باتت إسرائيل، كدولة محتلة، أكثر وضوحاً وجلاءً وإفصاحاً عن سياساتها الاستيطانية، وإدارة الظهر لأي جهد دولي أو إقليمي، يهدف لإشاعة روح الأمل، بإمكانية الوصول لحل سياسي سلمي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهنالك مؤشرات، باتت واضحة، على أن ما أعلنه ليبرمان، بشأن سياسة العصا والجزرة، أصبح سياسة إسرائيل المعتمدة، وبأن ثمة إجراءات إسرائيلية، باتت جاهزة للإعلان عنها. 
هنالك جهود دولية، أبرزها المبادرة الفرنسية والدعوة الروسية للرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، لكن لا يوجد ضغط دولي جاد، لتجسيد ذلك. 
إسرائيل تبدو غير آبهة أو جدية، سوى بمحاولة فرض وقائع جديدة، تتجاوز السلطة الفلسطينية والاستقواء عليها، في ظل غياب أي ضغط دولي أو إقليمي.
في ظل ذلك، يبدو الوضع الداخلي الفلسطيني، وبإجماع الجميع، على مختلف مشاربه، وضعاً يحتاج، فيما يحتاج، إلى تجديد أطره وهيئاته على نحوٍ يجعله أكثر قدرة وثباتاً، لمواجهة ما هو قائم، وما هو قادم لا محالة، وهو مصيري بل ووجودي.
لعلّه من البداهة القول، إن الوضع الفلسطيني، يحتاج إلى توحيد الصفوف، وتراصها، وإلى تجديد الهيئات القيادية، عبر المجلس الوطني والانتخابات التشريعية، لكن ذلك ورغم وضوحه، والإجماع عليه، لم يحصل، ولعلّ السبب الجوهري في ذلك يتعلق بتحديد الرؤية السياسية، التي تشكل القاسم المشترك الأعظم للقوى السياسية الفلسطينية الحيّة والفاعلة، رغم اختلاف الرؤى السياسية.
هنالك أزمة قائمة، والأزمة هنا، خطرة، بل وشديدة الخطر، على القضية الفلسطينية ومستقبلها، والخاسر فيها هو الشعب الفلسطيني، بقواه كافة، والمنتصر بها هو الشعب الفلسطيني، بقواه كافة. 
الصراع القائم، بين رؤية الدولتين، وبين محاولة فرض الأمر الواقع، والقفز عن م.ت.ف والسلطة الفلسطينية، هو صراع وجودي حقيقي، وبالتالي، فإن البحث عن هيئات متطورة وقادرة على اتخاذ قرار وطني يمثل الإرادة الفلسطينية، ضمن إطار البيت المعنوي للفلسطينيين جميعاً، م.ت.ف، بات أمراً وطنياً من الدرجة الأولى.
غياب انعقاد المجالس الوطنية، بات أمراً لا يحتاج لا إلى تفسير أو تحليل، ذلك أن عقده، بات يحتاج بالضرورة إلى تجديد هيئاته وأطره، وهو أمر شبه محال في ظل الظروف الداخلية التي نعايشها، وفي ظل انقسام داخلي حاد وعميق، وإلى تطورات الحالة الفلسطينية، في ظل أمواج عاتية، وكل ذلك يقودنا، بالضرورة، للتفكير جدياً وعميقاً، بعقد مؤتمر شعبي فلسطيني عام، موسع، لدراسة حالتنا الفلسطينية من مختلف وجوهها، ومحاولة التوصل لنقاط عمل مشتركة فيما بيننا للتصدي للمرحلة القادمة، وهي مرحلة صعبة ودقيقة، وتحتاج لآليات جديدة، لصناعة القرار الوطني الفلسطيني المستقل.
كانت الفصائلية، وفي مراحل محددة، 1969 ـ 1982، ضرورية وتستجيب لتحديات تلك المرحلة، لكن ما كان فاعلاً وقادراً في مرحلة، لم يعد الآن قادراً أن يقوم، ولو بجزء من المسؤولية الوطنية العامة. هنالك قوى حية قادرة، وتمثل جزءاً من الشعب الفلسطيني، وهنالك طاقات مجتمعية جديدة، شابة في معظمها، ولا يمكن استثناؤها، وهنالك جاليات فلسطينية، خاصة في أوروبا، نتيجة الهجرة القسرية، وكل ذلك يحتاج إلى التأطير، بدلاً من التمسك بالفصائلية، معظمها يعيش على التاريخ، والإنابة الثورية قسرياً.
لا بد من إيجاد، حلول إبداعية، بالمعنى العملي والسياسي في آن، وهي حلول جديدة، لا يمكن لأطر قديمة أن تقوم بها.
الشعب الفلسطيني، شعب مثقف وسياسي، ولديه طاقات حية وقوية وقادرة. 
ماذا لو فكرنا جدياً، بالتداعي لتشكيل لجنة حكماء موسعة، يُجمع على قدرتها الجميع، ويكون دورها الأساس، التفكير بوسائل تكفل لنا الخروج مما نحن فيه، بدءاً من عقد المؤتمر الشعبي العام، ليرسم لنا ملامح ميثاقنا الوطني في المرحلة الراهنة، ورسم آفاق المستقبل، وتحديد آفاق العمل المستقبلي. 
في حال وجود برنامج يشكل القاسم المشترك الأعظم، وهو متوافر دون شك، يمكننا وضع الأطر اللازمة للتحرك الواقعي والمستقبلي في آن.
الأمر بات يحتاج إلى شجاعة، وقدرة على المكاشفة، بعيداً عن المناكفات، أو التذاكي، ذلك أن الخاسر هذه المرة، سيكون الشعب الفلسطيني، والمنتصر به هذه المرة، سيكون الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية.
هنالك أزمة، ولا بد من البحث الجاد، للخروج من هذه الأزمة، فهي أزمة خطرة وخانقة، ولن يأتي الحلّ سحرياً!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد