ثابت:أكثر من 150 خطأً وملحوظة في كتاب واحد من المناهج الجديدة
غزة / كتب : د. زياد ثابت وكيل وزارة التربية والتعليم بغزة / قبل عام تقريباً تم تشكيل اللجنة الوطنية لإصلاح التعليم ولم يتم تمثيل الوزارة في غزة في هذه اللجنة. وفي بداية العام 2016 وبعيداً عن غزة تم تقديم مقترح لتطوير إجراءات امتحان الثانوية العامة ، ورغم ذلك أبدينا ملحوظاتنا على المقترح وأرسلناها للوزارة في الضفة وانتظرنا أربعة أشهر لنسمع الرد لكن للأسف لم يتواصل معنا أحد لمناقشة ملحوظاتنا المهنية والجوهرية. رفعنا صوتنا المهني بمشاركة المجتمع وأصحاب العلاقة عبر الإعلام حتى وصل هذا الصوت إلى مجلس الوزراء الذي طلب مراجعة المقترح وبالفعل تم إجراء تعديلات جوهرية عليه أخذت بكثير من ملحوظات غزة. نفس الشيء حصل مع تطوير المناهج حيث سار العمل بسرعة كبيرة وتم إعداد وثيقة الإطار المرجعي للمناهج دون إطلاع أصحاب العلاقة، ودون الحصول على إجماع وطني عليها، بل دون نشرها والإعلان عنها. أرسلنا ملحوظاتنا عليها وكان الجواب البدء سريعاً بإعداد الخطوط العريضة لمناهج الصفوف (1-4) وتأليف الكتب الدراسية. تواصلنا وذكرنا لبعض الزملاء أن الوقت قصير والعملية لا تتم وفق المنهجية العلمية، ولدينا ملحوظات أساسية على الإجراءات، لكننا لن نعطل العمل وفي نفس الوقت نؤكد على أن العمل بهذه الطريقة لن يؤدي إلى مناهج تحقق لنا الهدف المرجو. وفي رسالة إلى أحد الزملاء من لجنة إصلاح التعليم أوضحنا موقفنا وملحوظاتنا وأكدنا أن المسؤولين عن المناهج الجديدة سيتحملون كامل المسؤولية عن المنتج النهائي. استمر العمل في إعداد الكتب الدراسية بسرعة كبيرة لم تعط المؤلفين الوقت الكافي للعمل المهني من حيث اختيار المحتوى وعرضه بالشكل المناسب أو حتى مراجعة ما يتم كتابته بصورة مهنية، وقد علقت على ذلك في حينه بأن وزارة التعليم تريد أن تدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية من خلال أقصر وقت لتأليف كتب المرحلة الأساسية الأولى.
خرجت الكتب إلى النور مع بداية العام الدراسي وتحدثت الوزارة في رام الله عن الإنجاز الكبير الذي حققته خلال فترة زمنية قياسية، وبدأ تدريب المعلمين على المناهج الجديدة سريعاً حتى قبل وصول الكتب الجديدة نظراً لضيق الوقت. وبطبيعة الحال خصصت الموازنات لتدريب المعلمين في الضفة على المناهج الجديدة بينما حرمت غزة من ذلك. ومع صدور الكتب ظهرت بعض الأصوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث عن أخطاء وملحوظات على المناهج الجديدة، وكان عدد ما ذكر من أخطاء ليس كبيراً، فانبرت الوزارة تدافع عن مناهجها الجديدة بإيجاد بعض المبررات مدعية أن هذه المناهج تجريبية ومن الطبيعي أن يكون فيها بعض الأخطاء يمكن تجاوزها في الطبعات التالية.
في ضوء ما سمعناه عبر وسائل الإعلام، وفي سياق رسالتنا المهنية اتفقنا في الوزارة في غزة على عقد ورش عمل لتقييم مبدئي للكتب الجديدة حيث إن التقييم الكامل لا بد أن يتم بعد تدريس هذه الكتب وتجريبها على أرض الواقع. وقبل أن يتم ذلك بدأت أتصفح الكتب الجديدة، وبحكم تخصصي بدأت بكتاب الرياضيات للصف الأول لكنني فوجئت بالكم الكبير من الأخطاء والملحوظات التي يمكن أن يكتشفها المتصفح غير المختص والتي تجاوزت بكثير ما تم الحديث عنه في الإعلام. ورغم أنني غير مختص في مناهج المرحلة الأساسية الأولى إلا أنني سجلت أكثر من (150) خطأ وملاحظة على الكتاب الأول الذي بدأت بتصفحه وهو كتاب الرياضيات للصف الأول، حتى إن الجملة الأولى في الفقرة الأولى من مقدمة المؤلفين لم تخل من الأخطاء. والسؤال ما كم الأخطاء والملحوظات التي يمكن أن يبديها ويسجلها أصحاب الاختصاص عند مراجعة وتقييم هذا الكتاب وغيره من الكتب الجديدة؟ الأخطاء والملحوظات في هذا الكتاب كانت متنوعة ما بين أخطاء الطباعة، والأخطاء اللغوية والإملائية، وأخطاء التصميم، بالإضافة إلى الأخطاء العلمية. وغالبية هذه الأخطاء جاء نتيجة وضع المؤلفين تحت سيف الوقت بقرار سياسي وليس مهنياً لإنجاز الكتب قبل بداية العام الدراسي الجديد، فلم يتمكن المؤلفون من إعداد وثائق مناسبة وكاملة للمناهج ولم يكن لديهم الوقت الكافي –رغم اجتهادهم الكبير- للاطلاع على تجارب الآخرين ومناهجهم، واختيار المحتوى والأنشطة والتدريبات المناسبة وعرضها وفق الرؤية العلمية وتطبيقاً لنظريات التعلم التي تم الحديث عنها في وثيقة الإطار المرجعي التي لم يتمكنوا من الاطلاع عليها أصلاً، كما لم يكن لديهم الوقت لمراجعة الكتب بعد طباعتها وتصميمها، مما أخرج هذه الكتب بهذا الكم الكبير غير المبرر من الأخطاء والملحوظات.
من حق الجميع أن يسأل: ما دور من سجلوا أسماءهم في صدر الصفحات الأولى من الكتب الجديدة؟ أعضاء اللجان المختلفة: الإشراف العام، ولجنة المناهج الوزارية، والإشراف الفني والإداري. ماذا سيقول هؤلاء ومعهم أعضاء اللجنة الوطنية لإصلاح التعليم لمن يسألهم عن هذا الكم الكبير من الأخطاء والملحوظات؟ وكيف سيواجهون المعلمين والمشرفين والمجتمع بهذا (الإنجاز)؟ بل كيف سيواجه المعلم طلابه وهو يطلب منهم في كل يوم إجراء تصويب هنا وتعديل هناك. إنها مشكلة كبيرة حين يفقد المعلم والطالب وولي الأمر الثقة في قدرة الوزارة على إعداد كتب دراسية مناسبة. انظروا إلى مناهج الدول المجاورة فقد وضعت على موقع الوزارة في غزة عينات منها لمقارنتها مع مناهجنا الجديدة. ما الذي كان يعيب الوزارة لو أعطت الوقت الكافي لإنجاز المناهج الجديدة مثل الدول التي تحترم طلابها ومواطنيها؟ فمناهج سنغافورة مثلاً كانت أحد المرجعيات المهمة لواضعي المناهج الجديدة، إلا أن سنغافورة عندما بدأت تطوير كتب الرياضيات في عام 2013، وضعت خطة للانتهاء من تطوير كتب الصفوف من (1-6) في العام 2018 أي بمعدل كتاب واحد في العام، وليس كما هو الحال لدى وزارة التعليم في فلسطين التي طورت مناهج المرحلة الأساسية الأولى (الصفوف 1-4) مرة واحدة، وأعدت كتب هذه الصفوف في كافة التخصصات خلال ثلاثة أشهر، وهي فترة زمنية قياسية تمكنها من دخول موسوعة جينيس للأرقام القياسية دون منازع، لكنها أيضا ستدخل هذه الموسوعة بصفتها صاحبة أكبر عدد من الأخطاء في الكتب الدراسية.
إن تجربتنا مع وزارة التعليم في رام الله في ظل حكومة الوفاق الوطني تؤكد بأنها لا ترغب في سماع صوتنا، ولا تهتم بالرد على مراسلاتنا، وغير معنية بمشاركتنا في أمور التعليم المهمة، بل تحرص على إقصاء هذا الجزء من الوزارة والتفرد بالقرارات، إلا أننا سنستمر في أداء رسالتنا وتقديم خدماتنا لأبناء شعبنا، وسنبقى نبدي ملاحظاتنا وبشكل مهني حتى لو عبر الإعلام إلى أن تعدل وزارة التعليم في رام الله من معاملتها لشقها الآخر في غزة ويكون صوت كل من يعمل في التعليم مسموعاً بشكل مهني داخل أروقة الوزارة الواحدة والموحدة.
دولة رئيس الوزراء: هل ستفتخر بهذه المناهج وبها هذا الكم من الأخطاء والملحوظات؟ هل ستنصح المسؤولين في أي دولة ترغب في تطوير مناهجها بالاطلاع على مناهجنا المطورة للاستفادة منها؟ ماذا ستجيب أولياء الأمور والمعلمين والطلبة عندما يسألوك عن هذه الأخطاء والملحوظات؟ أم أن الجواب سيكون الأخطاء بسيطة وسنتجاوزها في الطبعات القادمة؟ ماذا ستجيب الممولين عندما يسألوك عن هذا الموضوع؟ والسؤال الأهم ما الذي ستفعله مع المسؤولين عن هذه العمل؟
وبعد كل هذا هل ستبقى اللجنة الوطنية لإصلاح التعليم (التي من المفترض انتهاء فترة عملها قبل شهر) دون تمثيل للوزارة في غزة؟ هل ستبقى اللجان الفنية التي تشكلها وزارة التعليم في رام الله دون تمثيل مناسب لكفاءات غزة؟ وعندما يكون هناك تمثيل شكلي هل سيبقى اختيار الأشخاص وفق رؤية خاصة ودون مشاورة أصحاب العلاقة في غزة؟ هل ستبقى نظرة وزارة التعليم في رام الله لشقها الآخر في غزة على أنه مكتب تعليم يتم التعامل معه في هذه الحدود؟ إلى متى سيبقى إهمال هذا الجزء من الوزارة بدون موازنات، بدون وظائف، بدون تنسيق، وبدون مشاركة حقيقية؟
ملحوظة: قائمة الأخطاء والملحوظات الخاصة بكتاب الرياضيات للصف الأول الجزء الأول ضمن المنهاج الفلسطيني الجديد بالإضافة إلى نماذج من مناهج راقية لدول عربية موجودة على موقع الوزارة في غزة www.mohe.ps