسان أمين سر الهيئة القيادية العليا للحركة إبراهيم أبو النجا، الذي جدد مبايعة الحركة للرئيس عباس، وشكك في قدرة أي شخص على شق الحركة.
ومارست حركة فتح ضغوطاً هائلة على عدد ليس قليل من المدعوين لعدم المشاركة، وإستطاعت اقناع بعضهم بعدم المشاركة سواء بالترهيب أو الوعيد، وناشدت الرئيس المصري بوقفه.
وإزدادت حدة التراشق الإعلامي في البيت الفتحاوي والإتهامات بعد فشل محاولات الرباعية العربية لعقد مصالحة بين الرئيس عباس والقيادي في فتح محمد دحلان، وتتهمه قيادة حركة فتح أنه يحرض على الرئيس عباس ويقف خلف الدعوة لندوة العين السخنة بموافقة مصرية ويقود حرباً شرسة ضد الشرعية الفلسطينية في الداخل والخارج، وأنه متآمر على الشرعية الفلسطينية، وأن بينه وبين حركة حماس تفاهمات للتعاون مع الأخيرة ضد الرئيس عباس، وجاءت الصفقة الأخيرة بالإفراج عن السجين الفتحاوي لدى حركة حماس في غزة زكي السكني لتؤكد هذه الإتهامات.
الصورة تزداد إبهاراً سوداوياً لشعب يعاني الإحتلال والإنقسام، وسلطة وقيادة تائهة وضعيفة ولا تملك من إسمها إلا السلطة، سلطة القمع والحفاظ على نظامها وذاتها ولا يعنيها الناس، وفتح الثورة وأم الصبي، تبحث قيادتها عن مصالحها والتحضير للمؤتمر السابع وحجز كل منهم موقعه في اللجنة المركزية، ويدرك معظمهم حجم الأزمة والكارثة التي تعيشها الحركة والقضية الفلسطينية سواء في حضور الرئيس عباس أو غيابه، ولم تستطع حتى اللحظة حسم خيارتها بأنها حركة تحرر وطني، وضرورة البدء في مراجعات نقدية وحوار فتحاوي حقيقي لإعادة الإعتبار للحركة والقضية. ومع ان مستقبل حركة فتح ليس شأناً فتحاوياً لكن نخبة فتح تريده فتحاوياً خاصاً لأنها ترى في نفسها الشعب والشعب لا يجب ان يكون له رأي فهي من تمثله، إنها الحرب من أجل الخلافة وليس من أجل الحفاظ على الحركة وإستنهاضها وديمومتها.
Mustafamm2001@yahoo.com
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية