المشاركة الافتراضية.. فسحةُ متضرري الحرب

الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة تسبب بدمار آلاف المنازل

غزة / حلا الحوت / سوا / تعتبر اسلام حبيب 26 عامًا التدوين عبر مواقع التواصل الاجتماعي بات المُتنفس الوحيد أمامها للتعبير عن مأساتها بعد أن فقدت منزلها بحي الشجاعية شرق غزة.

وتقول حبيب خلال حديثها لـ"سوا" إنها دائمًا ما تجد تفاعلًا من قبل أصدقاءها، فالجميع يحاول المساعدة ويبذل ما يستطيع للتخفيف من ألمها وحزنها.

وتسكن الشابة وثمانية من أفراد عائلتها منذ عامين في بيت لا تتجاوز مساحته 90 مترًا، وذلك بسبب تأخر إعمار منزلهم الذي دمرته طائرات الاحتلال الإسرائيلية في الحرب الأخيرة.

تعود إسلام بذاكرتها للوراء "كتبت ذات مرة منشورًا عن ازالة اسم والدي من المنحة الكويتية بعد 7 شهور من التوقيع عليها وانتظار تنفيذها بفارغ الصبر".

تضيف "ساهم أصدقائي يومها بشكل كبير في رفع معنوياتي، لكن في النهاية لم يستطع أحد أن يقدم حلًا فعليًا".

وتسببت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة بتدمير 11 الف وحدة سكنية، ما أدى لبقاء 100 ألف فلسطيني بلا مأوى.

وقال برنامج غزة للصحة النفسية في بيان صحفي صدر قبل أيام بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية أن 30% من مجمل سكان قطاع غزة عانوا من أعراض كرب ما بعد الصدمة، وأن 10% ما زالوا بحاجة إلى التدخل النفسي المتخصص.

ويقول جميل الطهراوي استاذ الصحة النفسية في الجامعة الإسلامية ان خسارة المنزل قد تسبب آثارًا نفسية سيئة كالتوتر والقلق والخوف.

ويضيف الطهراوي لـ'سوا' أن البيت ليس حجارة وجدران فقط بل الأمان والاستقرار، وعندما تُقصف المنازل تُقصف معها الذكريات وفي حال تأخر إعمارها يستمر الأثر النفسي للمأساة ويتعمق.

ويشير إلى أن الحوادث المؤلمة تُنبّه الطاقات السلبية لدى الانسان فتظهر لديه الحاجة للتعبير والمشاركة كوسيلة للتخفيف من مشاعر الاحباط والغضب.

ويرى الطهراوي ان عمليات التفريغ النفسي في مؤسسات المجتمع المدني  "موسمية"  تأخذ شكل مشاريع قصيرة المدى وتستهدف في الأغلب الحالات الصعبة، ما يدفع الأشخاص الأقل تضررًا لاستخدام وسائل أخرى للتخلص من الضغط النفسي.

ويؤكد المختص في الإعلام الاجتماعي محمد أبو القمبز على أهمية التعاطف المعنوي مع من فقدوا منازلهم في الحرب، لكنه يرى أن المطلوب هو أن تتحقق المساندة على ارض الواقع وأن لا تقتصر على كونها افتراضيًة فقط.

ويقول في حديث لسوا أن المواقع الاجتماعية ساعدت في اطلاق حملات تمويل جماعية وحصل عدد من أصحاب البيوت المُدمّرة من خلالها على المبالغ اللازمة لإعادة بناء منازلهم.

ويرى أبو القمبز أن وسائل التواصل الحديثة لعبت دورًا كبيرًا في توثيق جرائم الاحتلال ورصد انتهاكاته المستمرة ضد الفلسطينيين.

انتهاءُ الحرب لا يعني انتهاءَ آلامها؛ فحوالي 60 الف فلسطينيًا في قطاع غزة ما زالوا ينتظرون إعمار منازلهم المدمّرة والعودة لممارسة حياتهم الطبيعية.

جدير بالذكر أن هذه المادة الصحفية تأتي ضمن مشروع تعزيز الإعلام الموضوعي في غزة المنفذ من قبل مؤسسة بيت الصحافة والممول من مؤسسة "روزا لوكسمبورغ" الألمانية.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد