كرفانات غزة.. عيونٌ باكية وآذانٌ صمّاء
غزة /خاص سوا/ محمد وهبه/ على صفيح ساخن، وتحت أشعة شمس حارقة في بلدة بيت حانون شمال غزة، يتكئ الرجل المسن أبو العبد أبو عمشة، ويده اليمنى يضعها على خده، ينظر إلى حال الكرفانات والخيام المنتشرة جرّاء الحرب الأخيرة على قطاع غزة عام 2014، وكأنه يعيد شريط ذكريات الهجرة ونكبة الـ 48.
يستغيث المسن الستيني، لعل صدى صوته يصل للمسؤولين وأصحاب القرار، قائلًا: "إلى متى سنعيش هنا داخل الكرفانات، لقد مرَ عامان على هدم منزلي في الحرب الأخيرة على القطاع".
ويضيف، "لدي ستة أبناء، ونعيش داخل كرفان صغير جدًا، لا يتوفر فيه أدنى سبل الراحة، والعيش الكريم، بل إن الحشرات الزاحفة والطائرة تهاجمنا ليل نهار، وأولادنا لا يستطيعون النوم منها".
سكان الكرفانات المنتشرة في عدة مناطق في قطاع غزة، ينتظرون والخوف ينتابهم من كل جانب "موجة الشتاء" والبرد القارص، في ظل حياة يعيشونها يفترشون من خلالها الأرض ويلتحفون السماء.
زوجة "أبو العبد" تنظر بحيرة وخوف وترقب إلى هذا الوضع المأساوي، وتقول: "كل عام نعاني معاناة شديدة من فصل الشتاء، والجو البارد، ونحن على أعتاب الشتاء، دون أن ينظر إلينا أحد، وينقلوننا من هذا الوضع "المُخزي".
وتتساءل غاضبة: "أين هي أموال الإعمار التي نسمع عنها فقط دون أن نراها على الواقع؟، سئمنا من كلمة إعادة الإعمار في الإذاعات، ولكن دون جدوى".
ابنهما في الثانوية العامة زاد على كلام والديه مرددًا، "نحن لا نريد أن يمنون علينا بمساعدات مالية زهيدة، نريد أن نرجع لبيت كنا نسكنه، ونعيش فيه حياتنا الكريمة، وليس الذل والهوان الذي نراه هنا في حياة الكرفانات".
ويضيف الابن "سعيد" والحزن يعتصر كلامه، "الكل يعلم ما أهمية سنة التوجيهي بالنسبة للطالب، وأنا من الطلاب المتوفقين في كل عام، ودخلت الفرع العلمي، ولكن العيش في حياة الكرفانات، لا شك أنها ستؤثر بشكل كبير على دراستي ومستواي التعليمي".
عائلة أبو العبد هي واحدة من آلاف العائلات التي تقطن وتعيش حياة الكرفانات الصعبة والقاسية، وينتظرون بفارغ الصبر والأمل من ينظر إلى حالهم بعين الرأفة، ويناشدون مسؤولي إعادة الإعمار بالإسراع في بناء بيوتهم المهدمة وعودة حياتهم قبل مماتهم!.