هجوم العراق يكشف عن "خطورة" الطائرات الصغيرة من دون طيار
بغداد/سوا/ كشف حادث وقع الأسبوع الماضي في شمال العراق وفيه انفجرت طائرة صغيرة من دون طيار مما أسفر عن مقتل اثنين من البشمركة وإصابة اثنين من القوات الفرنسية الخاصة عن ابتكار جديد في الحرب الحديثة، والاحتمالات المخيفة لانتشار استخدام هذا النوع من الطائرات بدون طيار.
وكانت الولايات المتحدة قد شنت أول هجوم بطائرة مسلحة من دون طيار في أكتوبر/تشرين أول عام 2001. ومنذ ذلك الحين واستخدام الطائرات المسلحة بدون طيار يمثل أكثر العوامل العسكرية المعقدة في العالم.
وتأتي إسرائيل والولايات المتحدة في المقدمة، وتبعتهما بسرعة روسيا والصين واللتان طورتا صناعتيهما بسرعة.
ويمكن للطائرات من دون طيار العسكرية الحديثة العمل من ارتفاعات كبيرة، والتحليق عاليا لمدد طويلة.
وفي الوقت الذي باتت فيه الطائرات بدون طيار عديمة القيمة في جمع المعلومات الاستخباراتية والمراقبة، فإن نظيرتها العسكرية يمكنها أن تهاجم بأسلحة موجهة بدقة، وهذا ما انتهت إليه تكنولوجيا الطائرات من دون طيار.
أداة إرهابية "للبيع"
ولكن مع انتشار الطائرات من دون طيار الرخيصة وإتاحتها للبيع للمصورين الهواة والمتحمسين، أصبحت الجماعات الإرهابية تستخدم هذه التكنولوجيا أيضا.
ولبعض الوقت استخدمت ما تعرف بالدولة الإسلامية وجماعات مثل تلك التي عرفت في السابق بجبهة النصرة (ذات العلاقة الوثيقة بالقاعدة) الطائرات الرخيصة المعروضة للبيع في أعمال المراقبة وتصوير الفيديوهات الدعائية، ولكنها تحولت الآن لاستخدامها كأسلحة.
ولم تتضح بعد تفاصيل هجوم الأسبوع الماضي في العراق. وأشارت بعض التقارير إلى أن الطائرة انفجرت خلال عملية تفكيكها. ولم يتضح ما إذا كانت الطائرة ببساطة مفخخة، وأشارت تقارير أخرى إلى اصطدامها بمبنى لتنفجر بعد ذلك.
بالطبع لا يمكن مقارنة هذه الطائرة بالطائرات ذات التكنولوجيا المعقدة التي ينشرها الأمريكيون وبعض حلفائهم يوميا. وفي الحقيقة الطائرات التجارية الصغيرة لا يمكنها حمل الكثير لذلك فإن شحنتها التدميرية محدودة، ولكنها ببساطة يمكنها أن تقتل كما أظهر حادث الأسبوع الماضي.
ولقد تم تحذير القوات الأمريكية في المنطقة باتخاذ ساتر مع ظهور أي طائرة صغيرة بدون طيار. ومن المتوقع ظهور هذا النوع كسلاح في دفاع تنظيم الدولة عن الموصل، ومع ذلك لم يتضح حتى الآن عدد الطائرات التي اشتراها التنظيم من هذا النوع.
كيفية نزع سلاحها؟
هناك العديد من الوسائل الفنية للتعامل مع هذا التهديد الجديد، الذي يزعج الشرطة والمسؤولين الأمنيين ربما أكثر من القادة الميدانيين. فهذه الطائرات المتاحة للبيع في كل مكان والتي يمكنها حمل كاميرا يمكنها أيضا حمل شحنة ناسفة صغيرة.
الولايات المتحدة والغرب عوما يحرزون تقدما كبيرا في التكنولوجيا العسكرية للطائرات بدون طيار
ويمكن التصدي لهذا التهديد بطريقتين رئيسيتين. الأولى بمحاولة إسقاطها أو الإمساك بها. والثانية هي اعتراض الإشارات التي توجهها نحو الهدف المقصود.
وتم رصد بندقية مضادة للطائرات من دون طيار في موقع أمريكي بالعراق في وقت سابق من العام الحالي. ويطلق على هذه البندقية درون ديفيندر أو المدافعة ضد الطائرة من دون طيار، وهي تعمل باعتراض الإشارة التي توجه الطائرة. وميزة هذه البندقية بالنسبة للشرطة تحديدا أنها لا تطلق رصاصا أو قذائف إلى السماء.
وهناك طرق دفاعية أخرى للسيطرة عليها من خلال الإنترنت، بينما يتخذ آخرون طرقا أكثر مباشرة، فيما عملت جهة مصنعة على مشروع لاصطياد الطائرة بشبكة على طريقة الرجل العنكبوت.
"الجن الذي خرج من الزجاجة"
والمزعج أن هذا التهديد الجديد يبدو وكأنه مفاجئا ، وفي الواقع أن المسؤولين الأمنيين والمستقبليين العسكريين توقعوا ذلك. فقد سادت مخاوف من تعرض أحداث رياضية كبيرة مثل البطولة الأوروبية الأخيرة لكرة القدم في فرنسا مثلا أو في الحقيقة أي حدث عام، لهجوم إرهابي باستخدام هذا النوع من الطائرات المتاحة.
ورغم أن تكنولوجيا التصدي لمثل هذه المتفجرات الطائرة متاحة إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليها بعد، كما أن أعدادها ليست كافية وحتى الآن مازال للمهاجم أفضلية مؤقتة فيما يناضل المدافع للحاق به.
ولكن لا ينطبق ذلك طبعا على الصناعات العسكرية المعقدة لهذه الطائرة، والتي تحرز فيها الولايات المتحدة والغرب عموما أفضلية كبيرة، ولكن ذلك يتغير أيضا حيث تصدر واشنطن هذا السلاح لحلفائها.
وباتت الصين أيضا مصدرة للطائرات المسلحة بدون طيار. وتبذل حاليا جهود للتوصل إلى معاهدة دولية تحكم بيع وانتشار هذا السلاح.
وفي الحقيقة فإن انتشار هذا السلاح يسير في اتجاهين، ففي قمته أنظمة عسكرية معقدة تنتشر بسرعة نسبيا ، وفي قاعدته جماعات حرب عصابات، وجماعات إرهابية، وتجار مخدرات وهؤلاء شرعوا في استخدام الطائرات من دون طيار الرخيصة والتجارية لأغراض مختلفة.
من الواضح أن جني هذه الطائرة قد خرج من الزجاجة، فمع انتشار هذه التجارة عبر الإنترنت على نطاق واسع بات من السهل رؤية كيف يمكن لأصحاب النوايا الخبيثة الحصول على هذه التكنولوجيا لأغراض مميتة.