دراسة: الدعم الخارجي للقطاع الخاص ضعيف ومحاط بالغموض

  رام الله / سوا / بينما افتقرت دراسة أعدها معهد أبحاث السياسات الاقتصادية "ماس" الى معلومات واضحة عن الدعم الخارجي المباشر للقطاع الخاص، لمواجهة معديها، كغيرهم من الباحثين، صعوبات جمة في الحصول على معلومات موثوقة في هذا المجال، فقد رأى غالبية المتحدثين في ورشة عقدها المعهد لعرض الدراسة، أن هذا النوع من المساعدات الخارجية محاط بجدار من الغموض، فيما تظهر المؤشرات على الأرض محدودية أثره على الاقتصاد الفلسطيني.

الدراسة، التي أعدها الباحث الرئيسي في المعهد د. سمير عبد الله، والباحث حبيب جن، بعنوان "تقييم أثر الدعم الخارجي المباشر للقطاع الخاص الفلسطيني"، استندت في تقييم الأثر الى استبيان وزع على 71 شركة، فيما استندت في تبيان حجم هذه المساعدات الى "حسبة" استثناء جميع أنواع المساعدات الأخرى من حجم المساعدات الإجمالي للفترة بين 2002 و2014، وصولا الى رقم يعتقد أنه حجم المساعدات المباشرة للقطاع الخاص، والتي بلغ مقدارها خلال الفترة 1.23 مليار دولار، بمعدل 91 مليون دولار سنويا، تشكل 5.2% من اجمالي الدعم الخارجي، الحصة الأكبر مصدرها الولايات المتحدة (حوالي 543 مليون دولار)، تلتها النرويج (86.4 مليون دولار)، ثم هولندا (85.5 مليون دولار)، واسبانيا (71 مليون دولار).

قطاعيا، فقد حصل قطاع النقل والتخزين على الحصة الأكبر من الدعم المباشر للقطاع الخاص بنسبة 25%، تلاه قطاع الزراعة بنسبة 20%، والطاقة 13%، فيما حصلت قطاعات: الصناعة، والأعمال، والخدمات على 11% لكل منها.

أما قنوات هذا الدعم، فقد جاء 28% منها عبر منظمات غير حكومية، و22.8% عبر مؤسسات السلطة الوطنية، 6.8% عبر منظمات دولية متعددة الأطراف، فيما النسبة الأكبر (29%) "جاءت عبر قنوات أخرى" لم توضحها الدراسة.

وتقر الدراسة،  التي عرض عبد الله نتائجها في ورشة عمل دعا إليها "ماس" اليوم الأحد، بأن "المعلومات المتوفرة عن بعض البرامج المنفذة لدعم القطاع الخاص، لا تسمح بإجراء تقييم علمي، كما أن تقارير الأداء عن تنفيذ تلك البرامج، أو تقييماتها إن وجدت فهي غير متاحة. مما يحول دون الخروج باستنتاجات قابلة للتعميم عن فعاليتها".

وبالمجمل، فقد جاءت اجابات الشركات المستطلعة آراؤها في الاستبيان ايجابية، لجهة الأثر في أنشطتها، ما أثار تساؤلات لدى المشاركين بمقارنة هذه الإجابات مع مؤشرات الاقتصاد الفلسطيني، سواء لجهة تأثير هذه المساعدات في الحد من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي، أو لجهة المساهمة في الحد من البطالة والفقر ورفع مستوى المعيشة.

واشتكى ممثلو المؤسسات العامة المشاركون، كوزارتي الزراعة والاقتصاد الوطني، وحتى مؤسسات تمثيلية للقطاع الخاص كـ"بال تريد"، من أن جزءاً غير قليل من هذه المساعدات تذهب الى مشاريع لا يعلمون عنها شيئا، ولا علاقة لها بألويات وخطط واستراتيجيات التنمية الوطنية، كما ان كثيرا من المشاريع الممولة بالمساعدات الخارجية كان مصيرها الفشل.

وأكدت الدراسة على أهمية معاملة المعونات المخصصة للقطاع الخاص على أنها جزء لا يتجزأ من الدعم الدولي المقدم للشعب الفلسطيني، لذا يجب التأكد من استخدامها بشكل فعال ودون إسراف أو هدر للموارد والجهود، والحرص على أن لا يقود استخدامها إلى الإخلال بمبدأ العدالة وتنافسية السوق أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.

كما طالب معدوها الجهات المانحة بالالتزام بإعلان باريس حول فعالية المعونات، وخصوصا مبدأ شفافية المعلومات حول تدفقات معوناتها للقطاع الخاص، ومعايير وطرق اختيار المؤسسات المستفيدة، وبيان تخصيص الدعم الخاصة بالمشروع وغيرها من المعلومات، وإيجاد الآلية المناسبة لتوثيق تفاصيل معونات المانحين للشعب الفلسطيني، وضمان شفافية تلك المعلومات بصورة تسمح بالمتابعة والتقييم والاستفادة من التجربة، والمساءلة أيضا.

وأوصت بإعداد وإقرار سياسة وطنية حول الدعم الخارجي للقطاع الخاص، وللقطاع الأهلي أيضا، من قبل الحكومة وممثلي القطاع الخاص، بهدف تجنيد المزيد من الدعم الخارجي، وتطوير آليات تخصيصاته نحو أولويات منسجمة مع خطط التنمية الوطنية، وزيادة فعاليته ونجاعة استخداماته بما يضمن توظيفه في استثمارات مستدامة تراكم شروط صمود المواطنين في وطنهم، وتقوي القاعدة الإنتاجية التي من شأنها زيادة الاعتماد على الذات، والتحرر من التبعية لدولة الاحتلال، وتحافظ على النسيج الاجتماعي، ومراكمة شروط الصمود على أرض الوطن.

كما أوصت بإعداد خطة سنوية أو كل سنتين، لتحديد التدخلات ذات الأولوية لدعم القطاع الخاص، على أن تعد من قبل مؤسسات القطاع الخاص التمثيلية والوزارات ذات العلاقة. والعمل على تجنيد الدعم الخارجي لتنفيذها، وتجنيد الدعم الخارجي لمشاريع من شأنها المساهمة في تنفيذ أهداف اقتصادية وطنية كتطوير القاعدة الإنتاجية في الاقتصاد وزيادة التشغيل، وإحلال الواردات من إسرائيل وغيرها.

كما أكدت ضرورة العمل على اقتران المعونات الخارجية بالدعم السياسي، وضمان مساهمة الجهات المانحة في التدخل لإزالة القيود والعوائق التي تعترض تنفيذ البرامج والمشاريع الممولة من قبلها كحد أدنى.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد