عُمان وإيران على أعتاب مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي
مسقط/ سوا/ تقترب سلطنة وعُمان وإيران من بدء مرحلة جديدة من تعزيز التعاون الاقتصادي، في ظل حالة الحراك السياسي والاقتصادي بين البلدين مؤخراً.
واختتم نهاية الشهر الماضي معرض المنتجات العُمانية في العاصمة الإيرانية طهران، الذي شهد توقيع العديد اتفاقيات التعاون المشترك، وكذلك اجتماع اللجنة الاقتصادية العُمانية – الإيرانية المشتركة في دورتها الـ16.ورجح خبراء ومراقبون مضاعفة حجم التبادل التجاري بين مسقط وطهران في المستقبل القريب، والاستفادة من الفرص الاستثمارية التي يمتلكها كلا منهما.
وبلغ حجم التبادل التجاري حالياً بين البلدين اللذين يشتركان في الإشراف على مضيق هرمز، أكثر من مليار دولار سنوياً في نهاية العام الماضي، مقارنة بنحو 200 مليون دولار في 2006. ويوجد في عُمان 259 شركة إيرانية مسجلة تمارس نشاطا تجاريا في البلاد. وشهدت فعاليات معرض المنتجات العُمانية (أوبكس 2016) في الثلث الأخير من الشهر الماضي في العاصمة الإيرانية مشاركة 80 شركة عُمانية، ناشطة في مجال النفط والغاز والبتروكيميائيات والمواد الغذائية والطبية والأسمدة، وصناعات البناء والشؤون المصرفية والخدمات اللوجستية، إلى جانب عدد من المؤسسات الحكومية ذات العلاقة، وعدد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وكان الهدف من المعرض زيادة العلاقات التجارية مع إيران، خاصة في أعقاب الانفتاح الاقتصادي الذي تشهده بعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها مؤخراً، وتعزيز الصادرات المحلية لأسواق جديدة، من خلال التعريف بالشركات العُمانية للمستوردين والوكلاء وأصحاب الأعمال، حسبما قالت المؤسسة العامة للمناطق الصناعية العُمانية في بيان.
وقال باسم بن علي الناصري، مدير عام التسويق والإعلام في المؤسسة العامة للمناطق الصناعية، في بيان منفصل انه تم على هامش المعرض توقيع 5 اتفاقيات تعاون في مجالات تقنية المعلومات والهندسة والمقاولات والنفط والغاز والأغذية.
ومعرض «أوبكس» يعد إحدى الخطوات المهمة لترويج المنتج العُماني في مختلف الأسواق الخارجية. وتعمل اللجنة المنظمة لهذا المعرض على الخروج بجملة من الأفكار التي تسهم في تعزيز القطاعات الصناعية وتوطيد الشراكات مع مختلف المؤسسات الإقليمية والعالمية.
وعُمان من الدول الست المؤسسة لمجلس التعاون الخليجي في 1981، وهي تحتفظ بعلاقات جيدة مع دول المجلس، مما يضمن لها بعض الدعم في الجانب الاقتصادي الذي يزداد تراجعاً بسبب تراجع عائدات االنفط.
وكانت دول الخليج خصصت 10 مليارات دولار في عام 2011 لمساعدة عُمان على تحسين أوضاعها، ولكن القليل منها قدم فعلا.
ولم يستبعد خبير اقتصادي خليجي، فضل عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع، أن يؤثر التقارب العُماني والإيراني على العلاقات الاقتصادية مع بعض الدول الخليجية الأخرى، قائلا «ما تزال هناك علاقات تجارية غير رسمية وغير معلنة بين بعض هذه الدول وإيران».
ويعتقد محللون أن يساهم افتتاح خط للملاحة البحرية بين مينائي بندر عباس (جنوب إيران) وخصب (شمال عُمان) في تنشيط حركة التجارة والتصدير، ويعد خطوة جيدة لتطوير صناعة السياحة بين البلدين. ودشنت سلطنة عُمان وإيران نهاية الشهر الماضي خط العبّارات الثاني (خصب – بندر عباس) وذلك على هامش اجتماع اللجنة الاقتصادية العُمانية – الإيرانية المشتركة في دورتها الـ 16 في العاصمة الإيرانية طهران.
ويقول طه عبدالغني، الخبير الاقتصادي والمدير العام لشركة «نماء» للاستشارات المالية (مقرها قطر)، ان العلاقات التجارية والاستثمارية بين عُمان وإيران، في تحسن مستمر في ظل حالة الحراك الاقتصادي الحالي. وأضاف في اتصال هاتفي ان توقيع العديد من الاتفاقيات المشتركة مؤخراً من شأنه أن يكون منطلقاً للمزيد من التعاون الاستثماري بين البلدين، مستفيداً من المناخ السياسي بينهما لتحقيق فوائد اقتصادية وتجارية.
وتابع «إيران تعتبر سوقاُ مهما بالنسبة للشركات العُمانية نظراً، لقوتها الشرائية الكبيرة نتيجة وجود كثافة سكانية مرتفعة، وفي المقابل تمثل عُمان أهمية خاصة لإيران نتيجة موقعها الإستراتيجي خاصة وأن موانئها منفتحة على أسواق آسيا وأفريقيا».
وحسب تصريحات لوزير الصناعة والمناجم والتجارة الإيراني، محمد رضا نعمت زاده، نهاية الشهر الماضي نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا)، فإن سلطنة عُمان ترغب بالاستثمار في قطاعات المناجم والنفط والبتروكيميائيات في إيران. وأضاف ان إيران وسلطنة عُمان وقعتا مسودة اتفاقية لبناء سوق إيراني بالقرب من مسقط، ومن المقرر ان يتم بناوءه في أرض تبلغ مساحتها 20 ألف متر مربع. من جانبه أعلن وزير التجارة والصناعة العُماني، علي السنيدي، في تصريحات على هامش افتتاح معرض المنتجات العُمانية في طهران، عن رغبة بلاده في استيراد المواد الغذائية من إيران، وقال «طهران قادرة على تلبية حاجات مصانع الأغذية العُمانية من المواد الخام».
وكان الوزير قد اعتبر في وقت سابق أن حجم التبادل التجاري بين عُمان وإيران يعد دون مستوى الطموح، مؤكداً أن السلطنة تسعى إلى تعزيز التعاون الاقتصادي، ورفع هذا السقف خلال الفترة المقبلة.
وتعتزم إيران وسلطنة عُمان إنتاج أول سيارة مشتركة بينهما من طراز «دنا» وذلك بعد إنشاء خط الانتاج في منطقة دقم الحرة في السلطنة، للتصدير لأسواق دول شرق أفريقيا واليمن، حسب الملحق التجاري الإيراني في سلطنة عُمان عباس عبدالخاني.