جاءت الرسالة التى وجهها الرئيس عبد الفتاح السيسى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 19 سبتمبر الحالى للشعب الإسرائيلى وقيادته بأن يتم إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية وأن تكون هناك دولة فلسطينية تعيش فى سلام بجوار دولة إسرائيل بمثابة رسالة تذكير قوية للعالم أجمع بأن هناك قضية عادلة لشعب لايزال يقبع تحت الاحتلال لابد من حل مشكلته, هذا هو جوهر الرسالة وأتمنى ألا ينتهى الأمر عند هذا الحد بل يجب أن تؤدى إلى إيجاد قوة دفع نحو تحرك جاد من جانب الأطراف المباشرة والمعنية بهذه القضية وهى أطراف سبعة يجب على كل منها أن يتحرك طبقا لطبيعة دوره ومسئوليته (مصر ـ إسرائيل ـ السلطة الفلسطينية ـ الجامعة العربية ـ الولايات المتحدة ـ روسيا ـ أوروبا ) .
أولا بالنسبة لمصر فإنى أؤكد مرارا أننا نتحرك فى هذه القضية باعتبارها قضية أمن قومى مصرى ويجب أن تكون إحدى أولوياتنا حتى تصل إلى الحل السياسى المقبول , أما المهمة الملقاة على كاهلنا فهى أن نبدأ تحركا مع جميع الأطراف للوصول إلى مبادئ وأسس للحل مقبولة من الجميع يمكن أن تؤدى بنا إلى استئناف التفاوض , وأرى أن هذه هى المهمة الأصعب ولكنها الأهم ونحن قادرون على إنجازها.
ثانيا بالنسبة لإسرائيل: فالحكومة الحالية التى أعلم مدى تشددها عليها أن تعيد تقييم الموقف وتدرك أن هذا الاحتلال لا يمكن أن يستمر للأبد وأن أمن إسرائيل فى النهاية أو تطوير علاقاتها العربية بالشكل الذى تريده مرتبط بحل القضية الفلسطينية , والمطلوب من إسرائيل ألا تتعامل مع هذه الرسالة بشكل سطحى يرحب بها فقط ولكن عليها أن تحدد رؤيتها الشاملة للحل بما يضمن أمنها ولكن دون إجحاف بحق الشعب الفلسطينى فى أن تكون له دولة مستقلة ذات سيادة متواصلة الأطراف قابلة للحياة عاصمتها القدس الشرقية.
ثالثاً بالنسبة للجانب الفلسطيني: يجب عليه أن يعلن ( مرة أخرى ) رؤيته للحل بالشكل العملى القابل للتطبيق دون التنازل بالطبع عن المبادئ الرئيسية المعروفة وفى إطار الحلول التى سبق أن طرحت للعديد من القضايا ومن الضرورى إعادة بلورتها جميعا فى رؤية متكاملة وذلك بالتنسيق مع الدول العربية المعنية , ولا يفوتنى هنا أن أتعرض إلى أن القرار الفلسطينى المدعوم بالموقف العربى يجب أن يكون مؤسسا على وحدة الصف الفلسطينى وهى مسألة وإن كانت تواجه بعض المشاكل إلا أنها حتمية حتى يكون التوجه الفلسطينى أكثر تماسكاً وأعمق قوة وتأثيرا.
رابعا بالنسبة للجامعة العربية: من الواضح أن مسألة الإجماع العربى على حل قضية بعينها أصبحت عملية معقدة للغاية ولكن هناك إجماعا سابقا على حل القضية الفلسطينية تأسيسا على مبادرة السلام العربية المطروحة فى قمة بيروت عام 2002 وبالتالى يجب على الجامعة العربية إعادة طرح هذه المبادرة بالصورة التى يتفق عليها كل أو معظم الدول العربية ومدى إمكانية أن تكون هذه المبادرة هى أساس التحرك العربى فى المرحلة المقبلة طبقا لآليات واقعية تحقق النتائج المرجوة .
خامساً بالنسبة للولايات المتحدة: أعلم أن اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية يعد عائقا أمام أى تحرك أمريكى جاد فى عملية السلام ولكن يجب أن تعلم واشنطن أنها الطرف الرئيسى المؤثر فى هذه القضية فى ضوء علاقاتها المميزة مع إسرائيل وأنها لم تبذل الجهد المطلوب لحل هذه القضية خاصة أن المفاوضات التى كانت ترعاها متوقفة منذ أكثر من سنتين , ومن ثم على الولايات المتحدة أن تعلن رغبتها فى رعاية المفاوضات من الآن على الأسس التى يتفق عليها الأطراف
سادسا بالنسبة لروسيا: من الواضح أن التركيز الروسى ينصب بشكل كبير على الوضع فى سوريا وهو ما سيجعلها أكثر انشغالا به فى المرحلة المقبلة الحاسمة , ومن المعروف أن روسيا تمتلك رؤية واحدة متعلقة بحل القضية الفلسطينية وهى عقد المؤتمر الدولى للسلام فى الشرق الأوسط وهى رؤية أصبحت خارج نطاق الحل الواقعى لا سيما مع الرفض الإسرائيلى المطلق للفكرة وعدم تأييد واشنطن لها.
سابعاً بالنسبة للدول الأوروبية: نشير إلى أن فرنسا طرحت فى الفترة الأخيرة ما يسمى «المبادرة الفرنسية» وتم عقد اجتماع وزارى بشأنها فى أوائل يونيو الماضى ولكن هناك معوقات واضحة أمام وضع هذه المبادرة موضع التنفيذ خاصة الرفض الإسرائيلى القاطع لها، وهو ما لن يجعلها الخيار المناسب للحل , إذن يجب على الدول الأوروبية أن تعيد تقييم الموقف وتبحث مدى إمكانية صلاحية المبادرة الفرنسية للحل من عدمه وعلى هذا الأساس يتم التحرك من جديد سواء السير فى النهج نفسه (دون نتائج حقيقية) أو اللجوء إلى بدائل أخرى .
وفى النهاية لا يمكن لى وأنا أطرح هذه الرؤية والأدوار المطلوبة من كل طرف أن أقلل من حجم المعوقات التى تواجهها وبصفة خاصة التشدد الإسرائيلى الرافض أى حلول لا تتوافق مع مطالبه لا سيما الأمنية , ولكن لا يمكن لنا أن نظل نتحدث عن أهمية حل القضية الفلسطينية دون أن يكون هذا الحديث مرتبطا بضرورة التحرك المضنى الذى يشبه التحرك فى حقل ألغام ولكن حان الوقت للتحرك الجاد وأن يقوم كل طرف بمسئولياته.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية