كانت انتفاضة الحجارة المباركة للشعب الفلسطيني عام 1987م والتي مرغت أنوف جنود الاحتلال بالأرض ولم يتوقعها الاحتلال؛ وكان الأبطال المنتفضين يرجمون جنود الاحتلال بحجارتهم المباركة، مما أربك حسابات العدو والذي عمل جاهدًا مع حليفه الأمريكي، من أجل اجهاض الانتفاضة الشعبية التي استمرت أكثر من سبع سنوات؛ حتي بدأت ارهاصات اتفاقية أوسلو سيئة السمعة والسيط، والتي كان من المفترض أن يكون اتفاق سلام يفضي لقيام دولة فلسطينية بجانب دولة الاحتلال؛ هذا الاتفاق الذي وقعته دولة الاحتلال العنصري (إسرائيل) مع منظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن، في الولايات الأمريكية المتحدة، بتاريخ 13/9/1993 ويسمى أيضاً اتفاق "إعلان المبادئ" لأنه إطار عمل لاتفاقيات أخرى (أوسلو 2 ، الخليل، واي ريفر، شرم الشيخ...الخ) أي أنه إعلان لنية الطرفين بالاعتراف بالآخر وإقامة سلام عادل بالمنطقة، وأما بخصوص أغلب القضايا الجوهرية فستجري مفاوضات لاحقة بحيث لا تزيد عن فترة خمس سنوات قادمة للاتفاق علي اقامة دولة فلسطينية. ولقد كان للرئيس القائد الشهيد أبو عمار الكثير والكثير جدًا من التحفظات علي اتفاقية أوسلو ولكن منظمة التحرير اضطرت اليها لأسباب كثيرة وخاصة تقصير أغلب الحكام العرب تجاه القضية الفلسطينية؛ وكان أبو عمار القائد العربي الوحيد الذي قال لأمريكا لا في عقر دارهم في واي ريفر أو واي بلانتيشن برغم كل الضغوطات التي مورست عليه رحمه الله؛ لأن الأمر حينما تعلق ب القدس الشريف وقف سداً منيعاً رافضاً كل الضغوط العالمية والعربية والدولية؛ ولقد كانت سلبيات كثيرة لاتفاقية السلام علي الشعب الفلسطيني؛ حيث أنها لم تفضي إلى السلام ولم تعطي الشعب الفلسطيني السلام المنشود، وزادت نسبة المستوطنين والمستوطنات بالضفة الغربية المحتلة ثلاثة أضعاف ما كان عليه الوضع قبل أوسلوا، كما غير الاحتلال الطبيعة الديمغرافية والجغرافية في القدس المحتلة وفرض وقائع جديدة على الارض قتلت حل الدولتين نهائياً وتعززت الاستيطان والمستوطنين والمستوطنات بصورة رهيبة ومخيفة وكبيرة، وزاد البطش والقتل والتنكيل والتدمير والتخريب والحصار من الاحتلال للشعب الفلسطيني. كما كان من سلبيات هذا الاتفاق المشؤوم تعطيلاً للعمل المسلح ضد الاحتلال؛ وقد نص الاتفاق أن السلطة يجب عليها أن تمنع أي عمليات مسلحة ضد الاحتلال، والاعتراف بحق “إسرائيل” على 78% من أرض فلسطين التاريخية المحتلة منذ عام 1948م، والاتفاق أجل البث في القضايا المركزية والجوهرية الخلافية مثل القدس واللاجئين وحق العودة، فلم يوضح وضع القدس ووضع اللاجئين وحق العودة، ووضع المستوطنات اليهودية، ولم يضمن للفلسطينيين ممارسة حريتهم بالشكل الطبيعي، ومفهوم الاتفاق أن الضفة و غزة هي أرض إسرائيلية يملك الفلسطينيون الحكم الذاتي عليها، ويعطي الحق لإسرائيل بدخول الضفة الغربية وقطاع غزة متى رأت أنه ضروري، كما يمنع الاتفاق تشكيل جيش ولا يسمح بامتلاك الأسلحة الفلسطينية دون إذن دولة الاحتلال؛ وكان هناك الاتفاق السري قبل العلني وسمي الاتفاق نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرّية عام 1991 – 1993م؛ وتعتبر اتفاقية أوسلو أول اتفاقية رسمية مباشرة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
كان من أسوأ ما انتجته اتفاقية أوسلوا هو إبرام اتفاقية باريس الاقتصادية والتي جعلت الاقتصاد الفلسطيني أسيراً عند الاقتصاد لدولة الاحتلال وتحت رحمته، فيما سمي بـ (بروتوكول باريس الاقتصادي (1994م) ومن بنود قيدت حركة التجارة الفلسطينية وجعلت الاقتصاد الفلسطيني رهينة بيد دولة الاحتلال؛ وبعد مرور أكثر من 22 سنة علي اتفاقية أوسوا ودخول العالم تحولات دراماتيكية كثيرة وصولاً لما يسمي (الربيع العربي) الدموي، ودخول الخليج حربه على الحوثين في اليمن؛ أين تتجه قضيتنا بعد الانقسام الفلسطيني البغيض؟ الذي مر عليه عشر سنوات وبعد انتفاضة وهبة الأقصى؛ هل نحن نسير إلي المجهول؟ وقضيتنا ليست على سلم أولويات العالم أو العرب حتي!! وتراجعت إلي الوراء، لأننا لم نصطلح مع أنفسنا وبعضنا البعض! فهل سيحترمنا العالم الذي هو مع القوي اليوم!، وأصبحنا ككرة في الملعب بين فرق كثيرة يحاول الكل اللعب بنا وأصبحنا المفعول به وليس الفاعل!!، علينا أن نراجع حساباتنا جمعًا وأن نقف وقفة جادة أمام أنفسنا وأن تبدأ خطوات فورية لإعادة الوحدة واللحمة الوطنية وبإنهاء الانقسام، وانتخاب مجلس وطني جديد، وتفعيل دور منظمة التحرير، وتجديد الشرعيات عبر صناديق الاقتراع من خلال الانتخابات البلدية، ثم التشريعية والرئاسية، فلن يرحمنا أحد إن لم نرحم أنفُسنا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية