هنالك معركة ضروس، تدور رحاها في مدينة حلب، وهنالك معركتان، يجري التخطيط والاعداد لخوضهما قريباً. 
والمعارك الثلاث، هي معارك حاسمة، سترسم الآفاق الأولية، لملامح جغرافيا سياسية جديدة. 
ما يجري في حلب هذه الأيام، هو حسم لمعركة، هي من أهم المعارك في الأزمة السورية. 
جرت هذه المعركة باتفاق روسي ـ أميركي، وبتعاون ما بين قوات البلدين. 
كان الهدف المعلن من هذه المعركة، محاربة داعش والقضاء عليها، لكن حقيقة الأمر، هي حسم الأزمة السورية ورسم ملامح المرحلة القادمة.
تركيا عرضت التعاون في حرب حلب، والمشاركة في محاربة داعش، دون أن تتخلى عن أطماعها في الشمال السوري، ودورها في سورية الجديدة.
في نهايات معارك حلب، تباينت المواقف والآراء ما بين روسيا والولايات المتحدة، التي سبق وأن أعطت الضوء الأخضر لروسيا، وأسلحتها الاستراتيجية، المشاركة في معركة حلب، لعدم رغبتها في أن تلعب دور الدولة المحورية في تلك الحرب، واعتقادها بأن معركة حلب، لن تكون خاتمة الحروب في الأرض السورية، بل إن من شأنها أن ت فتح الأبواب لحروب قادمة، قد تستنزف المشاركين بها.
روسيا من جهتها، خاضت معركة حلب، تماماً كما سبق وأن خاضت معركة «غروزني» الشهيرة. ما أثار الولايات المتحدة، وحلفاءها.
في تقدير الخبراء العسكريين، فإن معركة حلب قد اقتربت من نهاياتها، وبأن حسم تلك المعركة، بات قريب المنال.. وفي ذلك مجال واسع وملحوظ لحسم ما تبقى من معارك صغيرة، بعضها محيط بمدينة دمشق ذاتها. 
لم تشهد الحرب في سورية، معركة بحجم معركة حلب وضراوتها. 
وهنالك إصرار أكيد وشديد، من القيادة الروسية، بحسم هذه المعركة المهمة جداً، بأسرع وقت ممكن، ومهما بلغت التكاليف.
أدركت الولايات المتحدة، مدى تصميم روسيا، على خوض هذه المعركة، حتى النهاية، وبعد أن أبدت معارضة شديدة، رافقتها تهديدات أميركية، عادت الولايات المتحدة، لتعطي مؤشرات جديدة، تدلل على تفهمها لما يجري.
صحيح أن موقف تركيا، لا يزال متعارضاً، مع الموقف الرسمي السوري والروسي، لكن نتائج معركة حلب، من شأنها أن تفرض وقائع جديدة، ستنسحب على الإقليم كافة، ومنها تركيا بالطبع. 
من يعرف سورية جيداً، يدرك أهمية مدينة حلب الاستراتيجية والاقتصادية في آن، البرجوازية السورية، خاصة الصناعية منها، تتركز في مدينة حلب، والمناطق الصناعية السورية في حلب شكلت تاريخياً قاعدة الاقتصاد السوري.
استنزفت حرب حلب، البرجوازية السورية، ودمرت المناطق الصناعية فيها، ولعلّ دور تركيا في ذلك، كان بارزاً في ضرب المناطق الصناعية.
في حال حسم معركة حلب، عسكرياً وأمنياً، فإن المعركة القادمة ستكون، إعادة الإعمار، خاصة المناطق الصناعية، وإبراز دور البرجوازية مجدداً، بثوب جديد، وبتعاون مثمر، من الروس والصين واليابان، كي تعود البرجوازية سنداً اقتصادياً للنظام السوري من جهة، وكي تنافس الإقليم، خاصة على الصعيد التركي.
باتت المؤشرات تؤكد، بأن معركة حلب، باتت في نهاياتها، في وقت باتت الاحتمالات، شبه المؤكدة، بأن المعركة القادمة، في حلب، وإعادة بناء وتركيب المناطق الصناعية الكبرى، وهي عماد حلب، إن لم نقل عماد سورية الجديدة!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد