"صور".. صحفيو غزة يتنفسون الصعداء ومشاهد الحرب ما زالت عالقة في أذهانهم
2014/08/31
15-TRIAL-
غزة / صبا الجعفراوي/ سوا / احتضن المصور الصحفي رمزي أبو عامر طفلته ملك فور دخوله لمنزله بعد غياب دام أكثر من ثلاثين يوما عن بيته بسبب تغطيته للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
أبو عامر -27 عاما- يعمل في شركة فلسطين للإنتاج الإعلامي على مدار أكثر من شهر ولم يذهب إلى بيته ليجلس مع زوجته وطفلته بسبب انشغاله بتغطية الأحداث وجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في غزة.
يقول أبو عامر لـ"سوا": "انتهى العدوان على غزة، وعدت لبيتي ووجدت طفلتي بدأت تحبو، وجدتها كبرت بعيدا عن عيني، كانت أيام العدوان صعبة جدا وطفلتي بعيدة عني فهي أول مولودة لي، وكان هاجسي الأكبر هو أن تمتد الحرب أكثر وهي بعيدة عني".
بعد 32 يوما متواصلا من العمل الصحفي الشاق استطاع أن يلتقي بعائلته لساعات قليلة، بعد أن علم باستهداف قرب منزله وتضرره بشكل كبير.
ويتحدث أبو عامر عن شعوره في ذلك اليوم "كان يوم مؤلم وصعب جدا أن ألتقي بعائلتي وطفلتي بعد كل هذا الغياب في منزل غير منزلي حيث اضطروا لإخلاء المنزل بسبب خطورة المنطقة التي أقطن فيها، وقرب الاستهدافات منها".
وعن كيفية الاطمئنان على عائلته والتواصل معهم في أيام العدوان، يقول أبو عامر "التواصل كان صعبا، فكنت أتواصل مع عائلتي مرة واحدة في اليوم بسبب ضغط العمل وسوء شبكات الاتصال، وكان الخوف يتملك زوجتي كثيرا إذا سمعت خبر استشهاد صحفي فكانت في أي لحظة تتوقع استشهادي بحكم عملي الميداني وتنقلي في أماكن القصف والخطر.
ومن في غزة لا يذكر أول مجزرة ارتكبها جيش الاحتلال والتي رجعت بنا لأيام هجرة الـ48، مجزرة الشجاعية التي كانت من أصعب المجازر وأبشعها في غزة، ففي تمام الساعة 5:30 من فجر ذاك اليوم توجه المصور أبو عامر إلى حي الشجاعية ليوثق بكاميرته مشاهد الدمار والقتل حيث وصفها بأصعب المشاهد والمواقف التي تعرض لها خلال أيام العدوان.
أبو عامر يتابع: "كنت أسمع عن قصص نزوح الفلسطينيين من بلداتهم عام 48 ولكن شاهدتها أمام عيني عند مدخل حي الشجاعية الذي نزح منه عشرات المواطنين، هذه الحرب الثالثة التي أغطيها في غزة ولكن لم ولن يمر عليّ مشهد بشع كمشهد الشهداء المتناثرين في طرقات الحي والنساء اللواتي يبحثن عن أولادهن، لم أتمالك أعصابي وبكيت بشدة لهول تلك المشاهد".
قذائف جيش الاحتلال الإسرائيلي لم تفرق بين الصحفيين والمدنيين والطواقم الطبية، فجميعهم تحت نيران وصواريخ الاحتلال، فاستشهد 18 صحفيا وأكثر من 20 مسعفا وأصيب العشرات منهم خلال أيام العدوان.
أما المصور في وكالة رويترز العالمية محمد جادالله فعاد إلى بيته ولكن مشهد استشهاد زملائه كان حاضراً في ذهنه ولم يفارقه، فيقول "العدوان على غزة ترك حزنا وألما كبيرا على فراق واستشهاد زملاء لنا، وتركنا صحفيين أصدقاء وأعزاء مصابين في المستشفيات والوضع الصحي لبعضهم خطير".
وتابع جادالله لم أتوقع أن أخرج سليما بعد هذه الحرب، فالصحفيين جميعا كانوا في مرمى النار خاصة المصورين الذي يتوجب عليهم التواجد في الميدان وفي المناطق الخطرة لتغطية ونقل كل الأحداث وفضح جرائم الاحتلال.
ولم يكن المصور جادالله يجتمع بطفلتيه خلال أيام العدوان إلا ساعات قليلة على مدار عدة أسابيع، ويوم الإعلان عن وقف إطلاق النار وعودته لمنزله استيقظت طفلتيه في صباح اليوم التالي وتفاجئن بوجوده.
ويستطرد "لقد اعتادت طفلتيّ على عدم رؤيتي والجلوس واللهو معي على عكس باقي أطفال العالم الذي من الطبيعي أن يلتقوا بوالدهم فضغط العمل حرمهن مني بسبب العدوان".
أما عن أكثر المشاهد الإنسانية الصعبة التي علقت في ذهن جادالله خلال أيام العدوان، كان يوم تشييع شهداء عائلة البطش التي راح ضحيتهم 18 شهيداً في استهداف منزلهم بحي التفاح شرق غزة.
ويستذكر جادالله تلك اللحظة قائلا "كنت ألتقط صور مشاهد التشييع وتوديع الأقارب والعائلة لجثامين الشهداء، فسمعت طفلا ينادي أباه وهو يجلس على الأرض ويبكي ولكن أباه استشهد ولم يرد عليه".
ويتابع "تأثرت بالمشهد كثيراً لأني أب وأعلم ما هو شعور ذلك الطفل الذي فقد والده، التقط صورة له وهو يجلس على الأرض ويبكي وينادي، لم أتمالك نفسي ودمعت عيناي وأنا ألتقط الصورة".
العدوان الإسرائيلي لم يرحم أطفال غزة، فالغالبية العظمى من الشهداء كانت من الأطفال، حيث تابع العالم على مدار أيام العدوان مشاهد ومجازر صعبة بحق الأطفال، فآلة الحرب الإسرائيلية حرمت ما يقارب 500 طفل من حياتهم، وأصابت المئات منهم الذين لا زالوا على يرقدون في المستشفيات.
وفي صباح كل يوم كانت الصحفية سعاد الإمام تودع طفليها قبل خروجها لتأدية واجبها الصحفي في نقل أحداث العدوان على غزة، فلم تكن تضمن عودتها ثانية لتحضن أطفالها وتقبلهم كما تفعل كل يوم.
فطوال أكثر من خمسين يوماً كانت الإمام مراسلة قناة الكويت تترك أطفالها لساعات طويلة، اختلطت فيها مشاعرها ما بين القلق عليهم والبقاء بجانبهم أو خروجها لعملها في الميدان ونقل وفضح المجازر التي يرتكبها الاحتلال بحق المدنيين.
وعن لحظة إعلان وقف إطلاق النار، قالت "كانت لحظة ينتظرها كل سكان القطاع، أن يعم الهدوء على غزة، فهذه الحرب كانت دماراً شاملاً نفسيا ومعنويا ومن كل النواحي، لم أشهد بشاعة مجازر كالتي غطيتها مقارنة بالحروب السابقة التي طالت غزة".
انتهت الحرب على غزة ولكن لا زالت الذكريات المؤلمة عالقة في ذهن الصحفيين، لحظات صعبة عاشها المئات منهم أثناء تغطيتهم للمجازر الصعبة، التي راح ضحيتها أكثر من 2200 شهيداً و11 ألف جريحا.
31
أبو عامر -27 عاما- يعمل في شركة فلسطين للإنتاج الإعلامي على مدار أكثر من شهر ولم يذهب إلى بيته ليجلس مع زوجته وطفلته بسبب انشغاله بتغطية الأحداث وجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في غزة.
يقول أبو عامر لـ"سوا": "انتهى العدوان على غزة، وعدت لبيتي ووجدت طفلتي بدأت تحبو، وجدتها كبرت بعيدا عن عيني، كانت أيام العدوان صعبة جدا وطفلتي بعيدة عني فهي أول مولودة لي، وكان هاجسي الأكبر هو أن تمتد الحرب أكثر وهي بعيدة عني".
بعد 32 يوما متواصلا من العمل الصحفي الشاق استطاع أن يلتقي بعائلته لساعات قليلة، بعد أن علم باستهداف قرب منزله وتضرره بشكل كبير.
ويتحدث أبو عامر عن شعوره في ذلك اليوم "كان يوم مؤلم وصعب جدا أن ألتقي بعائلتي وطفلتي بعد كل هذا الغياب في منزل غير منزلي حيث اضطروا لإخلاء المنزل بسبب خطورة المنطقة التي أقطن فيها، وقرب الاستهدافات منها".
وعن كيفية الاطمئنان على عائلته والتواصل معهم في أيام العدوان، يقول أبو عامر "التواصل كان صعبا، فكنت أتواصل مع عائلتي مرة واحدة في اليوم بسبب ضغط العمل وسوء شبكات الاتصال، وكان الخوف يتملك زوجتي كثيرا إذا سمعت خبر استشهاد صحفي فكانت في أي لحظة تتوقع استشهادي بحكم عملي الميداني وتنقلي في أماكن القصف والخطر.
ومن في غزة لا يذكر أول مجزرة ارتكبها جيش الاحتلال والتي رجعت بنا لأيام هجرة الـ48، مجزرة الشجاعية التي كانت من أصعب المجازر وأبشعها في غزة، ففي تمام الساعة 5:30 من فجر ذاك اليوم توجه المصور أبو عامر إلى حي الشجاعية ليوثق بكاميرته مشاهد الدمار والقتل حيث وصفها بأصعب المشاهد والمواقف التي تعرض لها خلال أيام العدوان.
أبو عامر يتابع: "كنت أسمع عن قصص نزوح الفلسطينيين من بلداتهم عام 48 ولكن شاهدتها أمام عيني عند مدخل حي الشجاعية الذي نزح منه عشرات المواطنين، هذه الحرب الثالثة التي أغطيها في غزة ولكن لم ولن يمر عليّ مشهد بشع كمشهد الشهداء المتناثرين في طرقات الحي والنساء اللواتي يبحثن عن أولادهن، لم أتمالك أعصابي وبكيت بشدة لهول تلك المشاهد".
قذائف جيش الاحتلال الإسرائيلي لم تفرق بين الصحفيين والمدنيين والطواقم الطبية، فجميعهم تحت نيران وصواريخ الاحتلال، فاستشهد 18 صحفيا وأكثر من 20 مسعفا وأصيب العشرات منهم خلال أيام العدوان.
أما المصور في وكالة رويترز العالمية محمد جادالله فعاد إلى بيته ولكن مشهد استشهاد زملائه كان حاضراً في ذهنه ولم يفارقه، فيقول "العدوان على غزة ترك حزنا وألما كبيرا على فراق واستشهاد زملاء لنا، وتركنا صحفيين أصدقاء وأعزاء مصابين في المستشفيات والوضع الصحي لبعضهم خطير".
وتابع جادالله لم أتوقع أن أخرج سليما بعد هذه الحرب، فالصحفيين جميعا كانوا في مرمى النار خاصة المصورين الذي يتوجب عليهم التواجد في الميدان وفي المناطق الخطرة لتغطية ونقل كل الأحداث وفضح جرائم الاحتلال.
ولم يكن المصور جادالله يجتمع بطفلتيه خلال أيام العدوان إلا ساعات قليلة على مدار عدة أسابيع، ويوم الإعلان عن وقف إطلاق النار وعودته لمنزله استيقظت طفلتيه في صباح اليوم التالي وتفاجئن بوجوده.
ويستطرد "لقد اعتادت طفلتيّ على عدم رؤيتي والجلوس واللهو معي على عكس باقي أطفال العالم الذي من الطبيعي أن يلتقوا بوالدهم فضغط العمل حرمهن مني بسبب العدوان".
أما عن أكثر المشاهد الإنسانية الصعبة التي علقت في ذهن جادالله خلال أيام العدوان، كان يوم تشييع شهداء عائلة البطش التي راح ضحيتهم 18 شهيداً في استهداف منزلهم بحي التفاح شرق غزة.
ويستذكر جادالله تلك اللحظة قائلا "كنت ألتقط صور مشاهد التشييع وتوديع الأقارب والعائلة لجثامين الشهداء، فسمعت طفلا ينادي أباه وهو يجلس على الأرض ويبكي ولكن أباه استشهد ولم يرد عليه".
ويتابع "تأثرت بالمشهد كثيراً لأني أب وأعلم ما هو شعور ذلك الطفل الذي فقد والده، التقط صورة له وهو يجلس على الأرض ويبكي وينادي، لم أتمالك نفسي ودمعت عيناي وأنا ألتقط الصورة".
العدوان الإسرائيلي لم يرحم أطفال غزة، فالغالبية العظمى من الشهداء كانت من الأطفال، حيث تابع العالم على مدار أيام العدوان مشاهد ومجازر صعبة بحق الأطفال، فآلة الحرب الإسرائيلية حرمت ما يقارب 500 طفل من حياتهم، وأصابت المئات منهم الذين لا زالوا على يرقدون في المستشفيات.
وفي صباح كل يوم كانت الصحفية سعاد الإمام تودع طفليها قبل خروجها لتأدية واجبها الصحفي في نقل أحداث العدوان على غزة، فلم تكن تضمن عودتها ثانية لتحضن أطفالها وتقبلهم كما تفعل كل يوم.
فطوال أكثر من خمسين يوماً كانت الإمام مراسلة قناة الكويت تترك أطفالها لساعات طويلة، اختلطت فيها مشاعرها ما بين القلق عليهم والبقاء بجانبهم أو خروجها لعملها في الميدان ونقل وفضح المجازر التي يرتكبها الاحتلال بحق المدنيين.
وعن لحظة إعلان وقف إطلاق النار، قالت "كانت لحظة ينتظرها كل سكان القطاع، أن يعم الهدوء على غزة، فهذه الحرب كانت دماراً شاملاً نفسيا ومعنويا ومن كل النواحي، لم أشهد بشاعة مجازر كالتي غطيتها مقارنة بالحروب السابقة التي طالت غزة".
انتهت الحرب على غزة ولكن لا زالت الذكريات المؤلمة عالقة في ذهن الصحفيين، لحظات صعبة عاشها المئات منهم أثناء تغطيتهم للمجازر الصعبة، التي راح ضحيتها أكثر من 2200 شهيداً و11 ألف جريحا.
31